شمال إسرائيل، وليس جنوب لبنان!
المؤشر 30-11-2024
بقلم : توفيق أبو شومر
قال: “نسي الإسرائيليون حقيقة تاريخية، في الوقت الذي يطرد فيه جيشُ إسرائيل حزبَ الله من جنوب لبنان والحقيقة هي: إن ما يسمى جنوب لبنان هو في الحقيقة شمال إسرائيل، اسم لبنان يعود إلى قرن مضى فقط وضعه المستعمرون البريطانيون والفرنسيون في اتفاقية سايكس بيكو عام 1916م، بينما الحقيقة هي أن صيدا، أو صيدون مدينة يهودية ورد ذكرها في سفر التكوين: (كانت حدود كنعان من صيدون نحو جرار إلى غزة) صيدون (صيدا) هبة من الرب لإسرائيل في سفر يهوشوع، وفي شرح التلمود، صيدا، وصور مدينتان إسرائيليتان، في صيدا مقبرة يهودية تراثية يحج لها اليهود، وهناك قبر النبي صفنيا في جبل صافي، وهناك أقدم كنيس يهودي في صيدا في حارة اليهود”
النص السابق كتبه، ميشيل فروند مستشار مكتب نتنياهو، والصحفي الصهيوني الحاصل على جائزة مسكوفتش وجائزة القدس في صحيفة الجورسلم بوست 18-11-2024م!
أشار الكاتب كذلك إلى جمعية استيطان جديدة ظهرت حديثا، اسمها، يوري تسفون، وتعني يقظة الشمال، هذه الجمعية اليمينية هدفها إعادة استيطان جنوب لبنان، على غرار المؤسسة الاستيطانية الكبرى، (يشع) وهي المؤسسة الاستيطانية الكبرى لاستيطان الضفة وغزة، مع العلم أن كاتب المقال هو مؤسس جمعية، شافي إسرائيل المسؤولة عن اكتشاف القبائل اليهودية العشرة المفقودة في العالم، وقد اكتشف قبيلة في الهند هي قبيلة، بني منشة في مدينة، أمانبور الهندية، تمكن هذا الكاتب من تهجير معظم أفرادها إلى إسرائيل!
تمتد جذور هذه العقيدة الاستيطانية المسيحانية إلى عقيدة الكنيسة المسيحانية الإيفانجيلية، فمعظم المسيحانيين الصهاينة يؤمنون بأن عودة الماسيح مرهونة بانتصار إٍسرائيل وتأسيس أرض الميعاد، لذلك أسس هؤلاء المسيحانيون جمعية لدعم إسرائيل، وهي مسيحانيون لنصرة إسرائيل، ويمكن متابعتها عبر شبكة الإنترنت بكتابة اسمها CUFI وهي تضم أكبر تجمع داعم بالمال لإسرائيل، ويتجاوز عدد أعضائها عشرات الملايين، وهم من أكثر الداعمين للحزب الجمهوري الأمريكي، أي أن الرئيس الجديد، دونالد ترامب هو الناطق الرسمي والمبعوث الإلهي لتحقيق عقيدة هذه الكنيسة، مع العلم أن نتنياهو يواظب في كل المناسبات على تقديم الشكر والامتنان لهذا التجمع المسيحاني الصهيوني!
إن حركة، غوش إيمونيم هي أقوى أسلحة الاستيطان في إسرائيل، فهي تعتبر الاستيطان من أهم أركان الشريعة اليهودية، إن (غوش إيمونيم) أي كتلة الإيمان هي وريثة حركة مزراحي الصهيونية والأب الروحي لحزب المفدال الديني الصهيوني، هذه الحركة الاستيطانية دعت عام 1982م أثناء حرب لبنان إلى إعادة احتلال لبنان لتحقيق النبوءة المسيحانية الاستيطانية، أشارت هذه الكتلة إلى أن لبنان موطن، قبيلة، أشير وهي من القبائل اليهودية العشرة المفقودة حتى اليوم.
الاستيطان عقيدة دينية توراتية تعود جذورها ليس لهرتسل بل لمعلم هرتسل الحاخام، موشيه بن نحمان المولود عام 1194 المتوفى عام 1270م وهو قد أصدر أشهر الفتاوى الدينية في القرن الثالث عشر الميلادي، أفتى بأنه يجوز للرجل اليهودي أن يُطلق زوجته إذا رفضت الهجرة إلى فلسطين!
أما الحاخام يهودا القلعي المتوفي عام 1878م هو الذي نفذ مشروع تأسيس صندوق جمع التبرعات لاستيطان أرض الميعاد، على يد تيار الصهيونية الدينية، حصر الإيمان بالشريعة والتوراة في ثلاثة مراحل من التوبة، التوبة الأولى هي توبة الخوف والشتات في أرض الأغيار، والتوبة الثانية هي توبة الأرض والاستيطان، ثم التوبة الثالثة وهي توبة الحب الأخيرة وهي التوبة في عهد عودة الماشيح
أما سياسيو الحارديم المشاركون في حكومة نتنياهو وأبرزهم، إيتمار بن غفير وسموترتش فهم يرون أن هذه الحرب هي أهم وآخر حروب إسرائيل وهي المقدمة لحرب يأجوج ومأجوج، لذلك يطالبون الجيش بأن يستمر في هذه الحرب ويرفضون أي اتفاقية لوقفها، وهم يعتبرون نتنياهو مبعوثا إلهيا وأحد ملوك بني إسرائيل لتنفيذ المهمة على الرغم من أنه ليس حريديا خالصا، وقد احتفلوا بنجاح خطة تفجير أجهزة البيجر التي يملكها أنصار حزب الله اعتبروها النصر الأول، يلي هذا النصر إعادة استيطان لبنان، كل ذلك مقدمة لعودة الماشيح!
تيار إعادة استيطان لبنان تيار قوي في إسرائيل يضم الحاخام يتسحاق غينزنبورغ، رئيس المدرسة الدينية، يوسيف حاي هذا الحاخام من أبرز كتاب (توراة الملك) وهو أبشع كتاب عنصري، أفتى فيه مؤلفو الكتاب العنصريون بجواز قتل الأطفال والمواليد من غير اليهود (الغوييم) لأنهم سيكبرون على كره إسرائيل ومحاربتها! دعا هذا الحاخام في شهر أكتوبر 2024م إلى اعتبار لبنان كله أرضا يهودية مسلوبة من أرض إسرائيل الكبرى، وإعادة استيطانها من جديد هو مقدمة لمجيء الماشيح!
كذلك لم تغب فكرة استيطان لبنان عن الباحثين والأكاديميين الإسرائيليين فقد اعتبر يوئيل إليتسور، البرفسور في جغرافية أرض الميعاد في الجامعة العبرية عام 2015م وكان مشاركا كضابط في حرب 1982م اعتبر أرض لبنان جزءا من إسرائيل، وكان يوثق الأحداث بناء على هذه العقيدة.
من يتابع القناة 14 الإسرائيلية الموالية لحكومة نتنياهو يكتشف بسهولة أنها تكرس برامجها لاستيطان لبنان، منذ اليوم الأول لإعلان الحرب على حزب الله!
مع العلم أن عقيدة إعادة استيطان لبنان ظهرت عند مؤسسي إسرائيل الأوائل ممن كانوا يسمون يساريين مثل بن غريون، فقد اقتنع بن غريون بأن استيطان لبنان ضروري لإسرائيل لذلك سعى إلى تقسيم لبنان بين الإثنيات والأديان لغرض تسهيل احتلاله، ولكنه لم ينجح نجاحا كاملا في خطته، وقد بحث ذلك مع وزير خارجيته، موشيه شاريت، واتفق الاثنان على مواصلة الجهود لشق لبنان وتقسيمه!
اعتبر المتزمتون الحارديم؛ أن فشل بن غريون في إعادة احتلال لبنان يعود إلى أن الحكومة اليسارية كانت لا تهتم بالتوراة ولا تطبيق الشريعة اليهودية!