(151) دولة تؤكد: لا سلام دون إنهاء الاحتلال
المؤشر 06-12-2025
الكاتب: هبة بيضون
مشروع القرار المتعلق بتسوية قضية فلسطين بالوسائل السلمية، والذي برز في الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة في 25 تشرين ثاني 2025، والذي تقدّمت به كل من الأردن، قطر، السنغال، جيبوتي، موريتانيا ودولة فلسطين، هو إضافة نوعية لمسار الشرعية الدولية نحو إنهاء الاحتلال وتحقيق حل الدولتين. حيث لم يقتصر على التأكيد على مسؤولية الأمم المتحدة التاريخية تجاه فلسطين، بل أنه يضع إطاراً قانونياً وسياسياً واضحاً يرسّخ حق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره، ويرفض جميع أشكال الاحتلال والاستيطان والضم غير المشروع، ويشدّد على حماية المدنيين ووقف العنف من جميع الأطراف، وبذلك، فإنه يمهّد الطريق أمام المجتمع الدولي لإحياء مسار سياسي جاد يقوم على حل الدولتين.
وقد ركّز القرار بشكل خاص على الممارسات الميدانية التي تقوّض فرص السلام، حيث طالب بوقف الأنشطة الاستيطانية وإجلاء المستوطنين، وإنهاء الإجراءات الأحادية التي تغيّر الطابع الديمغرافي للأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة، مع التشديد على وحدة الأرض الفلسطينية وسلامتها.
كما أولى القرار أهمية خاصة لمسألة المساءلة القانونية، داعياً إلى احترام القانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة، وضمان حماية المدنيين الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء، وإنهاء الإفلات من العقاب عن الانتهاكات الجسيمة.
رحّب القرار أيضاً بالجهود الدولية المبذولة لعقد مؤتمرات رفيعة المستوى في نيويورك والرياض وموسكو، وبإطلاق التحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين خلال شهر أيلول عام 2024.
وأشار نص القرار إلى الجهود الفلسطينية التي تبذلها الحكومة لتطوير مؤسسات الدولة الفلسطينية رغم العراقيل التي يفرضها الاحتلال، مع التأكيد على ضرورة المصالحة الوطني. كما شدّد على أنّ حل قضية اللاجئين يجب أن يتم وفق القرار 194، بما يضمن حقوقهم غير القابلة للتصرف.
تبرز تفاصيل القرار إدراك المجتمع الدولي لخطورة استمرار الوضع الراهن وضرورة التحرك العاجل، بما يضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. وتكمن الأهمية الكبرى لهذا القرار بنتيجة التصويت، حيث أيّدت (151) دولة مشروع القرار، مقابل (11) دولة عارضته، فيما امتنعت (11) دولة عن التصويت. هذا الإجماع الدولي الساحق يعكس عزلة الموقف الإسرائيلي، ويؤكّد أنّ المجتمع الدولي بات أكثر وضوحاً وصراحة بدعمه لحقوق الشعب الفلسطيني، وبرفضه لأيّ محاولات لفرض واقع جديد بالقوة أو عبر الاستيطان والضم. كما يرسل هذا التصويت رسالة مفادها أنّ العالم يقف إلى جانب الشرعية الدولية، وأنّ القضية الفلسطينية هي قضية إنسانية عالمية عادلة، ويجب حلها حلاً عادلاً وبصورة عاجلة.
يعكس هذا القرار لحظة فارقة، حيث يتقاطع القانون الدولي مع الإرادة السياسية، أمّا التحدي الأكبر، فيكمن بتحويل هذا الدعم الدولي الملفت، من قرارات ونصوص، إلى خطوات عملية وواقع ملموس، بحيث تضمن إنهاء الاحتلال، وحماية المدنيين، وتحقيق العدالة والكرامة للشعب الفلسطيني.
كما يجب البناء على هذا القرار، الذي يشكّل فرصة تاريخية، ليس فقط لإعادة إطلاق عملية السلام، بل لإرساء قواعد جديدة تطيق على الجميع، تقوم على المساءلة والمحاسبة والالتزام بالقانون الدولي.



