العالم ينزف دماً ومالاً.. أعلى تكلفة اقتصادية للصراعات منذ 25 عاماً
المؤشر 23-11-2025 سجّل العالم في عام 2024 أعلى تكلفة اقتصادية للعنف والصراعات منذ ربع قرن، بعد أن بلغ إجمالي الخسائر 19.1 تريليون دولار وفقاً لتقديرات معهد الاقتصاد والسلام.
ويأتي هذا الارتفاع الكبير —بزيادة 717 مليار دولار عن العام السابق— في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية واشتداد حدة النزاعات، من الحرب المستمرة في أوكرانيا وغزة إلى تنامي الإنفاق العسكري عالمياً.
قفزة غير مسبوقة في الإنفاق العسكري
شكّلت الميزانيات العسكرية الحصة الأكبر من تكلفة الصراع، إذ ارتفع الإنفاق العسكري حول العالم إلى 9 تريليونات دولار بزيادة ضخمة بلغت 540 مليار دولار خلال عام واحد، ورفعت 84 دولة إنفاقها العسكري كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، من بينها النرويج والدنمارك وبنغلادش التي سجّلت أعلى معدلات النمو، وواصلت الولايات المتحدة تصدرها لقائمة الإنفاق الدفاعي بإجمالي 949 مليار دولار، تلتها الصين بـ450 مليار دولار وفق الأسعار المعدّلة بالقوة الشرائية.
أمن داخلي باهظ الثمن.. وتوسع في الإنفاق على الحماية الخاصة
إلى جانب الإنفاق العسكري، ارتفعت تكلفة الأمن الداخلي —التي تشمل أجهزة الشرطة والأنظمة القضائية— إلى 5.7 تريليونات دولار، بزيادة 50 مليار دولار عن العام السابق، كما ارتفع الإنفاق على الأمن الخاص ليصل إلى 1.5 تريليون دولار، مع زيادة قدرها 20 مليار دولار، ما يعكس اتساع اعتماد الحكومات والقطاع الخاص على خدمات الحماية في ظل تدهور الأوضاع الأمنية في عدة مناطق.
خسائر اقتصادية مباشرة لا تقل خطورة
شهد عام 2024 قفزة حادة في خسائر الناتج المحلي الإجمالي المرتبطة بالصراعات، والتي وصلت إلى 462 مليار دولار بعدما زادت بمقدار 141 مليار دولار خلال عام واحد، وبهذا تكون خسائر الناتج قد تضاعفت أربع مرات مقارنة بعام 2008، في إشارة إلى اتساع تأثير الصراعات على الاقتصاد العالمي وسلاسل التوريد والتجارة.
كما بلغت تكاليف جرائم القتل نحو 1.1 تريليون دولار، ورغم ذلك سجلت انخفاضاً طفيفاً بنحو 23 مليار دولار، أما تكلفة الجرائم العنيفة الأخرى —مثل الاعتداءات والسطو المسلح— فقد تراجعت إلى 617 مليار دولار بانخفاض 5 مليارات.
تفاقم أزمة اللاجئين والنازحين داخلياً
استمرت الضغوط الإنسانية في الارتفاع، حيث بلغت تكلفة التعامل مع اللاجئين والنازحين داخلياً نحو 343 مليار دولار، ويأتي ذلك بينما وصل عدد الأشخاص المشرّدين قسراً حول العالم إلى 122 مليون شخص، وهو رقم يزيد بأكثر من الضعف مقارنة بعام 2008، ما يضع ضغوطاً مالية غير مسبوقة على الدول المضيفة وعلى أنظمة المساعدات الدولية.
تكاليف إضافية
بلغت تكلفة السجون على مستوى العالم نحو 142 مليار دولار، بزيادة طفيفة قدرها ملياران. كما وصلت تكلفة وفيات الصراعات إلى 56 مليار دولار مع ارتفاع واضح في أعداد القتلى إلى أعلى مستوى في 25 عاماً.
وفي المقابل، شهدت تكاليف برامج بناء السلام انخفاضاً لتصل إلى 30 مليار دولار، وكذلك تراجعت الإنفاقات الخاصة بالأسلحة الصغيرة إلى 22 مليار دولار، وحفظ السلام إلى 16 مليار دولار، كما انخفضت تكلفة الإرهاب إلى 8 مليارات دولار بعد تراجع الهجمات في عدد من المناطق.
صورة اقتصادية قاتمة.. واتجاه عالمي نحو مزيد من العسكرة
تُظهر هذه البيانات أن العالم يتجه نحو مزيد من العسكرة والاعتماد على الحلول الأمنية، في وقت ترتفع فيه التكاليف الإنسانية والاقتصادية معاً.
ويؤكد تقرير معهد الاقتصاد والسلام أن تكلفة العنف أصبحت تعادل ما يقارب ربع الناتج المحلي الأميركي، وتتجاوز إجمالي الإنفاق العالمي على الصحة والتعليم مجتمعين.
ومع استمرار النزاعات واتساع الفجوات الاقتصادية والاجتماعية، تبدو تكلفة الصراعات مرشحة للارتفاع في السنوات المقبلة، ما لم تتجه الدول إلى استثمارات أكبر في برامج الاستقرار والتنمية وبناء السلام.



