الهند وباكستان... دولتان نوويتان على حافة الحرب فما هي تداعياتها الاقتصادية والسياسية؟

الهند وباكستان... دولتان نوويتان على حافة الحرب فما هي تداعياتها الاقتصادية والسياسية؟

المؤشر 06-05-2025   يتصاعد التوتر بين الهند وباكستان عقب هجوم مسلح على مجموعة من السيّاح في منتجع باهالغام الواقع في منطقة كشمير الخاضعة للإدارة الهندية، وتنذر الحرب المحتملة بين الدولتين النوويتين بتداعيات سياسية واقتصادية تهدد أمن البلدين والقارة.

إزاء ذلك، سارعت الحكومة الهندية إلى اتخاذ سلسلة من الإجراءات الحازمة ضدّ باكستان، شملت تعليق العمل بمعاهدة مياه نهر السند، وإغلاق المعبر الحدودي البري الرئيسي بين الجارتين، وخفض أعداد الديبلوماسيين، إضافة إلى ترحيل الباكستانيين المقيمين في الهند.

وأفادت صحيفة Times of India، نقلاً عن مصادر في قيادة القوات الجوية الهندية بأن القوات وضعت في حالة تأهب قصوى على طول الحدود مع باكستان.

عرض القوة الصاروخية

في ظل التوتر المتصاعد بين القوتين النوويتين الآسيويتين أجرت باكستان، تجربة صاروخية للمرة الثانية في ثلاثة أيام وقالت الهند إنها أمرت العديد من الولايات بإجراء تدريبات أمنية في وقت تتزايد فيه المخاوف من مواجهة بين البلدين بعد هجوم كشمير.

في ظل ذلك، حذرت وكالة موديز للتصنيف الائتماني من أن الأزمة المرتبطة بالعنف في كشمير قد تؤدي إلى انتكاسة للإصلاحات الاقتصادية التي تقوم بها إسلام اباد.

أسباب التوتر

وتدهورت العلاقات بين الجارتين المسلحتين نووياً منذ أن قتل مسلحون 26 شخصاً في 22 أبريل/ نيسان في هجوم استهدف سياحاً من الهندوس في الشطر الهندي من إقليم كشمير.

ويُعد هذا الهجوم الأعنف الذي يستهدف مدنيين في الهند منذ ما يقرب من 20 عاماً.

واتهمت الهند باكستان بالتورط في الهجوم، ونفت إسلام آباد هذه الاتهامات وقالت إن لديها معلومات مخابرات تفيد بأن نيودلهي تعتزم شن عمل عسكري ضدها قريباً.

مع تراشق الرسائل، تبادلت الدولتان إغلاق الحدود البرية والمجال الجوي وتعليق التجارة، وتبادلتا كذلك إطلاق النار بأسلحة خفيفة عبر الحدود في كشمير.

مصدر في الحكومة الهندية قال لرويترز، الاثنين 5 مايو/ أيار، إن وزارة الداخلية طلبت من العديد من الولايات إجراء تدريبات أمنية في السابع من مايو/ أيار لضمان الجاهزية المدنية دون أن يذكر أي ولايات ودون أن يأتي على ذكر باكستان أو كشمير.

وأضاف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه أن التدريبات تشمل إطلاق صفارات الإنذار للتحذير من غارات جوية وخطط إخلاء وتدريب السكان على الاستجابة في حالة التعرض لأي هجمات.

وفي وقت سابق، قال الجيش الباكستاني إنه اختبر صاروخ سطح-سطح من طراز "فاتح" يصل مداه إلى 120 كيلومتراً، وذلك بعد يومين من الإطلاق الناجح لصاروخ سطح-سطح باليستي من طراز "عبدلي" يصل مداه إلى 450 كيلومتراً.

وقال رئيس الوزراء شهباز شريف إن الإطلاق التجريبي الناجح للصاروخ "أوضح أن الدفاع الباكستاني في أيد قوية".

من جانبه، أبلغ وزير الإعلام الباكستاني عطاء الله تارار الصحفيين بعدم وجود قناة تواصل مفتوحة حالياً مع الهند.

اللجوء إلى مجلس الأمن

مع تزايد التوتر، قررت باكستان إبلاغ مجلس الأمن الدولي بشكل رسمي بأحدث التطورات في جنوب آسيا. حيث ستقدم  إسلام آباد عرضاً حول التصرفات العدوانية للهند واستفزازاتها المتكررة التي تشكل تهديدًا خطيراً على الأمن والسلام الإقليمي والعالمي. كما ستسلط الضوء على محاولة الهند غير القانونية والأحادية لتعليق معاهدة مياه السند، وهو انتهاك واضح لالتزاماتها الدولية.

 

ووفق وسائل الإعلام المحلية، ستدعو باكستان مجلس الأمن إلى ممارسة مسؤوليته الأساسية في الحفاظ على السلام والأمن الدوليين من خلال اتخاذ التدابير المناسبة للتعامل مع هذه التطورات المثيرة للقلق.

كشمير نقطة الصراع

ويقع إقليم كشمير في منطقة جبال الهيمالايا ولا يزال منذ عقود سبباً لأعمال عسكرية بين الهند ذات الأغلبية الهندوسية وباكستان المسلمة، حيث تطالب كل منهما بالسيادة على الإقليم بالكامل لكنهما تتقاسمان السيطرة عليه.

تبلغ مساحة هذا الإقليم 242.000 كم مربع، وعدد سكانها أكثر من 15 مليون نسمة. نحو 90% منهم من المسلمين، و8% من أتباع الديانة الهندوسية، و1% من أتباع البوذية.

ويعد نهر السند أحد أطول أنهار القارة الآسيوية، لترسيم الحدود بين الهند وباكستان المسلحتين نووياً في كشمير.

الهند لطالما اتهمت جارتها بدعم انفصاليين إسلاميين يقاتلون قوات الأمن في الشطر الخاضع لسيطرتها من الإقليم. وتقول باكستان إنها لا تقدم سوى الدعم الدبلوماسي والمعنوي لسكان كشمير الذين يسعون إلى تقرير مصيرهم.

كلفة اقتصادية

للحروب والتوترات تداعيات اقتصادية لا مفر منها، وفي هذا السياق، قالت وكالة موديز إن الأزمة قد تضر بالاقتصاد الباكستاني الذي يبلغ حجمه 350 مليار دولار، والذي يسير على طريق التعافي بعد الحصول على برنامج إنقاذ حجمه سبعة مليارات دولار من صندوق النقد الدولي العام الماضي ودرء خطر التخلف عن السداد.

وأضافت الوكالة "التصعيد المستمر في التوتر مع الهند سيضغط على الأرجح على النمو الاقتصادي في باكستان ويعرقل جهود الحكومة الحالية لضبط الوضع المالي مما سيصيب التقدم الذي أحرزته باكستان صوب تحقيق الاستقرار في الاقتصاد الكلي بانتكاسة".

وتابعت الوكالة قائلة "الزيادة المستمرة في التوتر قد تعيق أيضاً حصول باكستان على تمويل خارجي وتضغط على احتياطات النقد الأجنبي".

ويأتي هذا بعد يومين من تقرير لرويترز جاء فيه أن الهند طلبت من صندوق النقد إجراء مراجعة بشأن القروض لباكستان.

في المقابل، لا تتوقع موديز أن يشهد الاقتصاد الهندي تأثيرات سلبية كبرى نظراً "للعلاقات الاقتصادية الضئيلة" التي تربطها بباكستان لكن زيادة الإنفاق الدفاعي قد يضغط على قوة نيودلهي المالية ويبطئ ضبط أوضاع المالية العامة.

دور إيران

وجاء الاختبار الصاروخي في باكستان خلال زيارة لوزير الخارجية الإيراني، الذي قال في وقت سابق إن بلاده مستعدة لمساعدة نيودلهي وإسلام آباد على "صياغة تفاهم أكبر" بعد هجوم كشمير.

وبعد زيارته لباكستان للقاء مسؤولين كبار، سيزور الوزير الإيراني الهند يوم الخميس. وقالت روسيا اليوم الاثنين إنها تتابع بقلق بالغ الموقف بين الهند وباكستان وإنها تثمن علاقاتها بالبلدين.

القوة النووية

قوة البلدين العسكرية لا يستهان بها ولهذا يحسب للصراع بين البلدين كلفة دامية، حيث يحتل الجيش الهندي المرتبة الرابعة عالمياً بينما يحتل نظيره الباكستاني المرتبة الـ12 بين أقوى جيوش العالم، وكلاهما يمتلك قوات جوية ضاربة، إضافة إلى ترسانة نووية.

يتجاوز عدد سكان الهند 1.4 مليار نسمة، بينهم أكثر من 662 مليون نسمة قوة بشرية متاحة في حين يبلغ عدد أفراد الجيش الهندي 1.4 مليون جندي فاعل و1.1 مليون جندي في قوات الاحتياط.

في المقابل يتجاوز عدد سكان باكستان 252 مليون نسمة، بينهم أكثر من 108 مليون نسمة قوة بشرية متاحة وتعداد جنود الجيش الباكستاني في الخدمة 654 ألف جندي، إضافة إلى 550 ألف جندي في قوات الاحتياط.

القوة النووية التي تعتبر مفصلية في أي صراع في العصر الحديث يمتلك منها الجيش الهندي من 90 الى 110 رأساً حربياً نووياً، في حين تبلغ ميزانية الدفاع ومعدل الانفاق السنوي للجيش الهندي 75 مليار دولار أميركي.

أما بالنسبة للترسانة النووية التي يمتلكها الجيش الباكستاني فتبلغ بين 90-110 من الرؤوس الحربية النووية فيما تبلغ ميزانية الدفاع الباكستانية 7.640 مليارات دولار أميركي.

الصراع على المياه

أوجه الصراع متعددة بين البلدين الجارين، حيث ذكرت مصادر مطلعة لوكالة رويترز أن الهند بدأت العمل على ‏تعزيز القدرة الاستيعابية للخزانات في مشروعين لتوليد الطاقة ‏الكهرومائية في منطقة كشمير الواقعة في جبال الهيمالايا، وذلك بعد ‏أن أدت موجة جديدة من التوتر مع باكستان إلى تعليق معاهدة لتقاسم ‏المياه.‏

وكانت نيودلهي قد علّقت الشهر الماضي العمل بمعاهدة مياه نهر ‏السند الصامدة منذ عام 1960 بين الخصمين المسلحين نووياً والتي ‏تضمن إمداد 80% من الحقول الباكستانية بالمياه. وجاء التعليق ‏بعد هجوم في كشمير أسفر عن مقتل 26، وحددت الهند هوية اثنين ‏من المهاجمين الثلاثة على أنهما من باكستان.‏

إثر ذلك، هدّدت إسلام أباد باتخاذ إجراء قانوني دولي بسبب تعليق العمل ‏بالمعاهدة ونفت أي ضلوع لها في الهجوم، محذرة من أن "أي محاولة ‏لوقف أو تحويل تدفق المياه المخصصة لباكستان... ستعتبر عملاً من ‏أعمال الحرب".‏

وقالت المصادر إن عملية "تنظيف للخزانات" لإزالة الرواسب بدأت ‏يوم الخميس، وتنفذها أكبر شركة هندية للطاقة الكهرومائية، وهي ‏شركة (إن.إتش.بي.سي المحدودة) التي تديرها الدولة، بالتعاون مع ‏السلطات في ولاية جامو وكشمير الاتحادية.‏

ومن المحتمل ألاّ يشكل العمل تهديداً فورياً للإمدادات إلى باكستان، ‏التي تعتمد على الأنهار المتدفقة عبر الهند في الكثير من أعمال الري ‏وتوليد الطاقة الكهرومائية، ولكن قد تتأثر الإمدادات في نهاية ‏المطاف إذا تم اتخاذ إجراءات مماثلة في مشروعات أخرى.‏