الملكة… في مواجهة الظلم الدولي
المؤشر 01-10-2024
المؤشر : رامي مهداوي
في مقابلتها الأخيرة مع لينزي ديفيس على شبكة ABC Newsالأمريكية بتاريخ 24 أيلول 2024 ، أثارت الملكة رانيا العبدالله قضايا ملحة حول ازدواجية المعايير في التعامل الدولي مع الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، موجهة نقدًا لاذعًا للسياسات العالمية التي تتجاهل معاناة الفلسطينيين وتوفر غطاءً لإسرائيل.
هذه المقابلة ليست مجرد بيان سياسي، بل دعوة صريحة للتغيير الجذري في كيفية التعامل مع الصراع، وتعكس مواقف ثابتة لطالما دافعت عنها الملكة في مسيرتها الإنسانية. لكن ما يميز حديثها هذه المرة هو التركيز العميق على التحليل والمقارنة بين ما يحدث في فلسطين والتجارب الدولية الأخرى، ما يضفي مزيدًا من الثقل الأخلاقي والسياسي على حججها.
ركزت الملكة في حديثها على غزة، مشيرة إلى أن الحصار المستمر منذ سنوات يُعد أحد أطول وأقسى أشكال الحصار في التاريخ الحديث. في مقارنة دقيقة بين الكثافة السكانية في غزة وتلك في مدن كبرى مثل نيويورك، أوضحت الملكة كيف أن المدينة الصغيرة التي تعاني من أزمات إنسانية متفاقمة تتعرض لقصف كثيف ومستمر، وصفته بأنه تجاوز بكثافته القصف الذي شهدته أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية. هذه المقارنة تهدف إلى إظهار أن ما يحدث في غزة ليس نزاعًا عاديًا بل مجزرة مستمرة، تُغلق أمام أهلها أبواب الحياة الكريمة وتُعرضهم للعنف اليومي دون رحمة.
من المهم النظر إلى هذه المقارنة في سياق التحليل الأوسع الذي تقدمه الملكة: العالم لم يعد يتفاعل مع الأزمات وفقًا لمبادئ العدالة العالمية، بل بات يستجيب حسب موقع الضحية على الخريطة السياسية. في حين أن أوروبا شهدت تضامنًا عالميًا وإعادة إعمار واسعة بعد الحرب، تُترك غزة لمصيرها تحت الأنقاض، دون أي أفق للتغيير. هنا تأتي نقطة التحليل المهمة: إذا كان العالم قد تعلم من دروس الحروب المدمرة، فلماذا يُغض الطرف عن مذبحة غزة؟
تطرقت الملكة رانيا في حديثها إلى مفهوم “الدفاع عن النفس” الذي تطرحه إسرائيل كتبرير لأعمالها العسكرية، متسائلة بوضوح: هل الدفاع عن النفس يعني تدمير حياة آلاف الأبرياء؟ في سياق هذا التحليل، أكدت الملكة أن الرد الإسرائيلي على أحداث السابع من أكتوبر غير متناسب وغير مبرر أخلاقيًا. وأشارت إلى ازدواجية التعامل الدولي، حيث تُعتبر معاناة الفلسطينيين أمرًا “عاديًا” بينما تُحيط المأساة الإسرائيلية بتعاطف عالمي واسع.
دعم المجتمع الدولي غير المشروط لإسرائيل، وخاصة من الولايات المتحدة، يسمح لها بمواصلة سياساتها دون أي محاسبة. هذه الازدواجية تُعمّق الأزمة، وتجعل من عملية السلام بعيدة المنال. وهنا تقدم الملكة مقارنة إضافية ذات بعد أخلاقي وسياسي: إذا كانت الدول الغربية قد أدانت روسيا على أفعالها في أوكرانيا، فلماذا تتجاهل الجرائم التي تُرتكب بحق الفلسطينيين؟