سلاح المقاومة والقرار 2803

سلاح المقاومة والقرار 2803

المؤشر 29-11-2025  

الكاتب: السفير حكمت عجوري

كما كان متوقعا تمكن الرئيس ترمب وبدون اي اعتراض من احد من تحويل خطته العشرينية الى قرار مجلس امن يحمل رقم 2803 وذلك لان امريكا ما زالت تتربع على العرش الدولي وهي تمسك بقرار الحسم لاي اشكال دولي ان هي فعلا ارادت ذلك بالقوة او بالعقوبات ولكن بالطبع باستثناء اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال ، خصوصا وان امريكا كانت قد حسمت في الماضي اشكالات مشابهة وبدون اللجوء الى مجلس الامن ودمرت دول بدون اللجوء الى مجلس الامن وفوق ذلك دَفًعَتها ثمن التدمير كما حصل في العراق وهو ما يعني ان استصدار مثل هذا القرار من مجلس الامن لا يعني ابدا انه قرار دولي ملزم ويهدف الى حل الصراع الشرق اوسطي الذي اصبحت امريكا فيه طرف منحاز وليس وسيط بل وربما المايسترو لهذا الصراع .

فقدان القرار المذكور لاي مصداقية لانهاء الصراع تكمن في تجاهله لاهم الاسس لميثاق المنظمة الاممية وهو عدم جواز احتلال اراضي الغير بالقوة العسكرية وفي نفس الوقت تجاهل باقي القرارات السابقة ذات الصلة وتحديدا القرار 181 او على الاقل القراراين 242 و 338 ، ومع ذلك تمكن القرار مشكورا من تخفيف شراسة حرب الابادة الصهيونية النتنياهوية ضد الشعب الفلسطيني وهذه هي الايجابية الوحيدة الملموسة لغاية الان على الرغم من انه والى هذه اللحظة لم يتمكن من وقف هذه الابادة بالكامل وربما كان ذلك هو اقصى ما يمكن للرئيس ترمب تحقيقه ليس فقط بسبب قيود عقد المصالح الذي ما زال قائم بين الصهيونية وامريكا منذ ما بعد حرب سنة 1967 وانما ايضا بسبب ما يخفيه نتنياهو في جعبته من ادوات ابتزاز للرئيس ترمب والله اعلم .

والسؤال اذا لماذا لجأت امريكا هذه المرة الى مجلس الامن مع انها قادرة لو ارادت على حل الصراع الشرق اوسطي بمجرد التلويح بالعقوبات والاجابة على ذلك ببساطة هو ذر للرماد في عيون الملايين من شعوب العالم وخصوصا الشعب الامريكي الذين خرجوا الى الشوارع على مدار السنتين الماضيتين دفاعا عن الحق الفاسطيني انتصارا منهم للانسانية التي حاولت الة الاعلام الصهيوني وبتوجيه من نتنياهو و نظامه الفاشي في اسرائيل قتلها تحت ذرائع واكاذيب عادة ما يبدع نتنياهو في صناعتها والتي لم تعد تنطلي على هذه الشعوب .

الى ما سبق اضيف بان لمجلس الامن هيبته وذلك على الرغم من عجزه ولكنها هيبة ما زالت قائمة وبالتالي فهو يمنح شرعية ولو شكلية لكل الشركاء الجدد (امام شعوبهم) الذين يريد ترمب اقحامهم في هذا الصراع من اجل مشاركته في حمل وزر هذه الابادة واصلاح ما ممكن اصلاحه من دمار بشري وحجري استرضاء للصهيونية بشكل عام وحماية للمجرم الفعلي نتنياهو بشكل خاص الذي ارتكب هذه الابادة خدمة لاهدافه الشخصية بعد ان غلفها بهدف استراتيجي صهيوني وهو عدم اقامة دولة للفسطينيين على حدود الرابع من حزيران وكل ذلك لم يعد سرا ومن اجل ذلك وظف نتنياهو دهائه في صناعة الذرائع ونجح في اقحام الغرب الرسمي وعلى راسه بالطبع امريكا لمساندته ودعمه لتحقيق هذه الاهداف بذريعة الدفاع عن النفس.

ما ذكرته يؤكد على صحته مباركة نتنياهو شخصيا للقرار المذكور كونه على يقين بان هذا القرار يحمل بين ثناياه كل الخدع الممكنة لافلاته ونظامه الفاشي من تبعات حرب الابادة خصوصا وان امريكا التي تعتبر اكبر المساهمين في هذه الابادة هي من يتبنى هذا القرار وسوف تحرص على تنفيذه بما يخدم ذلك بداية بمحاولة ابعاد الشرعية الفلسطينية التي هي صاحبة الولاية والحق الاخلاقي والسياسي والتاريخي في كل ذرة رمل غزية وبالتالي ضرورة وجوب استرجاعها دون مواربة الى باقي جسدها الفلسطيني بعد ان تم خطفها من قبل حركة حماس خدمة لاهداف اخوانية بدليل تسهيلات شارون لانجاح انقلاب حماس سنة 2007 ليس حبا في حماس وانما خدمة لهدف استراتيجي صهيوني وهو اخراج ملايين الغزيين من المعادلة الديمغرافية ما بين النهر والبحر تاسيسا لمنع اقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران على اعتبار ان تكون غزة هي الدولة الفلسطينية وتحميل حماس المسؤولية الكاملة عن ذلك امام العالم.

ما سبق يقودني الى حقيقة اصبحت دامغة وهي ان المشكلة في كل ما يجري وما نحن فيه هو حركة حماس التي ما زالت تاخذها العزة بالاثم خصوصا وانها ما زالت تكابر وتدخل الافخاخ الصهيونية الواحد تلو الاخر فبعد فخ الانقلاب (شارون) دخلت فخ السابع من اكتوبر (نتنياهو) والان تسير نحو فخ اخر يصممه نتنياهو بالتنسيق مع ترمب وهو سلاح المقاومة وهي تسير بخطى حثيثة نحو هذا الفخ ان هي لم تتدارك ذلك الان خصوصا بعد ان بلعت طعم التفاوض مع ممثلين ترمب على الرغم من اعلان ترمب مؤخرا عن عزمه على تصنيف حزب الاخوان حزب ارهابي وباقصى العبارات وهو ما يعني الاعلان بانتهاء دور هذا الحزب ورفع الحماية الامريكية عنه وهو ما سيمنح ترمب الحق وبغطاء دولي على تدمير هذا الحزب وفروعه بما في ذلك ما يسمى بسلاح المقاومة وذلك بذريعة مكافحة الارهاب .

حماس للاسف الشديد ما زالت لم تتعلم من اخطائها التي تحولت الى خطايا بسبب تكرارها دون اي اختلاف في خواتيمها المدمرة بدأ بانقلابها الاسود الذي ما زالت دماء ضحاياه لم تجف وانتهاء بطوفانها الذي جرف غزة بشرا وحجرا ومرورا بكل حروب غزة منذ انقلاب حماس التي اعطت لدولة الاحتلال المبررات لارتكاب افظع جرائم الحرب وجرائم ضد الانسانية بحق اهلنا الذين ابتلاهم الله بحكم حماس في غزة بذريعة الدفاع عن النفس تلرة وذريعة الانفاق وخطرها على امن الاحتلال تلرة وذريعة الصواريخ تارة اخرى ويبدو ان الذريعة الجديدة خرجت مؤخرا للسطح وهي ذريعة استعادة حماس قبضتها على غزة مع انها مدمرة.

ان عودة حماس الى الصف الوطني والخروج من الصف الاخواني الذي اصبح يصنف وبدون فخر حزب ارهابي في معظم دول العالم ، هو اقل ما يمكن لاي عاقل في داخل حماس وخارجها ان يتوقعه من قادة حماس الان وذلك رأفة بالذين ما زالوا يدفعون ثمن اخطاء حماس وخطاياها من الابرياء في غزة والان في الضفة التي تعاني من ارهاب المستوطنين في النهار واقتحامات جيش الاحتلال الصهيوني الفاشي في الليل للمدن والمخيمات التي يُهَجر اهلها قسرا بذريعة مكافحة الارهاب والبحث عن سلاح المقاومة الذي وللاسف وبسبب سوء ادارة حماس لهذا السلاح وسوء اسستخدامه تحول الى سلاح تدمير بدلا من التحرير.

حركة حماس بدون شك فشلت في مهمتها في المقاومة تماما كما فشلت في الحكم والادارة والسياسة وهو فشل للاسف تتوج بما وصلت اليه الامور في غزة والضفة وهو ما يلزم حماس كفصيل منتخب وبدون تردد بخلع ثوبها الاخواني والاعتراف بفشلها والاعتراف ايضا بان الشعب الفلسطيني وحدة متكاملة وسر قوته ليست بالسلاح وانما في حقه الاخلاقي والتاريخي والدولي في تقرير مصيره واقامة دولته وعاصمتها القدس وان تعود حماس للصف الوطني الفلسطيني تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية بصفتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وذلك باعتراف كل دول العالم بما فيها دولة الاحتلال .