ليس إقصاءً سياسيًا بل ضرورة وطنية عليا لضمان الخدمات والتنمية واستمرار التمويل الدولي

ليس إقصاءً سياسيًا بل ضرورة وطنية عليا لضمان الخدمات والتنمية واستمرار التمويل الدولي

المؤشر 29-11-2025 

باسم حدايدة

صادَق الرئيس الفلسطيني على قانون انتخاب مجالس الهيئات المحلية رقم (23) لسنة 2025، والذي دخل حيّز النفاذ فور نشره في الجريدة الرسمية، لتُجرى الانتخابات المحلية المقبلة بموجبه. ويُعدّ هذا القانون محطة مفصلية في مسار تطور الحكم المحلي، إذ يفرض للمرة الأولى على جميع المرشحين سواء كانوا ضمن قوائم انتخابية أو مترشحين بشكل فردي في البلديات والمجالس القروية تقديم إقرار خطي بالالتزام ببرنامج منظمة التحرير الفلسطينية واحترام قرارات الشرعية الدولية، وذلك استنادًا إلى المادة (16) من القانون.

هذا الشرط أثار نقاشًا واسعًا وجدلاً على الساحة الفلسطينية، وتباينت حوله المواقف؛ فهناك من رأى فيه خطوة وطنية وقانونية وإدارية تحمي المشروع الوطني، وتعزز استقرار الحكم المحلي، وتضمن استمرار التنمية. في المقابل اعتبره آخرون شكلًا من أشكال الإقصاء السياسي قد يحول دون مشاركة بعض القوى المعارضة او الافراد في الانتخابات.

يأتي شرط الإقرار في مرحلة شديدة الحساسية، تعمل فيها السلطة الوطنية الفلسطينية عللى اجراءات اصلاحيه وعلى ضمان الوحدة السياسية والانسجام السياسي شرطًا للحفاظ على استقرار هذه المؤسسات وحماية وحدة الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وبالالتزام بقرار مجلس الأمن المتعلق بوقف الحرب على غزة، إضافة إلى متطلبات خطة الرئيس ترامب للسلام التي تنص على عدم مشاركة القوى المسلحة ومنها حركة حماس واسبعادها من مؤسسات الحكم في الضفة الغربية وغزة. وذلك باعتبار ان الهيئات المحلية أحد مكونات الحكم والادارة.

القانون الجديد أعاد فتح نقاش معمق داخل الساحة الفلسطينية نظرًا لكونه يمنح شرط الإقرار بعدًا وطنيًا وسياسيًا، في ظل الانقسام الداخلي وتعقيدات الحكم المحلي وضغوط المجتمع الدولي. ويُنظر إلى الشرط بوصفه ركيزة لتعزيز استقرار قطاع الحكم المحلي، وضمان استمرارية الخدمات الأساسية، وحماية المصالح العليا للشعب الفلسطيني المرتبطة بوحدة الأرض والشعب، وبالحفاظ على شبكة العلاقات الدولية للهيئات المحلية.

من المهم الإشارة إلى أن شرط الإقرار لا يتضمن اشتراط الاعتراف بمنظمة التحرير كممثل شرعي أو الانضمام لمؤسساتها السياسية. فمكانة المنظمة ثابتة ومحصّنة باعتراف فلسطيني وعربي ودولي، ولا حاجة لمطالبة المواطنين بالاعتراف بها. جوهر الإقرار هو احترام الشرعية الدولية والتزامات منظمة التحرير فقط، دون أي اشتراطات سياسية إضافية.

في ظل التهديدات التي تطال وحدة الأراضي الفلسطينية وتعقيدات المشهد السياسي، تبرز المصلحة الوطنية باعتبارها الأولوية القصوى. فالسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير لا يمكنهما فرض شرعيتهما باستخدام القوانين أو عبر واقع القوة او عبر القرارات ، لأن ذلك يهدد بخسارة التأييد العام. النظر والتصرف بحكمة والتوازن بين احترام حقوق الشعب وفق القانون الأساسي الفلسطيني، الذي ينص بوضوح على أن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وأن السلطة ملتزمة بالاتفاقيات الدولية.

بحسب قانون الهيئات المحلية رقم (1) لسنة 1997، تمتلك السلطة الفلسطينية الصلاحية الكاملة في رسم السياسات العامة التنموية والمالية والإدارية للهيئات المحلية. وبما أن الهيئات المحلية جزء من منظومة الحكم والادارة على المستوى المحلي ، فإن توافق سياساتها مع السياسات الوطنية يُعد شرطًا أساسيًا لضمان استمرارية الخدمات والتنمية.

 

الخطر الأكبر يظهر عند تعارض السياسات بين السلطات المحلية المنتخبة والسياسات العامة للدولة؛ إذ تعتمد الغالبية الساحقة من مشاريع الهيئات المحلية على التمويل الدولي الخاضع لرقابة صارمة. أي تضارب قد يؤدي إلى وقف التمويل أو فرض شروط إضافية تتعلق بالالتزام بالشرعية الدولية. وبالتالي، فإن عدم الانسجام قد يعرض البلديات والمجالس القروية لمخاطر جسيمة، مثل توقف المشاريع، أو تجميد التمويل، أو وقف العلاقات مع الجهات المانحة.

حيث ترى السلطة الوطنية الفلسطينية ان شرط اقرار الترشح المتعلق بمنظمة التحرير ليست اداة للاقصاء بل اطارا للحماية ، وأن هذا الشرط لا يتناقض مع القانون الأساسي، بل ينسجم معه ويعزز مسار الإصلاح السياسي والإداري، ويرفع من شرعية الهيئات المحلية المنتخبة ويزيد فرص قبولها دوليًا، بما يعزز قدرتها على تقديم خدمات أفضل للمواطنين.

من المحتمل ان السلطة والوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير لن تتراجع عن ادراج هذا الشرط وتنفيذه او حتى تعديل الصياغة كما تتطالب بعض مكونات العمل المجتمعي .

بات في حكم المؤكد التوجه لاجراء الانتخابات المحلية خلال 6 شهور القادمة ، وان السلطة الوطنية لن تجازف او تخاطر بمستقبل مؤسساتها وشعبها ، بدات فعليا المكونات السياسية والمجتمعية فعليا التحضير لخوض الانتخابات .