«القهوة» اقتصاد دافئ في دول باردة.. من يشرب أكثر حول العالم؟
المؤشر 23-11-2025 تبقى القهوة واحدة من الطقوس اليومية التي تمنح ملايين البشر لحظة هادئة وسط الضجيج، ومع توسّع موجة القهوة المختصّة وصعود سلاسل المقاهي الكبرى خلال السنوات الأخيرة، عاد النقاش حول الدول الأكثر شغفاً بالكافيين، وكيف تحوّل هذا المشروب إلى عنصر ثقافي واقتصادي له أثر ممتد أبعد من مجرد فنجان صباحي.
شهدت الأسواق العالمية خلال العقد الماضي تركيزاً متزايداً على جودة القهوة وتنوّع طرق تحضيرها، بينما أصبحت القهوة جزءاً من أسلوب الحياة، خصوصاً في المدن الباردة.
وتسلّط البيانات العالمية الضوء على دول لا يشرب سكانها القهوة فقط، بل يحيطونها بطقوس اجتماعية متوارثة، ما يجعل الاستهلاك مؤشراً على نمط حياة أكثر منه عادة غذائية.
أوروبا الشمالية في الصدارة
بحسب بيانات وورلد أطلس، تكاد كل الدول الأكثر استهلاكاً للقهوة تقع في شمال أوروبا، إذ إن المناخ البارد ومساحة كبيرة من اليوم تُقضى في أماكن مغلقة، ما يفسّر ارتباط القهوة بالدفء والرفقة والروتين.
فنلندا.. عاصمة القهوة في العالم
تتصدر فنلندا القائمة بمتوسط يبلغ نحو 12 كيلوغراماً للفرد سنوياً، هنا تصبح استراحة القهوة حقاً يومياً، وتتحول القهوة ذات التحميص الفاتح إلى جزء من الثقافة الوطنية.
النرويج.. الضيافة في فنجان أسود
يليها النرويجيون بقرابة 9.9 كيلوغرامات للفرد، تعتبر القهوة السوداء موجودة في كل مكتب ومنزل، ومرتبطة بترحيب الضيوف وبمواجهة الشتاء الطويل.
آيسلندا.. مقاومة السلاسل العالمية
يحافظ الآيسلنديون على استهلاك يقترب من 9 كيلوغرامات، في سوق يرفض هيمنة المقاهي العالمية، ويحتفي بالمقاهي المحلية التي تشكل جزءاً من الحياة اليومية في ريكيافيك.
الدنمارك وهولندا.. دفء اجتماعي بطابع محلي
في الدنمارك، نحو 8.7 كيلوغرام، ترتبط القهوة بروح «الهيوغا»، أي لحظات الراحة والدفء العائلي، أما هولندا 8.4 كيلوغرام، فهي صاحبة تقليد وقت القهوة المصحوب بالحلوى، إلى جانب تاريخ طويل في تجارة البن.
السويد.. ثقافة الـ«فيكا»
يستهلك السويديون نحو 8.2 كيلوغرامات سنوياً، وتُعد «فيكا»، استراحة القهوة مع قطعة حلوى، واحدة من أشهر العادات التي تجسّد التوازن في نمط الحياة.
سويسرا.. دقة في فنجان
بمعدل 7.9 كيلوغرام، تبرز سويسرا بثقافة قهوة تعتمد على الابتكار في آلات الإسبريسو، مع حضور قوي لـ«كافيه كريما» في المقاهي.
بلجيكا ولوكسمبورغ.. القهوة بطعم الشوكولاتة
تستهلك بلجيكا نحو 6.8 كيلوغرام للفرد، بينما تسجل لوكسمبورغ 6.5 كيلوغرام، وغالباً ما ترافق القهوة حلويات غنية تجعل كل استراحة لحظة فاخرة.
كندا.. الاستثناء الوحيد خارج أوروبا
تأتي كندا عاشراً بمتوسط 6.5 كيلوغرام للفرد، ما يدل على ثقافة قهوة متنوعة تجمع بين سلاسل كبرى مثل «تيم هورتونز» ومقاهٍ محلية نشطة في المدن والبلدات الصغيرة.
عن واردات العالم من القهوة وأنواعها
تُظهر الواردات العالمية من البن المحمّص وغير منزوع الكافيين ارتفاعاً مستمراً من 11.1 مليار دولار في 2020 إلى أكثر من 15.4 مليار دولار في 2024، وهو ما يدل على توسعاً واضحاً في سوق القهوة الجاهزة للشرب أو للاستهلاك الفوري داخل المنازل والمقاهي.
ومن الجدير بالذكر، أن الدول الأوروبية في مقدمتهم فرنسا، هم من يحتلون المراكز الأولى من أنواع القهوة.
تبدو واردات البن المحمّص منزوع الكافيين مستقرة نسبياً وتتحرك من 0.68 مليار دولار في 2020 إلى 0.83 مليار دولار في 2024.
ورغم أن القيمة أقل بكثير من القهوة العادية، فإن الاستقرار مع ارتفاع طفيف يعبّر عن توجه اجتماعي مهم، وهو زيادة الطلب على خيارات صحية أو معتدلة الكافيين، خصوصاً بين الشرائح الأكبر سناً أو المستهلكين الذين يشربون القهوة لأسباب اجتماعية أكثر من كونها منبهاً.
وتقفز واردات البن غير المحمّص وغير منزوع الكافيين من 18.8 مليار دولار في 2020 إلى أكثر من 34.1 مليار دولار في 2024.
تدل هذه الزيادة الضخمة الارتفاع الكبير في الطلب العالمي على البن الأخضر من قبل شركات التحميص في أوروبا وأميركا الشمالية، وهي مناطق لا تُنتج البن لكنها تسيطر على صناعة التحميص والتسويق
على الرغم من أن القيمة منخفضة نسبياً مقارنة بالبند السابق، فإن واردات البن منزوع الكافيين غير المحمّص ترتفع من 0.65 مليار دولار في 2020 إلى 1.02 مليار دولار في 2024.
أما بالنسبة لمستحضرات القهوة والمستخلصات، فتتقدم واردات مستحضرات القهوة، مثل القهوة الفورية والمركزات، من 2.13 مليار دولار في 2020 إلى 2.77 مليار دولار في 2024.
ويدل ذلك على زيادة الطلب على القهوة السريعة التحضير خصوصاً في بيئات العمل والمدارس والمدن ذات الوتيرة السريعة.
وتشهد مستخلصات القهوة الأساسية أحد أكبر معدلات النمو، من 5 مليارات دولار في 2020 إلى 7.74 مليار في 2024.
الخلاصة، تُظهر هذه البيانات أن القهوة لم تعد مجرد مشروب يومي، بل أصبحت صناعة ذات أبعاد ثقافية واقتصادية عالمية، ترتبط بالعادات الاجتماعية ونمط الحياة، وتتحكم فيها سلاسل التحميص والتجارة الدولية، خاصة في الدول الباردة التي تحوّل فنجان القهوة إلى لحظة دفء ورفقة.



