كيف تطورت خطط سرقة المتاحف؟ اللوفر نموذجاً

كيف تطورت خطط سرقة المتاحف؟ اللوفر نموذجاً

المؤشر 22-10-2025   كان متحف اللوفر قد فتح أبوابه في باريس منذ 30 دقيقة فقط عندما تسلق لصوص يرتدون سترات صفراء سلماً مثبتاً

على شاحنة إلى شرفة الطابق الثاني ليقوموا بسرقة مجوهرات التاج الفرنسي، من بين كنوز أخرى.

احتاج اللصوص أربع دقائق لدخول الغرفة وفتح صندوقين يعرضان جواهر نابليون، واستولوا على تسع قطع تبلغ قيمتها 88 مليون يورو (102 مليون دولار)، ثم هربوا عبر السلم المثبت على الشاحنة

كانت السرقة مثالاً واضحاً على كيفية استهداف اللصوص المؤسسات الثقافية، ليس بالضرورة من أجل لوحاتها الثمينة، بل من أجل القطع الأثرية التي يمكن تفكيكها أو صهرها للحصول على أجزائها الثمينة.

نفذ لصوص آخرون غارة جريئة مماثلة على متحف «القبو الأخضر» التاريخي في دريسدن عام 2019، حيث حطموا صندوقاً زجاجياً بفأس وسرقوا 21 كنزاً ساكسونياً مرصعاً بالألماس، تُقدر قيمتها بما لا يقل عن 113 مليون يورو (128 مليون دولار).

 

تم استرداد العديد من هذه الكنوز بعد سنوات، لكن بعضها لا يزال مفقوداً حتى يومنا هذا، وقد أخبر اللصوص المحققين أنهم لا يعرفون مكان المجوهرات المفقودة.

أوضح ريميجيوس بلاث، سكرتير المجلس الدولي لأمن المتاحف، والذي يُحافظ خبراؤه على تدفق المعلومات عبر قطاع المتاحف الأوروبي حول التهديدات الأمنية وأفضل الممارسات لحماية المؤسسات، قائلاً: «ما شهدناه بالتأكيد خلال السنوات الماضية هو المزيد من التحول نحو سرقة المواد الخام، اللصوص تراجعوا عن سرقة الفن لقيمته الثقافية».

قد تظهر أعمال بابلو بيكاسو، أو بيت موندريان، أو ويليم دي كونينغ بعد سنوات، أو عقود، في قبو مبنى أو خلف باب غرفة نوم متواضعة، لكن المجوهرات والعملات المعدنية والميداليات معرضة لخطر الضياع إلى الأبد.

قالت لورا إيفانز، مؤرخة ومؤلفة متخصصة في جرائم الفن: «أرجح أن هذه الأحجار الكريمة من متحف اللوفر قد تم تفكيكها»، ويشاركها هذا الرأي خبراء آخرون تحدثوا إلى CNN حول القضية.

«لا أعتقد أن اللصوص يكترثون بالأهمية التاريخية أو الثقافية أو العاطفية لهذه الأحجار كما كان في الماضي، ولن يترددوا في تقطيعها إلى أشكال وأحجام مختلفة، هذا أسهل لبيعها، لكن لوحة مسروقة لمونيه من السهل التعرف عليها فوراً».

ووصف بلاث المتاحف بأنها «هدف سهل نسبياً» مقارنةً بالمباني الأخرى شديدة الحراسة، مثل البنوك.

تغيير التكتيكات

استحوذت عمليات السرقة القديمة للمتاحف على خيال الجمهور لبراعتها وجرأتها.

في عام 1990، في متحف إيزابيلا ستيوارت غاردنر في بوسطن، نفذ رجلان يرتديان زي ضباط شرطة أكبر عملية سرقة فنية في التاريخ، حيث سرقا 13 عملاً فنياً، بما في ذلك ثلاث لوحات لرامبرانت ولوحة لفيرمير، ولم يتم العثور عليها أبداً، وعام 1911 أخفى عامل من متحف اللوفر لوحة الموناليزا الصغيرة في معطفه وخبأها مدة عامين.

لكن سرقة اللوفر الجديدة أقرب للهجوم الغاشم، حيث لم يعد الأمر يتعلق بالذكاء وبحث مواطن الضعف في خطط التأمين، بل استخدام القوة مباشرةً.

ما تبقى من أثر المجرمين: مطحنتان، وموقد لحام، وبنزين، وقفازات، وجهاز اتصال لاسلكي، وبطانية، والأهم تاج الإمبراطورة أوجيني، زوجة نابليون الثالث، الذي أسقطه اللصوص في أثناء فرارهم على الدراجات البخارية.

قالت الشرطة إن القطعة الذهبية المزخرفة، المرصعة بـ1354 ماسة و56 زمردة، قد تضررت في السرقة.

يشعر بلاث بالقلق مما يعتقد أنه سرقات «خاطفة» متزايدة العدوانية، حيث يتمكن اللصوص من الوصول إلى المباني باستخدام أدوات صناعية عنيفة، وهذه المرة، وللأسف، خلال النهار، عندما كان المتحف ممتلئاً بالزوار، على عكس السرقات في الماضي التي كانت تتم بعد ساعات العمل الرسمية.

الفشل

قبل سرقة متحف اللوفر، استهدف اللصوص متحف باريس للتاريخ الطبيعي في سبتمبر، وسرقوا قطعاً ذهبية بقيمة 600 ألف يورو (699 ألف دولار)، بالإضافة إلى سرقة خزف صيني عتيق بقيمة 9.5 مليون يورو (11 مليون دولار) من متحف في ليموج، جنوب العاصمة، في الشهر نفسه.

صرّحت جولييت كايم، كبيرة محللي الأمن القومي في الولايات المتحدة إلى شبكة CNN: «إذا كنتَ محققاً في فرنسا، فأنتَ تعمل في هذه المرحلة وفقاً لنظرية أن هذه الجرائم مرتبطة ببعضها بعضاً نظراً لتكرارها وجرأتها وتشابه أساليبها».

أما بلاث فلم يرجح شيئاً «قد تكون هناك صلة بين الجرائم، أو ربما يكونوا مقلدين لاحظوا نجاح عمليات سرقة أخرى».

بالنسبة لوزير العدل الفرنسي، جيرالد دارمانين، تُسلط عملية السرقة الضوء على إخفاقات أمنية محرجة في إحدى أعرق المؤسسات الفرنسية، وقال لإذاعة فرانس إنتر: «يشعر الفرنسييون جميعهم وكأنهم تعرضوا للسرقة، وأننا فشلنا».

أضافت إيفانز أنه على الرغم من أن الكثيرين سينجذبون إلى التفاصيل المثيرة للسرقة، كأي فيلم جريمة مثير، فإن هناك شعوراً عميقاً بالخسارة الوطنية لا ينبغي نسيانه، وأضافت: «أشجع الناس على النظر إلى ما وراء الإثارة في السرقة وكيفية تنفيذها، هناك ثغرة حقيقية في حماية التراث الثقافي وتاريخ فرنسا كأمة».