أستراليا تكشف عن أضخم كنز حديدي في التاريخ بقيمة تتجاوز 5 تريليونات دولار
المؤشر 25-09-2025 أثار اكتشاف رواسب ضخمة من خام الحديد في منطقة هامرسلي بغرب أستراليا اهتمام الجيولوجيين حول العالم، ليس فقط لقيمتها الاقتصادية الهائلة، بل لما تكشفه من أسرار جديدة عن تاريخ الأرض العميق.
ووفقاً للتقديرات، يبلغ حجم الاحتياطي نحو 55 مليار طن متري من خام الحديد عالي الجودة، بقيمة سوقية تتجاوز 5.7 تريليون دولار وفق الأسعار العالمية الحالية. لكن الأهمية الأكبر تكمن في أن هذا الاكتشاف يقلب النظريات الجيولوجية السائدة بشأن كيفية تشكل هذه الثروات المعدنية.
إعادة كتابة تاريخ “الحديد”
كان الاعتقاد السائد أن أغنى تكوينات الحديد في العالم نشأت خلال ما يعرف بـ “حدث الأكسدة العظيم” قبل نحو 2.2 مليار سنة. غير أن دراسة حديثة نشرت في مجلة PNAS، قادها باحثون من جامعتي كولورادو وأستراليا الغربية، أثبتت أن هذه الرواسب تشكلت بين 1.4 و1.1 مليار سنة مضت، أي بعد مئات الملايين من السنين مما كان يعتقد سابقاً.
وأوضح الباحث الرئيسي، ليام كورتني ديفيز، أن التكوين لم يكن نتيجة تفاعلات كيميائية بطيئة، بل جاء نتيجة نشاط تكتوني عنيف رافق تفكك القارة العملاقة “كولومبيا”، ما أدى إلى تدفق هائل للسوائل المعدنية في أحواض بحرية كوّن هذا الاحتياطي خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً.
خام عالي النقاء وتحولات جيولوجية
يقع الاكتشاف في قلب كراتون بيلبارا، إحدى أكثر المناطق استقراراً من الناحية الجيولوجية والمعروفة بوفرة معادنها. ويتميز الخام المكتشف بنسبة حديد تتجاوز 60% مقارنة بـ 30% عند نشأته.
واعتمد العلماء على تحليل نظائر الأوزميوم لتتبع التحولات الجيوكيميائية التي نقّت الخام عبر العصور، بفعل تغيرات مناخية وبحرية وربما نشاط بركاني مكثف.
ارتدادات اقتصادية وتنقيب عالمي جديد
مع تداول أسعار الحديد عند نحو 105 دولارات للطن، من المرجح أن يعزز هذا الاكتشاف مكانة أستراليا كأكبر مصدر للحديد عالمياً لعقود مقبلة. ويتوقع أن تكثف شركات التعدين الكبرى مثل ريو تينتو وبي إتش بي وفورتسكو عملياتها في المنطقة بشكل ملحوظ.
لكن التأثير الأوسع يتجاوز الاقتصاد الأسترالي؛ إذ يقدم البحث نموذجاً جيولوجياً جديداً قد يقود إلى اكتشافات مماثلة في مناطق أخرى مثل كندا والبرازيل وجنوب إفريقيا.
وقال البروفيسور ماركو فيورنتيني، أحد المشاركين في الدراسة: “إذا استطعنا ربط دورات القارات العملاقة بتكوين الثروات المعدنية، فنحن على أعتاب عصر جديد من التنقيب التنبؤي.”



