تراجع التمويل يفتح أبواب الموت.. قفزة مروِّعة في ضحايا الألغام حول العالم
المؤشر 02-12-2025 في وقت تتراجع فيه ميزانيات إزالة الألغام وتضعف برامج المانحين، يتصاعد الخطر الصامت تحت أقدام الملايين حول العالم، فقد كشف تقرير مرصد الألغام الأرضية لعام 2024 عن قفزة مروّعة في أعداد القتلى والجرحى، في أعلى حصيلة تُسجّل منذ سنوات، فيما يستمر استخدام الألغام في ساحات نزاع ملتهبة مثل بورما وأوكرانيا وسوريا.
ومع انكماش التمويل وتباطؤ عمليات التطهير، يجد المدنيون -وخاصة الأطفال- أنفسهم في الخطوط الأمامية لمأساة تتجدد كل عام.
أفاد مرصد الألغام الأرضية بأن 6279 شخصاً قتلوا أو جرحوا بسبب الألغام الأرضية ومخلفات الحرب القابلة للانفجار في 52 دولة ومنطقة العام الماضي، وأن المدنيين شكّلوا 90% من الضحايا ونصفهم تقريباً من الأطفال.
أعلى رقم سنوي منذ عام 2020
وكان إجمالي عدد الضحايا وبينهم 1945 قتيلاً أعلى بنحو 500 ضحية من العام السابق، في أعلى رقم سنوي منذ عام 2020.
ونبَّهت الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية، في بيان، إلى أن التقرير «يكشف عن حقيقة صارخة وهي أن المدنيين هم من يتحملون العواقب، مع تراجع جهود تطهير المناطق الملغومة جراء تراجع الدعم الذي يقدمه المانحون للأنشطة الإنسانية الأساسية».
انسحاب خمس دول من معاهدة حظر الألغام
كما استنكرت الحملة «التحديات غير المسبوقة» أمام الحظر الدولي طويل الأمد على استخدام الألغام الأرضية، بعد أن أعلنت خمس دول من حلف شمال الأطلسي في مارس آذار انسحابها من معاهدة الحظر وسط مخاوف من «عدوان روسي».
وأعلنت الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية أن «معايير معاهدة حظر الألغام تتعرض لتهديد مباشر، حيث إن إستونيا وفنلندا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا بصدد الانسحاب بموجب المادة 20 من المعاهدة».
كما سلطت الضوء على محاولة أوكرانيا «تعليق» امتثالها بسبب الحرب الدائرة منذ نحو أربع سنوات، مؤكدة أن مثل هذا الإجراء «غير مسموح به بموجب المعاهدة».
استمرار استخدام الألغام الأرضية وإنتاجها
وأضافت أن «هذه التطورات، إلى جانب استمرار استخدام الألغام الأرضية وإنتاجها، تُمثل تآكلاً خطيراً للمعيار العالمي الذي أنقذ أرواحاً لا تُحصى منذ عام 1999»، عندما دخلت المعاهدة حيز التنفيذ.
وأكدت رئيسة الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية تامار غابيلنيك، في البيان، أن «التراجع ليس خياراً، لقد قطعنا شوطاً طويلاً، والتكلفة البشرية باهظة جداً».
وأفاد التقرير بأن الزيادة في أعداد الضحايا عام 2024 ترجع بشكل كبير إلى الألغام المستخدمة في دول متضررة من النزاعات خارج نطاق حظر المعاهدة، مثل بورما وسوريا وروسيا، وكذلك من جانب أوكرانيا، الدولة الطرف في المعاهدة.
وخلص التقرير إلى أن روسيا استخدمت الألغام المضادة للأفراد «على نطاق واسع» في أوكرانيا منذ الغزو في فبراير شباط 2022، وأن هناك «مؤشرات متزايدة على استخدام أوكرانيا للألغام المضادة للأفراد»، وإن كان «نطاق هذا الاستخدام غير واضح».
وما لم يكن واضحاً هو عواقب تلك الألغام؛ فقد سجلت أوكرانيا ما يقرب من 300 إصابة بسببها العام الماضي.
وفي الوقت نفسه، سجّلت بورما التي تشهد حرباً أهلية أكبر عدد من ضحايا الألغام الأرضية عالمياً في عام 2024 للعام الثاني على التوالي، مع 2029 قتيلاً وجريحاً، وفق التقرير.
مخاطر كبيرة على المدنيين جراء الألغام الأرضية
بعدها جاءت سوريا، حيث بلغ عدد الضحايا 1015، فقد تعرض المدنيون لمخاطر كبيرة جراء الألغام الأرضية ومخلفات الحرب القابلة للانفجار أثناء عودتهم إلى ديارهم بعد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد، الذي حكم البلاد لفترة طويلة، في ديسمبر كانون الأول، وبعد نحو 14 عاماً من الحرب الأهلية المدمرة.
أزمة التمويل
على الصعيد العالمي، أشار مرصد الألغام الأرضية إلى أن إجمالي المساحة التي تم تطهيرها من الألغام قد انخفض في عام 2024 مقارنة بالسنوات السابقة، «ما يعكس انخفاض التمويل وتزايد انعدام الأمن في المناطق المتضررة».
كما سلط التقرير الضوء على أن مساهمات المانحين لمساعدة الضحايا، والتي لا تمثل سوى 5% من إجمالي تمويل مكافحة الألغام، انخفضت بنحو الربع في عام 2024.
وتفاقمت هذه التحديات في 2025 بسبب الأزمة الحادة جراء تراجع تمويل المساعدات الدولية.
فمنذ عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في بداية العام، خفضت الولايات المتحدة مساعداتها الخارجية بعد أن كانت تقليدياً أكبر مانح في العالم.
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة ليست من بين 166 دولة موقعة على معاهدة حظر الألغام، فإنها كانت الممول الوطني الأكبر لجهود مكافحتها وإزالتها.



