كيف يساعد الذكاء الاصطناعي على منع الجلطات قبل وقوعها؟

كيف يساعد الذكاء الاصطناعي على منع الجلطات قبل وقوعها؟

المؤشر 24-11-2025   يشهد القطاع الصحي تحولاً جذرياً تقوده تقنيات الذكاء الاصطناعي والطب التنبؤي والأجهزة المتنقلة، في وقتٍ تعاني فيه الأنظمة الطبية نقصاً كبيراً في الكوادر وضغطاً متزايداً على المستشفيات.

الاقتصادية، كشف روي جاكوبس، الرئيس التنفيذي لشركة فيليبس، عن ملامح هذا التحول، موضحاً كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يمنع الجلطات والنوبات القلبية قبل حدوثها، وأن يُعيد تصميم نموذج الرعاية التقليدي بالكامل.

الذكاء الاصطناعي بين العلم والمسؤولية الطبية

يؤكد جاكوبس أن الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية لا يعمل مثل أي تقنية أخرى؛ فهو يتطلب مراحل طويلة من الاختبار السريري والتشغيل التجريبي لأنه يتعامل مباشرة مع حياة المريض.

ويشير إلى أنه شارك في مبادرات عالمية لوضع نهج «الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي»، لضمان أن النماذج المستخدمة ليست مجرد خوارزميات، بل أدوات سريرية دقيقة تملك أثراً حقيقياً على المريض.

ويرى جاكوبس أن المشكلة الأكبر ليست التقنية نفسها، بل نقص القوى العاملة الطبية، وهذا ما يجعل الذكاء الاصطناعي عنصراً أساسياً لتعويض هذا النقص، من خلال أتمتة المهام الروتينية التي تستهلك وقتاً كبيراً من الأطباء والممرضات، مثل إدخال البيانات والتوثيق ونقل الملفات بين الأنظمة.

الرعاية الصحية تتحرك إلى حيث يوجد المريض

يتحدث جاكوبس بتفصيل أكبر عن تحوّل الرعاية الصحية إلى نموذج متنقل يعتمد على أجهزة يمكنها الوصول إلى مواقع لا توجد فيها بنية طبية كافية. ويشرح أن فيليبس طوّرت حلول مراقبة تُستخدم في الميدان، وأجهزة موجات فوق صوتية محمولة لإجراء فحص الإيكو في أي موقع، إضافة إلى جهاز MRI متنقل بالكامل بعد الاستغناء عن الهيليوم.

هذه النقلة تسمح، كما يصفها، «بتقريب الطب من الناس بدلاً من إبعاد الناس عن الطب»، خصوصاً في المناطق الريفية أو خلال الكوارث، حيث تصبح القدرة على الوصول إلى المريض أهم من توفر المستشفى نفسه.

إعطاء الزمن للأطباء.. وإعادته للمرضى

يشدد جاكوبس على أن العاملين في الصحة يعانون إرهاقاً كبيراً، وأن التكنولوجيا قد تزيد هذا العبء إن لم تُصمّم لتسهيله.

ويعطي مثالاً واضحاً: الممرضة تمضي ثُلث وقتها تقريباً في مهام إدارية يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتولى معظمها.

ويتحدث عن قدرة الأنظمة على تسجيل الملاحظات صوتياً، وتحويلها إلى بيانات حالة، وملء الملفات تلقائياً، وحتى ترجمة التقارير ونقلها بين الأنظمة دون تدخل بشري.

وفي الأشعة، يوضح أن الذكاء الاصطناعي قادر على فرز الفحوص الروتينية مسبقاً وتحديد الحالات البسيطة، ليُتاح للطبيب التركيز على الحالات المعقدة فقط. بالنسبة له، «الذكاء الاصطناعي ليس أداة تشخيص فقط، بل أداة لاستعادة الوقت».

الطب التنبؤي.. عندما يُكتشف المرض قبل أن يولد

يصف جاكوبس الطب التنبؤي بأنه «التحول الأكثر تأثيراً خلال العقد القادم». فالتكنولوجيا الحديثة أصبحت قادرة على اكتشاف علامات مبكرة قد تسبق الجلطة أو النوبة القلبية بوقتٍ طويل.

يمكن للخوارزميات اليوم رصد انخفاض مستوى الأكسجين، وبداية انسداد الشرايين، وتراكم الكالسيوم في جدران الأوعية، أو اضطرابات دقيقة في القلب.

هذه الإشارات، عند التقاطها مبكراً، تعطي الأطباء فرصة للتدخل قبل أن تتحول المشكلة إلى أزمة.

ويقول جاكوبس إن هذا التغيير يقلل التكاليف على المجتمع، ويمنح المريض سنوات أطول من الحياة بجودة أعلى.

بهذه القدرة التنبؤية، يتحول الطب من رعاية تفاعلية إلى رعاية استباقية، تمنع المشكلة بدلاً من علاجها.

الرعاية الصحية تدخل زمناً جديداً بقيادة البيانات

تبيّن رؤية روي جاكوبس أن الذكاء الاصطناعي بدأ يُعيد تشكيل القطاع الصحي من جذوره.

فالرعاية لم تعد محصورة بمكان، والوقت لم يعد يضيع على الأعمال الإدارية، والتشخيص لم يعد ينتظر ظهور الأعراض.

إنها مرحلة جديدة يقودها مزيج من البيانات، والأجهزة الذكية، والقدرة على التنبؤ، تجعل هدف الطب ليس علاج الأزمة بل منعها.