انحسار مخاوف فقاعة الذكاء الاصطناعي.. وسط ترقّب لجدوى الاستثمارات الضخمة

انحسار مخاوف فقاعة الذكاء الاصطناعي.. وسط ترقّب لجدوى الاستثمارات الضخمة

المؤشر 24-11-2025   تراجعت المخاوف من تحوّل طفرة الذكاء الاصطناعي إلى فقاعة في الوقت الراهن، وذلك بفضل نتائج «إنفيديا» الفصلية القوية التي أوضحت كيف أن رقائقها الضرورية جعلت منها الشركة الأعلى قيمة في العالم.

لكن هذا لا يعني أن شبح فقاعة الذكاء الاصطناعي قد اختفى نهائياً، إذ من المرجّح أن يعود خلال الشهور والسنوات المقبلة، مع استعداد عمالقة التكنولوجيا لإنفاق تريليونات الدولارات على تقنية يعتقد قادة القطاع أنها ستحدد الرابحين والخاسرين في موجة الابتكار المقبلة.

في الوقت الحالي على الأقل، بددت «إنفيديا» المخاوف من أن الهوس بالذكاء الاصطناعي، الذي يدفع أسواق الأسهم وجزءاً كبيراً من الاقتصاد منذ عام، يوشك على الانهيار، بحسب وكالة أسوشيتد برس.

بل إن تقرير الشركة الفصلي أشار إلى اكتساب الإنفاق على الذكاء الاصطناعي مزيداً من الزخم. فقد سجلت «إنفيديا» إيرادات فصلية بلغت 57 مليار دولار، بزيادة 62% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وتمثل هذه الزيادة تسارعاً في وتيرة النمو، مقارنة بالارتفاع السنوي البالغ 56% خلال الفترة من مايو أيار إلى يوليو تموز

وأعلنت الشركة أيضاً توقعاتها لإيرادات تبلغ 65 مليار دولار في الربع الحالي الممتد من نوفمبر تشرين الثاني إلى يناير كانون الثاني، أي بزيادة سنوية قدرها 65%.

وبحسب محللي UBS بقيادة تيموثي أركوري، فإنه «من الصعب جداً تخيّل تراجع سهم إنفيديا عن مساره الصاعد في ضوء توقعات الشركة»، مضيفين أن «موجة الاستثمار في بنية الذكاء الاصطناعي التحتية ترتفع بوتيرة سريعة بحيث تدفع جميع القوارب معها».

وتحظى أرقام «إنفيديا» بمتابعة واسعة تتجاوز مقر الشركة في سانتا كلارا بولاية كاليفورنيا، نظراً لأن منتجاتها تُعد أساسية لمجموعة واسعة من الشركات—بما في ذلك عمالقة التكنولوجيا مثل مايكروسوفت وأمازون وألفابت وميتا—في بناء مراكز البيانات التي باتت تُعرف باسم «مصانع الذكاء الاصطناعي».

وقال جيك بيهان، رئيس أسواق رأس المال في شركة Direxion للاستثمار: «الإنفاق على الذكاء الاصطناعي لا يصمد فحسب، بل يتسارع أيضاً. وهذا تحديداً ما كان السوق بحاجة إلى رؤيته».

الإنفاق على الذكاء الاصطناعي

شهد سهم «إنفيديا» ارتفاعاً أولياً بنسبة وصلت إلى 5% خلال تداولات الخميس، مدفوعاً بالأرقام القوية، كما استفادت أسهم تقنية أخرى مرتبطة بطفرة الإنفاق على الذكاء الاصطناعي. إلا أنّ أسهم «إنفيديا» وتقنيات أخرى عادت لتتراجع لاحقاً خلال الجلسة، بعدما ركّز المستثمرون على عوامل أخرى إلى جانب الذكاء الاصطناعي، من بينها أحدث تقرير للوظائف الحكومية واتجاه معدلات الفائدة خلال الفترة المقبلة.

وعلى الرغم من تراجع سهم الشركة بنسبة 3% بالتزامن مع هبوط السوق الأوسع، لا تزال «إنفيديا» تُقيَّم عند 4.4 تريليون دولار، أي ما يفوق عشرة أضعاف قيمتها قبل ثلاثة أعوام حين أطلقت «أوبن إيه آي» روبوت الدردشة «تشات جي بي تي»، الذي شكّل أكبر تحول تكنولوجي منذ طرحت «آبل» هاتف «آيفون» في العام 2007.

وقد جعل الصعود السريع لشركة «إنفيديا» رئيسها التنفيذي جنسن هوانغ بمثابة الصوت الأبرز في الترويج لثورة الذكاء الاصطناعي، إذ سعى خلال اتصال هاتفي متأخر مساء الأربعاء مع محللين في القطاع إلى التأكيد أنّ الإنفاق لتطوير تقنيات بقدرات شبيهة بالبشر ما يزال في بدايته.

وقال هوانغ: «دار الكثير من الحديث حول فقاعة الذكاء الاصطناعي. لكن من موقعنا، نرى واقعاً مختلفاً تماماً»، مشيداً بـ «عمق واتساع» نمو «إنفيديا».

لا يُعَدّ هوانغ الصوت الوحيد في هذا المشهد. فبحسب تقرير حديث صادر عن شركة «غارتنر»، من المتوقع أن يرتفع الإنفاق العالمي على الذكاء الاصطناعي إلى أكثر من تريليوني دولار العام المقبل، بزيادة قدرها 37% مقارنة بنحو 1.5 تريليون دولار تتوقع شركة الأبحاث إنفاقها خلال العام الحالي.

ومع ذلك، يبقى من غير الواضح ما إذا كان هذا التدفق الضخم من الأموال نحو الذكاء الاصطناعي سيترجم فعلاً إلى الأرباح والإنتاجية التي لطالما وعد بها مؤيدوه. وهو ما يُبقي السؤال مطروحاً عمّا إذا كان كل هذا الإنفاق الفعلي يستحق بالفعل.

وأظهر أحدث مسح لمديري الصناديق العالميين لدى «بنك أوف أميركا» أنّ نسبة قياسية من المستثمرين ترى أنّ الشركات «تفرط في الاستثمار».

أكثر الشركات قيمة في العالم

ورغم أنّ شركات التكنولوجيا الكبرى تحقق أرباحاً هائلة تمكّنها من تمويل موجات إنفاقها اعتماداً على تدفقات إيراداتها المستمرة واحتياطياتها النقدية الضخمة، فإن بعض الشركات، مثل «ميتا بلاتفورمز» و«أوراكل»، تعتمد بدرجة أكبر على الديون لتمويل طموحاتها في مجال الذكاء الاصطناعي. وقد أثارت هذه الاستراتيجية ما يكفي من القلق لدى المستثمرين لتدفع بأسعار أسهمها إلى تراجعات أعمق مقارنة بنظيراتها خلال الأسابيع الأخيرة.

تراجع سهم كلٍّ من «ميتا» و«أوراكل» بأكثر من 20% منذ أواخر أكتوبر تشرين الأول.

لكن عمالقة التكنولوجيا الآخرين الذين يقودون مسار الذكاء الاصطناعي ما زالوا يتموضعون مب4 أمور يجب أن يعرفها المستثمر عن الذكاء الاصطناعياشرة خلف «إنفيديا» و«أبل» في قائمة أكثر الشركات قيمة في العالم، إذ تتراوح القيمة السوقية لكلٍّ من «ألفابت» و«مايكروسوفت» و«أمازون» حالياً بين 2.3 و3.6 تريليون دولار.

وقال كريس زاكاريلي، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة إدارة الأصول «نورثلايت أسيت مانجمنت»: «صحيح أنّ التقييمات مرتفعة وأنّ هناك قدراً من المبالغة في السوق، لكن الإنفاق على الذكاء الاصطناعي حقيقي». وأضاف: «ما إذا كان هذا الإنفاق مبالغاً فيه أم لا، فلن يُعرَف قبل مرور سنوات طويلة».