الحوسبة والطاقة.. عقبتان تهددان تريليونات الدولارات المستثمرة في الذكاء الاصطناعي
المؤشر 11-10-2025 تراهن العديد من الشركات الكبرى في العالم على نجاح الذكاء الاصطناعي في تحقيق مكاسب مستقبلية ضخمة، لكن التطورات السريعة لهذه التقنية الحديثة تواجه عقبتين رئيسيتين، هما؛ التطور الضعيف لقدرات الحوسبة مقارنة بسرعة تقدم الذكاء الاصطناعي، والعقبة الثانية الطلب على الطاقة الذي لا ينمو بالسرعة المطلوبة لتوفير الطاقة المطلوبة لمراكز البيانات.
وبسبب عقبتين الطاقة والحوسبة تتصاعد من وقت لآخر تحذيرات من فقاعة في عالم الذكاء الاصطناعي قد تؤدي لخسائر بعشرات المليارات الدولارات، وجاء أحدث هذه التحذيرات من بنك إنجلترا
وقال بنك إنجلترا إن شركات الذكاء الاصطناعي مبالغ في تقييم أسهمها، مشبهاً الوضع بفقاعة دوت كوم الشهيرة، مشيراً إلى أن أي تصحيح للأسواق يعني خسائر بمليارات دولارات.
قدرات الحوسبة تعرقل الذكاء الاصطناعي
ينمو الطلب على حوسبة الذكاء الاصطناعي الآن بمعدل يفوق ضعفي معدل قانون مور، ما يُسبب نقصاً هائلاً، ولتلبية الطلب الحالي يجب استثمار 500 مليار دولار في مراكز البيانات سنوياً حتى عام 2030.
لعقود كان قانون مور هو المعيار الذهبي للتقدم التكنولوجي، أي أن عدد الترانزستورات في الدائرة المتكاملة يتضاعف كل عامين، لكن الذكاء الاصطناعي كسر هذا القانون.
شهد الطلب على حوسبة الذكاء الاصطناعي نمواً بمعدل يفوق ضعف معدل قانون مور على مدار السنوات العشر الماضية، وتتحول الحوسبة بسرعة إلى السلعة الأكثر قيمة في العالم.
بحلول عام 2028 سيصل الإنفاق العالمي على مراكز البيانات إلى 900 مليار دولار، وتنمو خوادم الذكاء الاصطناعي بمعدل نمو سنوي مركب يزيد على 41%، وينمو السوق بشكل عام بمعدل نمو سنوي مركب يزيد على 23%، ويُمثل هذا نمواً غير مسبوق في هذه الصناعة.
في خضم صفقات الذكاء الاصطناعي اليومية التي تُقدر بمليارات الدولارات، تواجه مراكز البيانات الآن عجزاً في الإيرادات قدره 800 مليار دولار.
ولتمويل بناء مراكز البيانات حتى عام 2030 فقط، نحتاج إلى نحو تريليوني دولار من الإيرادات، وقد أصبحت مراكز البيانات النفط الجديد.
هذا ما يجعل مراكز البيانات قيّمة للغاية في ظل ثورة الذكاء الاصطناعي، وقد ارتفعت تكلفة بناء مراكز البيانات، أي تكلفة بناء المركز نفسه فقط، إلى معدل سنوي قدره 43 مليار دولار، وهذا أعلى بنسبة 322% مما كان عليه قبل 4 سنوات، وهذه التكلفة لا تشمل الرقائق أو الخوادم.
وهناك الآن مراكز بيانات قيد الإنشاء في الولايات المتحدة بقيمة 40 مليار دولار، بزيادة قدرها 400% منذ عام 2022، ولأول مرة ستتجاوز قيمة مراكز البيانات قيد الإنشاء في الولايات المتحدة قريباً قيمة مباني المكاتب، وهذا تحول تاريخي.
نقص الطاقة والذكاء الاصطناعي
ونتيجة لذلك هناك نقص كبير في الطاقة، ومن المتوقع أن تستهلك مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي 1600 تيراواط/ساعة من الطلب على الطاقة بحلول عام 2035، أي ما يعادل 4.4% من إجمالي الكهرباء العالمية.
من المتوقع أن يتضاعف الطلب على الطاقة من مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي أربعة أضعاف خلال السنوات العشر المقبلة، ما يعني أن عالمنا في حاجة ماسة إلى المزيد من الكهرباء.
هذا يثير سؤالين رئيسيين؛ من أين ستأتي كل هذه الأموال؟ ومن أين ستأتي كل الكهرباء؟ وسيتطلب ذلك مزيجاً من الحلول التكنولوجية والاقتصادية والتنظيمية.
وما زالت ثورة الذكاء الاصطناعي في بدايتها، ونتيجة لذلك يكتسب نوعان من التكنولوجيا اهتماماً متزايداً، وهما؛ الطاقة النووية والحوسبة الكمومية.
وعلى عكس الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، تعمل محطات الطاقة النووية على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، ما يُضاهي استهلاك الذكاء الاصطناعي المستمر للطاقة.
وتستغل الحوسبة الكمومية وحدات البت الكمومية لإجراء الحسابات بشكل أسرع بكثير من الرقائق التقليدية، ولكن العالم كان يسير في الاتجاه نحو تقليل الاعتماد على الطاقة النووية، كما أن الحوسبة الكمومية لا تتسارع بسرعة الذكاء الاصطناعي.
ما لم تلحق الحوسبة الكمومية بسرعة تقدم الذكاء الاصطناعي فهذا سيعوق تحقيق المكاسب للشركات، أما طلب الكهرباء فهو حيوي لمراكز البيانات التي أصبحت نفط هذا العصر، وأي تراجع في الطاقة أو الحوسبة سيهدد بخسائر بمليارات الدولارات



