ترجمات

“Counterpunch”: كيف تسرق جماعات الضغط المؤيدة لـ”إسرائيل” الانتخابات الأميركية؟

المؤشر 10-08-2024   موقع “Counterpunch” ينشر مقالاً للكاتبة الحقوقية ميدييا ​​بنيامين، تتحدث فيه عن جهود جماعات الضغط المؤيدة لـ “إسرائيل” على مسار الانتخابات الأميركية التمهيدية، خصوصاً ضد المرشحين المناهضين لـ “إسرائيل” ولإرسال الأسلحة لها.

لقد خسرت النائبة في الكونغرس الأميركي كوري بوش الانتخابات التمهيدية، لأنّ جماعات الضغط المؤيدة لـ”إسرائيل” غمرت السباق بالأموال، وسددت ضربة هائلة للتقدميين الأميركيين وللعملية الانتخابية نفسها. والسيدة كوري بوش هي أول أميركية من أصل أفريقي تشغل مقعد الكونغرس عن مدينة سانت لويس في ولاية ميسوري. وقد برزت كصوت قوي لمصلحة الفقراء وحقوق المرأة والرعاية الصحية والإسكان، وكانت رائدة في حركة “حياة السود مهمة” ومناصرة صادقة للقضية الفلسطينية، وهذا السبب الرئيسي للهجوم الشرس عليها من “إيباك” الخادمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي.

تأتي خسارة كوري بوش بعد خسارة النائب التقدمي عن مقاطعة ويستشستر في ولاية نيويورك جمال بومان في الانتخابات التمهيدية التي جرت منذ نحو شهرين، في إثر انقضاض جماعات الضغط الصهيونية عليه، لأنّه كان منتقداً قوياً للهجمات العدوانية الإسرائيلية على غزة. وقد اقتحمت “إيباك” ولجنتها المسماة خطأً “صندوق مشروع الديمقراطية” مقاطعة ويستتشستر لتنصيب جورج لاتيمر المؤيد لـ”إسرائيل” مكان جمال بومان، وأغرقته بالمال.

ولم تكن الإعلانات ضد بومان تتعلق بانتقاده لجرائم “إسرائيل”، بقدر ما ركزت على تشويه شخصيته، ووصفه بالمتهور، ولا يمكن الاعتماد عليه كعضو في الكونغرس عن الحزب الديمقراطي. وعلى حد تعبير رئيس المعهد العربي الأميركي جيمس زغبي، صُوّر التنافس والسباق الانتخابي “بين شاب أسود غاضب مخيف ورجل أبيض يكبره سناً ويتمتع بهدوء ورصانة”.

في الواقع، لقد حوّلت الجماعات المؤيدة لـ”إسرائيل” الانتخابات التمهيدية التي خاضها بومان إلى أغلى انتخابات في تاريخ الولايات المتحدة، وذلك من خلال إنفاق 17 مليون دولار لأجل فوز لاتيمر. وحين خسر بومان السباق، أعلنت “إيباك” أنّ نتيجة الانتخابات أظهرت أنّ المواقف المؤيدة لـ”إسرائيل” جيدة جداً للمرشح، والمقصود ضمناً أنّ النتائج أظهرت عكس ذلك، وأنّ الجماعات المؤيدة لـ”إسرائيل” قادرة على شراء الانتخابات، وأرسلت رسالة مخيفة إلى كل المسؤولين المنتخبين مفادها أنّ انتقادهم لـ”إسرائيل”، حتى في أثناء تنفيذها الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين، قد يؤدي إلى خسارة مستقبلهم السياسي والمهني.

بعد نجاحها في هزيمة جمال بومان في نيويورك، هاجمت لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية كوري بوش، وتوجهت إلى سانت لويس بولاية ميسوري عازمة على هزيمة امرأة من أصل أفريقي مع أنها أكثر الأصوات تميزًا في الكونغرس بأكمله. كانت بوش أماً عزباء بلا مأوى ولديها طفلان، وناجية من العنف المسلح والعنف المنزلي والاعتداء الجنسي، ثم أصبحت ممرضة وقسيسة. وفي أعقاب مقتل الرجل الأسود الأعزل مايكل براون في فيرجسون عام 2014 بإطلاق النار عليه 6 مرات من قبل شرطي عنصري، أصبحت ناشطة في الخطوط الأمامية لحركة “حياة السود مهمة”. وبعد الاحتجاج في الشوارع لمدة 400 يوم، صعدت إلى الساحة السياسية. وعام 2020، نجحت في الترشح للكونغرس، لتصبح أول أميركية من أصل أفريقي تحتل هذا المقعد في ولاية ميسوري.

وخلال فترتي عضوية كوري بوش في الكونغرس، أظهرت قيادتها على العديد من الجبهات، بما في ذلك العدالة في الرعاية الصحية الإنجابية والإجهاض، وكانت واحدة من 3 نساء أعضاء في الكونغرس شاركن قصصهن الشخصية عن الإجهاض علناً. كما دافعت عن حقوق الإسكان. وعندما أوشكت فترة وقف عمليات الإخلاء للمساكن بسبب كوفيد أن تنتهي، أمسكت بكيس نومها وكرسيها، ونظمت اعتصاماً على درجات مبنى الكونغرس، ما أدّى إلى تمديد فترة وقف عمليات الإخلاء.

لم تكن السياسة الخارجية محور اهتمام كوري بوش، ولكن في أعقاب عملية “طوفان الأقصى” في العام الماضي والهجوم الوحشي الإسرائيلي اللاحق على المدنيين في غزة، دفعها ذلك مضطرة إلى أن تصرخ علناً ضد جرائم الاحتلال الإسرائيلي. وبعد 9 أيام فقط على بدء العدوان على غزة، امتلكت الشجاعة لتقديم مقترح لمشروع قرار بوقف إطلاق النار إلى الكونغرس. وكانت واحدة من بين 9 أعضاء من زملائها الذين عارضوا قرار المجلس بدعم “إسرائيل”. كذلك، قاطعت بوش خطاب بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس ووصفته بأنه “مجرم حرب”.

ونتيجة للدفاع عن الفلسطينيين، وجدت نفسها في مرمى نيران لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية، التي زعمت أنّ كوري بوش كانت الأكثر عدائية بين منتقدي الاحتلال الإسرائيلي منذ دخولها إلى الكونغرس عام 2021، حيث عملت بنشاط على تقويض دعم الحزب الديمقراطي السائد للعلاقة بين الولايات المتحدة والدولة الصهيونية.

 

وقد أنفقت “إيباك” ما يقارب 9 ملايين دولار، معظمها من المتبرعين الجمهوريين الكبار، لشراء إعلانات تشوّه سمعة كوري بوش وتدعم منافسها ويسلي بيل، المدعي العام في مقاطعة سانت لويس. وقد هوجمت بشراسة، وشُوّهت ملامح وجهها، وتلاعبوا بلون بشرتها وبملامحها العرقية في الصور الإعلانية، كما شوّهوا سجلها في التصويت الداخلي في الكونغرس، وأدانوها لعدم دعم مشروع قانون البنية التحتية للرئيس جو بايدن، وأخفوا أن تصويتها كان جزءاً من استراتيجية لكسب التأييد للبرامج الاجتماعية الرئيسية في قانون إعادة البناء بشكل أفضل.

ومن الغريب أنّ الإعلانات الهجومية لم تذكر “إسرائيل” في كل من حالتي بومان وبوش، ولكن إذا كانت “إسرائيل” هي محور التركيز الوحيد للجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية “إيباك”، فما تجنب ذكرها في تلك الإعلانات، إلا لأن أغلب الأميركيين، وخصوصاً في تلك المناطق “الديمقراطية الليبرالية”، يريدون وقف إطلاق النار فوراً، ولا يوافقون على العمليات الوحشية الإسرائيلية في غزة.

وكما قالت المديرة التنفيذية لمنظمة “صوت اليهود من أجل السلام” ستيفاني فوكس في أثناء حشد الدعم لعضو الكونغرس كوري بوش: “لقد كانت بمنزلة طوق النجاة لقيمنا ومبادئنا في الكونغرس، وقد تعرضت للهجوم لأنّ الجماعات المتطرفة اليمينية مثل لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية تشعر بالخوف من الحقيقة”.

ويتفق جيمس زغبي من “المعهد العربي الأميركي” مع هذا الرأي، ويقول إنّ “الجماعات المؤيدة لإسرائيل تخشى الهزيمة، فهي تخسر المناقشة العامة حول السياسات، وخصوصاً بين الديمقراطيين، فمعظم الديمقراطيين يعارضون بشدة السياسات الإسرائيلية في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، وتريد الأغلبية وقف إطلاق النار وإنهاء المستوطنات. كما تريد وقف المزيد من شحنات الأسلحة إلى إسرائيل”.

تريد “إيباك” إخفاء جرائم “إسرائيل”، وتجهد لكي تظهر أنّ من يقف مع “إسرائيل” يربح، ولو خسر إنسانيته وحريته، وهذا يفرض على الأميركيين إذا أرادوا أن يوقفوا الدعم للإبادة الجماعية التي ترتكبها “إسرائيل” في غزة منذ نحو 9 أشهر، ومنع الشرق الأوسط من الانفجار، واستعادة انتخاباتهم الداخلية كي تبقى وطنية، أن يحظروا “إيباك” والمنظمات الشبيهة من الحياة السياسية الأميركية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى