فورين بوليسي ينبغي للناتو ألّا يوافق على عضوية أوكرانيا.. من أجل أوكرانيا نفسها
المؤشر 10-03-2023 يتناول مقال منشور في مجلة “فورين بوليسي” الدعوات الغربية إلى ضم أوكرانيا إلى حلف شمالي الأطلسي (الناتو)، ويحاول التدليل على أن هذا الأمر، في حال تم، لن يكون مفيداً بالنسبة إلى الغرب، لكن بمقدار أكبر لن ينفع كييف، ولن يساهم في وقف الحرب فيها.
مع تحوّل ميزان القوى ضد أوكرانيا، ووسط شكوك فيما إذا كان الكونغرس الأميركي سيوافق على جولة جديدة من المساعدات، يكرر الخبراء المؤثرون، أمثال الأمين العام السابق لحلف شمال الأطلسي (الناتو) أندرس فوغ راسموسن والسفير الأميركي السابق لدى الناتو إيفو دالدر، دعواتهم السابقة إلى ضمّ أوكرانيا إلى حلف الناتو بصورة عاجلة. ويتم تسويق هذه الخطوة كوسيلة لإقناع روسيا بأن حملتها العسكرية لن تُثني أوكرانيا عن الانضمام إلى التحالف، وأنها بحاجة إلى توفير القدر الكافي من الأمن لأوكرانيا بعد أن تضع الحرب أوزارها.
قد يتباين الأشخاص العقلاء حول الحكمة من هذه التوصية، لأن المواقف المتنافسة تعتمد على توقعات بشأن مستقبل غير مؤكد. وفي واقع الأمر، نراهن جميعاً على العواقب التي قد يخلفها ضم أوكرانيا إلى التحالف. ولتوضيح موقفي: لو كنت عضواً في الكونغرس الأميركي لصوتت لمصالح حزمة المساعدات الإضافية من دون تردد، لأنني أريد لأوكرانيا أن تكون قادرة على التمسك بالأراضي التي لا تزال تسيطر عليها، وأريد لموسكو أن تدرك أن محاولة الاستيلاء على مزيد من الأراضي ستكون مكلفة وصعبة. فإرسال مزيد من المساعدات في هذا الوقت بالذات، من شأنه أن يحسن موقف كييف التفاوضي عندما تبدأ المناقشات الجادة، على الأرجح بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في تشرين الثاني/نوفمبر. ومع ذلك، فإن ضم أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي الآن يُعَدّ فكرة سيئة من شأنها أن تطيل أمد الحرب وتترك كييف في وضع أسوأ مع مرور الوقت.
دعونا نبدأ بالتذكير بأن حلف شمال الأطلسي لا يمنح أي دولة الحق في الانضمام إليه إلّا إذا استوفت معايير معينة. وتنص المادة 10 ببساطة على أنه “يحق للأطراف، بالإجماع، دعوة أي دولة أوروبية أخرى يمكّنها وضعها من تعزيز مبادئ هذه المعاهدة والمساهمة في تعزيز أمن منطقة شمال الأطلسي للانضمام إلى هذه المعاهدة”.
إنّ سياسة “الباب المفتوح” الحالية، والتي ينتهجها حلف شمال الأطلسي، تُعَد تطوراً أكثر حداثة. ويُنظر إليها في بعض الأحيان على أنها التزام رسمي يمكن لأي دولة تطمح إلى الانضمام إليه بمجرد استيفائها لمعايير عضوية الناتو. في الواقع، تعمل سياسة الباب المفتوح على تحويل الوكالة بذكاء من حلف شمال الأطلسي إلى الأعضاء الطامحين؛ وهي بذلك تُعلن لهم أنّ “الباب مفتوح ويمكنكم الدخول بمجرد استيفاء معاييرنا”.
ومع ذلك، تتضمن المعاهدة الأصلية أمراً مغايراً بعض الشيء: فهي تقول إنّ الباب مغلق حتى يتفق الأعضاء الحاليون بشكل جماعي على أن ضم عضو جديد “سيعزز مبادئ المعاهدة… وسيساهم في تحقيق أمن منطقة شمال الأطلسي”. آنذاك، يمكن للأعضاء أن يقرروا فتح الباب وتوجيه دعوة. ويُعَدّ التمييز أمراً مهماً، باعتبار أنّ المعاهدة الأصلية لا تفترض التزام التحالف بتوسيع نطاقه فعلياً. إن الحملة التي قامت بها هنغاريا مؤخراً لتأخير انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي عدّة أعوام تذكرنا بالكيفية التي تسير بها هذه العملية عند تطبيقها: فلم يكن للسويد “الحق” في الانضمام حتى تنال موافقة جميع الأعضاء الآخرين.
وبالانتقال إلى أوكرانيا، أعتقد أن ضمها إلى حلف شمال الأطلسي في الوقت الحالي (أو في المستقبل القريب) يُعد أمراً غير حكيم ويعتمد على عدة افتراضات. الأول هو أن أوكرانيا لا تستطيع قلب موازين القوى في ساحة المعركة واستعادة أراضيها المفقودة ما لم تحصل على مزيد من الأسلحة والوقت لإعادة تشكيل قواتها بعد الإخفاقات التي مُنيت بها العام الماضي. فهي تعاني نقصاً حاداً (وعلى الأرجح لا يُعوّض) في القوى العاملة، كما أن الجمع بين طائرات الاستطلاع المسيرة والمدفعية والتحصينات الروسية الواسعة سيجعل من الصعب على كييف تحقيق تقدم كبير على الأرض.
لقد كان داعمو أوكرانيا في الغرب مخطئين في الربيع الماضي عندما قدموا توقعات متفائلة بشأن الهجوم المضاد المرتقب آنذاك، وهم يكررون هذا الخطأ من خلال الإشارة إلى أنه لا يزال أمام أوكرانيا الكثير من السبل لتحويل دفة الأمور لمصلحتها. وأنا أتمنى لو كان الأمر خلاف ذلك، لكن ينبغي لنا أن نتبنّى اختياراتنا السياسية بناء على العالم كما هو، وليس كما نحب أن يكون.
افتراضي الثاني هو أن قادة روسيا يهتمون بمصير أوكرانيا أكثر من الغرب. وطبعاً هم لا يهتمون أكثر من الأوكرانيين أنفسهم، ولكن هذه المصلحة بالنسبة إليهم تُعدّ أكثر أهمية من مصلحة القادة والشعوب في أغلبية دول حلف شمال الأطلسي. وفي حين أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأعوانه على استعداد لإرسال آلاف الجنود للقتال في أوكرانيا، لا ترغب أي دولة في حلف شمال الأطلسي القيام بأي شيء من هذا القبيل ولو عن بُعد. وعندما أثار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بصورة غير متوقعة إمكان إرسال حلف الناتو قوات الأسبوع الماضي، تعرض للانتقاد على الفور من المستشار الألماني أولاف شولتز والأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ. وهذا لا يعني أن التحالف لا يهتم بمصير أوكرانيا، لكن الأكيد أن روسيا تهتم أكثر.
ثالثاً، يمكنني أن أجزم أن أحد الأسباب الرئيسة لشن بوتين حربه في شباط/فبراير 2022 هو منع أوكرانيا من الانجذاب نحو الغرب والانضمام إلى التحالف في نهاية المطاف. وما لا شك فيه أن الكشف الأخير عن التعاون المتزايد بصورة مطردة بين وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وأجهزة المخابرات الأوكرانية، وجهود الغرب المبذولة بعد عام 2014 لتعزيز دفاعات أوكرانيا، والتزام حلف الناتو المتكرر ضم أوكرانيا إليه، أمر أثار مخاوف موسكو، في مثال كلاسيكي لماهية العلاقات الدولية التي يُطلق عليها العلماء تسمية “المعضلة الأمنية”.
بالإضافة إلى ذلك، قد تعكس تصرفات بوتين إيمانه بمعتقدات معينة بشأن الوحدة الثقافية بين الأوكرانيين والروس، إلّا أن من المستحيل إنكار الأدلة التي تشير إلى أن احتمال انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي كان الدافع الأساس إلى تصرّفه، واعترف ستولتنبرغ بذلك جهاراً في أكثر من مناسبة. ربما أخطأ بوتين في قراءة نيات حلف الناتو وبالغ في تقدير التهديد الذي تشكله هذه النيات، لكنه يكاد يكون الزعيم العالمي الوحيد الذي بالغ في تقدير الخطر الخارجي.
وفي ضوء هذه الافتراضات الثلاثة، نعرض أهم خمسة أسباب توضح لمَ لا يتعين على أوكرانيا الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.
- لا تستوفي معايير العضوية: لا تزال أوكرانيا دولة ديمقراطية هشة على أحسن تقدير. فالفساد لا يزال يتأكّلها، وتم تعليق الانتخابات منذ بداية الحرب، ولا تزال هناك عناصر مؤثرة في المجتمع الأوكراني، يشكل التزامها المعايير الديمقراطية موضع شك. لهذه الأسباب وسواها، صنف مؤشر الديمقراطية الصادر عن وحدة الاستخبارات الاقتصادية في مجموعة “الإيكونوميست” البلاد على أنها تتمتع بـ”نظام هجين” العام الفائت.
فضلاً عن ذلك، فإن أوكرانيا لم تستوف بعد شروط خطة العمل المعيارية الخاصة بعضوية حلف شمال الأطلسي. وإدراكاً لهذه الحقيقة، وافق التحالف على التنازل عن هذا المعيار في قمته السنوية التي انعقدت الصيف الماضي، وهو ما يعني في الواقع تغيير عملية عضوية أوكرانيا من “عملية تتطلب خطوتين إلى عملية تتطلب خطوة واحدة”. وعليه، قد يشكل قرار الحد من فعالية معايير الانضمام إلى التحالف سابقة سيئة للمستقبل.
- ليس واضحاً ما إذا كان حلف شمال الأطلسي سيحترم التزاماته بموجب المادة الـ5: كما أشرت في السابق، فإنّ المادة الـ5 من معاهدة حلف شمال الأطلسي لا تشكل حجر عثرة يلزم الأعضاء بالمشاركة في القتال في حال تعرض عضو آخر لهجوم. لكن، بناء على إصرار الولايات المتحدة، فإن المادة الـ5 تلزم الدولة العضو فحسب بعدّ الهجوم على دولة ما بمنزلة هجوم على الجميع، ثم اتخاذ “الإجراءات التي تراها ضرورية”. ومع ذلك، يتم تفسير هذا البند على نطاق واسع على أنه التزام بشأن الدفاع عن أي عضو يتعرض للهجوم، والفشل في تقديم المساعدة إلى أي دولة عضو في حال حدوث غزو خطير من شأنه أن يضع التحالف بأكمله موضع شك. لذا، قبل ضم أي عضو جديد، يتعين على سائر أعضاء التحالف التفكير مطولاً، وجدّياً، في مدى استعدادهم لتعريض قواتهم للخطر في حال تمت مهاجمتها.
وأكرر فكرتي السابقة: حتى الآن لم تُظهِر الولايات المتحدة ولا أي دولة أخرى في حلف شمال الأطلسي أي استعداد لإرسال قوات للقتال من أجل أوكرانيا. نعم لإرسال الأسلحة والمال، أمّا الأفراد فلا. ولو كنّا على استعداد للقيام بهذه الخطوة، لكانت قواتنا متمركزة هناك الآن. فهل من المنطقي أن نتعهد ضمنياً القتال من أجل أوكرانيا بعد خمسة أو عشرة أعوام أو عشرين عاماً من الآن، إذا كنتم غير راغبين في القيام بذلك اليوم؟
علاوة على ذلك، ليس من الواضح، في أي حال من الأحوال، أن مجلس الشيوخ الأميركي سيصادق على عضوية أوكرانيا. إذ تتطلب المصادقة على المعاهدة أغلبية الثلثين، وقد يكون من الصعب جمع عدد كاف من الأصوات. وما هو مؤكّد أن 70 عضواً في مجلس الشيوخ صوتوا لمصلحة حزمة المساعدات الأخيرة، لكن مشروع القانون هذا كان مرتبطاً أيضًا بإرسال مساعدات إضافية إلى “إسرائيل”، وربما يكون ذلك أدى إلى التأثير في بعض الأصوات. والأهم من ذلك، أن الزعيم الفعلي للحزب الجمهوري دونالد ترامب سيعارض على الأرجح ضم أوكرانيا إلى الحلف، وقد تُقنع معارضته عدداً كافياً من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الجمهوري بالتصويت بالرفض وجعل المصادقة على عضوية أوكرانيا بعيدة المنال.
- لا تشكّل العضوية في حلف شمال الأطلسي درعاً سحرياً: ويرجع السبب المنطقي الرئيس لضم أوكرانيا إلى الحلف عاجلاً وليس آجلاً إلى ثني روسيا عن استئناف حربها في وقت لاحق. وبالتالي، يتضح جلياً سبب رغبة كييف في الحصول على حماية إضافية، لكن هذه الحجة تفترض أن الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي يشكل درعاً سحرياً من شأنه أن يردع أي عمل عسكري روسي في ظل كل الظروف تقريباً. وهو الافتراض نفسه الذي دفع إلى اتخاذ قرارات سابقة بتوسيع حلف شمال الأطلسي إلى مناطق معرضة للخطر مثل دول البلطيق؛ وافترض المؤيدون لهذه الخطوة ببساطة أن الضمانات الأمنية التي تم تمديدها كانت بمنزلة شيكات لن يتم صرفها أبداً.
إنّ العضوية في حلف شمال الأطلسي قد تردع أيّ هجوم في كثير من الظروف، لكنها لا تشكّل درعاً سحرياً. والواقع أن مجموعة من الأصوات المدوّية قد أصدرت مؤخراً تحذيرات مثيرة للقلق بشأن التحدي الروسي المحتمل لحلف شمال الأطلسي في الأعوام القليلة المقبلة. وفي حال كنتم تعتقدون أنّ بوتين سيُنهي بالفعل الحرب في أوكرانيا، ويتوقف فترة وجيزة لإعادة بناء قواته المسلحة المنهكة، ثم يشن هجوماً جديداً على فنلندا أو إستونيا أو أي عضو آخر في حلف شمال الأطلسي، فأنتم بذلك لا تصدقون فعلًا أنّه لا يمكن الاعتماد على الدرع السحري تماماً. وهذا يعني أن الأعضاء الحاليين في حلف شمال الأطلسي يتعين عليهم التفكير مطولاً وبشكل جدّي حول ماهية مصالحهم الحيوية وما هي الدول التي هم على استعداد حقاً لخوض معارك من أجل الدفاع عنها؛ وهذا ما يعيدنا إلى السبب الثاني.
- إنّ الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي في الوقت الحالي لن يؤدي إلّا إلى إطالة أمد الحرب: إذا كنت مُحقاً في أن موسكو قد أقدمت على هذا الهجوم الشرس لمنع كييف من الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، فإن ضم أوكرانيا في الوقت الحالي سيؤدي ببساطة إلى إطالة أمد الحرب التي تخسرها البلاد حالياً. وإذا كان هذا هو السبب وراء إطلاق بوتين “عمليته العسكرية الخاصة”، فمن غير المرجح أن ينهيها إذا كانت قواته تعمل بصورة جيدة وكان انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي لا يزال مطروحاً على الطاولة. والنتيجة، هي أن أوكرانيا ستتكبّد مزيداً من الخسائر، الأمر الذي قد يعرض مستقبلها في المدى البعيد لمخاطر. تجدر الإشارة إلى أنّ أوكرانيا كانت واحدة من أسرع الدول الأوروبية التي فرغت من سكانها قبل بدء الحرب، وستؤدي التأثيرات المترتبة عن القتال (اللاجئون الفارون، وانخفاض معدل الخصوبة، والوفيات في ساحة المعركة، وغيرها من الأسباب) إلى تفاقم هذه المشكلة.
- قد لا يكون الرأي المحايد سيئاً لهذه الدرجة: بالنظر إلى تاريخ العلاقات الروسية الأوكرانية (بما في ذلك الأحداث التي شهدتها الأعوام العشرة الماضية)، يمكننا أن نفهم السبب وراء عدم رغبة كثير من الأوكرانيين في الوقوف على الحياد. فهو ليس أمراً سيئاً دائماً، حتى بالنسبة إلى الدول القريبة جداً من روسيا. فبين عامي 1939 و1940، خاضت فنلندا حرباً مكلفة وفاشلة ضد الاتحاد السوفياتي واضطرت في النهاية إلى التنازل عن نحو 9% من أراضيها التي كانت تملكها قبل اندلاع الحرب. لكن الفنلنديين قاتلوا ببسالة، كما يفعل الأوكرانيون اليوم، وجعلوا الاتحاد السوفياتي الأضخم بكثير يدفع ثمناً باهظاً مقابل انتصاره. وكانت النتيجة أنّ الزعيم السوفياتي آنذاك جوزيف ستالين لم يدمج فنلندا في الاتحاد السوفياتي أو يجبرها على الانضمام إلى حلف وارسو بعد الحرب العالمية الثانية. وبدلاً من ذلك، ظلت فنلندا دولة محايدة وديمقراطية تتمتع باقتصاد سوقيّ يتعامل مع الاتحاد السوفياتي والغرب على حدّ سواء.
وفي بعض الأحيان، شكلت هذه النتيجة التي اندرجت تحت إطار “الفنلدة” موضع استهزاء، لكنها أثبتت أنها صيغة ناجحة إلى حد كبير. ولو حاولت فنلندا الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي خلال تلك الفترة، لكان من المؤكد أنّ أزمة كبرى أو حرباً وقائية كانت لتحدث. إلّا أن الموقفين ليسا متشابهين تماماً، ولاسيّما فيما يخص آراء بوتين بشأن الوحدة الثقافية المفترضة بين الروس والأوكرانيين ــ لكن هذا يشير إلى أن الحياد الرسمي لا يجب أن يمنع أوكرانيا من تأسيس ديمقراطية قوية وإقامة علاقات اقتصادية واسعة النطاق مع الدول الغربية.
لكل هذه الأسباب مجتمعة، لا يشّكل انضمام أوكرانيا بسرعة إلى حلف شمال الأطلسي فكرة جيّدة. وبدلاً من ذلك، يتعين على داعمي أوكرانيا الغربيين التفكير بصورة خلاقة في ترتيبات أمنية بديلة يمكنها طمأنة أوكرانيا في سياق هدنة ما بعد الحرب أو اتفاق السلام. فكييف تحتاج إلى تكون مطمئنة إلى عدم إقدام موسكو على استئناف حربها، وهي لا تستطيع الموافقة على نزع سلاحها أو إرغامها على قبول الهيمنة الروسية بحكم الأمر الواقع. كما أنّ معرفة كيفية توفير الحماية الكافية عبر طرائق لا تستفز موسكو وتدفعها إلى استئناف حربها لن تكون بالأمر السهل. لكن الاندفاع نحو الانضمام إلى حلف شمالي الأطلسي ليس الطريق الأفضل لجعل أوكرانيا أكثر أماناً. ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى إطالة أمد الحرب، وترك هذا البلد الذي طالت معاناته في وضع مزرٍ أكثر من أي وقت مضى.