الأوليغارشية الأميركية وانتخابات 2024
المؤشر 23-03-2024 موقع “wsws” تحدّث في تقرير نشره عن تمركز الثروة في الولايات المتحدة بين أيدي أوليغارشية صغيرة، والتي نمت ثروتها خلال سنوات كورونا التي أودت بحياة أكثر من 1.4 مليون شخص في الولايات المتحدة.
تكشف الأرقام التي تنشرها مؤسسات إعلامية ومعاهد الدراسات السياسية في الولايات المتحدة، عن تمركز للثروة هائل بين أيدي أوليغارشية صغيرة وقد ازداد عدد أصحاب المليارات من 614 إلى 737 خلال السنوات الأربع الماضية، وتضاعفت ثرواتهم مجتمعة تقريباً بزيادة 88% خلال أزمة كورونا، من 2.947 تريليون دولار إلى 5.529 تريليون دولار.
8 من بين أكبر 10 من فاحشي الثراء يعملون في صناعة تكنولوجيا المعلومات أو فروعها، من بينهم أغنى 4 أشخاص في العالم وهم، جيف بيزوس (192.8 مليار دولار)، إيلون ماسك (188.5 مليار دولار)، مارك زوكربيرغ (169 مليار دولار) ولاري إليسون (154.6 مليار دولار)، باستثناء وارن بافيت المستثمر في صناعات قديمة مثل السكك الحديدية، ومايكل بلومبيرغ الملياردير الإعلامي.
ونمت ثروات هؤلاء خلال سنوات الجائحة التي أودت بحياة أكثر من 1.4 مليون شخص في الولايات المتحدة. إلون ماسك لوحده ارتفعت ثروته بنسبة 600 في المائة خلال 4 سنوات فقط، في حين أن مارك زوكربيرغ من “فيسبوك” ولاري إليسون من “أوراكل” ضاعفوا ثروتهم 3 مرات تقريبا. وزادت أصول ستيف بالمر “مايكروسوفت”، ولاري بيج وسيرغي برين من “غوغول” بأكثر من الضعف
كذلك، استعاد جيف بيزوس من أمازون مكانته كأغنى رجل في العالم، مع العلم أنه كان سيضاعف ثروته أيضاً لولا تسوية الطلاق بقيمة 40 مليار دولار مع زوجته السابقة ماكنزي سكوت.
من الصعب فهم هذه المبالغ الهائلة كمجرد أرقام. في عدة تغريدات يوم الثلاثاء، ترجم المرشح الرئاسي لـ “حزب المساواة الاشتراكية” جوزيف كقشور، هذه الأرقام إلى مصطلحات إنسانية. فالأصول المجمعة البالغة 5.5 تريليونات دولار تعادل ثلاثة أضعاف إجمالي ديون الطلاب في الولايات المتحدة. وهي 7 أضعاف ما يتم إنفاقه على التعليم الابتدائي والثانوي في الولايات المتحدة، وما يقرب من 150 ضعفاً ما هو مقدر سنوياً للقضاء على الجوع في العالم بحلول نهاية العقد الجاري، وهو أكثر من 178 مليون ضعف متوسط الدخل في الولايات المتحدة للفرد، وأكثر من 700 مليون ضعف متوسط رصيد حساب التوفير للعائلات الأميركية.
إن الطابع الأوليغارشي للرأسمالية الأميركية يصيب كل مؤسسات الدولة، ويطال المحاكم ووسائل الإعلام، التي تهيمن بدورها على الانتخابات الرئاسية لعام 2024 بأكملها.
وتدرك الأوليغارشية الأميركية الحاكمة، هشاشة موقعها في القمة، وسط معاناة اجتماعية واسعة النطاق. وصراع طبقي متصاعد تتم مواجهته بتعزيز القيود السياسية لنظام الحزبين الرأسمالي المدعوم من قبل فاحشي الثراء لكلا المتنافسين في الانتخابات الرئاسية للعام الجاري، كونهما يخدمان في النهاية مصالح هؤلاء، الذين لا يفرقون كثيراً وهم على حق، بين الرئيس السابق الفاشي دونالد ترامب، والرئيس الحالي جو بايدن المنخرط في الإعداد لـ “حرب عالمية، وشريك الصهيونية في الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة
ودعم ترامب بين فاحشي الثراء أضعف في الواقع من دعمهم لبايدن، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أنه لا يمكن الاعتماد عليه في المسائل الرئيسية للسياسة الخارجية، وقبل كل شيء في الحرب بين الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي ضد روسيا في أوكرانيا.
مع ذلك، فإن قسماً كبيراً من الأوليغارشية مستعد للانقلاب ولا شيء مبدئي. وفي مطلع الشهر المقبل سيطلق أحد كبار الأثرياء الملياردير جون بولسون حملة لجمع التبرعات لترامب في ولاية فلوريدا، بالتشارك مع المستثمر العقاري روبرت بيغلو، الذي كان في السابق أكبر مانح للحملة الرئاسية الفاشلة لحاكم فلوريدا رون ديسانتيس. كما وافق ملياردير الغاز والنفط الصخري هارولد هام، وهو معارض سابق لمحاولة إعادة انتخاب ترامب، على المشاركة في حملة تبرعات ترامب وفقاً لتقرير نشرته صحيفة “فايننشال تايمز”.
وذكرت الصحيفة أن “الدعوة لجمع التبرعات تظهر فئتين من المانحين: أولئك الذين يقدمون 814,600 دولار للشخص الواحد ويمكنهم الجلوس على مائدة عشاء ترامب، وأولئك الذين يتبرعون ما لا يقل عن 250.000 دولار يجلسون على طاولات قريبة.
ومن عالم المضاربة المالية والكازينوهات وصناعة الترفيه يأتي الأوليغارشيون المؤثرون الأقوياء في لعبة الانتخابات الرئاسية الأميركية. من بين المتبرعين الرؤساء لترامب الأكثر إثارة للريبة والرجعية هو بيبي فانجول، الذي وصفته صحيفة “فايننشال تايمز”، بـ” كارتل السكر”، وهو ينحدر من أصل كوبي ومالك شركة” دومينو شوغر واشتهر بتوظيف زوجة قائد “النازيون الجدد” ديفيد ديوك العنصري الأبيض كمساعدة تنفيذية له لسنوات عديدة.
ودعم” وول ستريت “للرئيس جو بايدن ونائبته كاميلا هاريس أوسع، وهي تعكس تحول” الحزب الديمقراطي “على مدى 3 عقود الثلاثة الماضية إلى حزب البورصة والبنوك الكبرى بشكل رئيسي.
وقد جمعت حملة بايدن الانتخابية 155 مليون دولار نقداً، ويعتبر” أعلى مجموع لأي مرشح ديمقراطي في التاريخ في هذه المرحلة من الانتخابات. وشمل ذلك رقماً قياسياً بلغ 53 مليون دولار تم جمعه في الشهر الماضي فقط.
بينما تصف وسائل الإعلام المؤسسية ضعف مسار حملة بايدن الانتخابية، فإن الواقع مختلف تماماً، في النشاط والتواصل الدائم لبايدن مع كبار المتبرعين للحملة، وهو يخطط لتركيزه الحقيقي خلال فصلي الربيع والصيف لجمع الموارد مالية لشن وابل إعلامي هائل ضد ترامب في الأشهر التي تسبق تصويت 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2024.
في كثير من الحالات، وخاصة في الولايات غير التنافسية مثل كاليفورنيا، يستغني الديمقراطيون عن أي ادعاء بالمجاملات العامة ويخاطبون جمهورهم دائرتهم المتربع في شريحة الأوليغارشية المالية ببساطة وبلا تكلف. وعلى العكس من ذلك في الولايات التي تشهد تنافساً قوياً بين المرشحين مثل ولاية ميشيغان المتنازع عليها بشدة، لم يظهر بايدن علناً بسبب مخاوف من المتظاهرين المناهضين للاحتجاج على الإبادة الجماعية الإسرائيلية المدعومة من الولايات المتحدة في غزة
مع اقتراب حملة الخريف، هناك عنصران رئيسيان لاستراتيجية الحزب الديمقراطي، تكديس الموارد المالية وقمع الجهود المبذولة لوضع مرشحي الأحزاب الثالثة على ورقة الاقتراع، وخاصة المعارضين اليساريين مثل “حزب المساواة الاشتراكية”، الذي أطلق حملة الاقتراع الأولية في ميشيغان، وهي واحدة من أهم ساحة المعركة الانتخابية المقبلة.
ويستعد الديمقراطيون “لحرب شاملة” على مرشحي الأحزاب الثالثة. وفقاً لمقال نشر في صحيفة “نيويورك تايمز”، فإن الديمقراطيين يوظفون “جيشاً من المحامين، لتحدي جهود الوصول إلى صناديق الاقتراع التي يبذلها المرشحون المستقلون بشكل مطرد.
ونقلت الصحيفة عن أحد المحامين قوله إن الهدف” هو ضمان أن جميع المرشحين يلعبون وفقاً للقواعد، والسعي لمحاسبتهم عندما لا يكونون كذلك “. بالنسبة للديمقراطيين، ليس أقل من الجمهوريين، فإن” القواعد هي تلك التي وضعتها الأوليغارشية المالية للشركات لمنع أي تحد لثروتهم وسلطتهم.
ولا يمكن تحقيق العدالة من خلال الإصلاحات التدريجية البطيئة، ولا من خلال الترقيع البراني، فالواقع يتطلب هجوماً مباشراً على ثروة وسلطة الطبقة الرأسمالية الأميركية وشريكها في جميع أنحاء العالم. ويوجب مصادرة المكاسب غير المشروعة لأصحاب المليارات وتحويل الشركات العملاقة إلى مرافق مملوكة للدول، وتدار على أساس الحاجة الاجتماعية وليس الربح الخاص.