ترجمات

“spiked”: مؤامرة الاتحاد الأوروبي للإيقاع بسويسرا

المؤشر 28-03-2024    تكتب أندريا سيمان، الكاتبة المقيمة في سويسرا، مقالاً في موقع “spiked-online”، تتناول فيه المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي وسويسرا من أجل التوصل لاتفاقية التعاون بينهما، وردود الفعل الشعبية في سويسرا حيال الاتفاقية، التي ترى فيها ضغوطاً كبيرة قد ترهق المجتمع والدولة السويسرية.

استأنفت سويسرا والاتحاد الأوروبي المفاوضات بشأن اتفاقية تعاون من شأنها تعميق العلاقات المؤسسية والتجارية بينهما. لكنها بالنسبة لمعظم السويسريين من شأنها أن تلحق ضرراً كبيراً بالديمقراطية والسيادة في البلاد.

وفي وقت سابق من هذا الشهر الجاري، التقت الرئيسة الفيدرالية لسويسرا فيولا أمهيرد، مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، بهدف استكمال المحادثات والمفاوضات بحلول نهاية هذا العام، قبل أن يطرح المجلس الفيدرالي السويسري في نهاية المطاف الاتفاق على الجمهور في استفتاء يمكن أن يُحدد في أي وقت بين عامي 2026 و 2029.

ينبغي القول إن كل هذا أبعد ما يكون عن الأمر الواقع. لقد حاول السياسيون السويسريون بالفعل تعميق العلاقات المؤسسية مع الاتحاد الأوروبي من قبل وفشلوا في ذلك. وبعد مفاوضات استمرت 7 سنوات، اضطر المجلس الفيدرالي إلى الانسحاب في عام 2021 بعد الامتعاض والاستهجان من الاتفاق المقترح من السياسيين السويسريين والجمهور الأوسع. واشتكى اليساريون من أن الاتفاقية من شأنها أن تقوض حماية أجور العمال السويسريين، في حين لم يرغب اليمينيون في منح محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي السيادة على القوانين السويسرية. ورد الاتحاد الأوروبي الغاضب بطريقة عقابية، فحرم البورصة السويسرية من الوصول إلى الأسواق المالية الأوروبية، وفرض تنظيمات باهظة الثمن على صناعة التكنولوجيا الطبية في سويسرا.

وشكا اليساريون من أن الاتفاق سيقوض نظام حماية الأجور للعمال السويسريين، في حين أن التيار اليميني لا يريد منح محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي السيادة على القوانين السويسرية. ورد الاتحاد الأوروبي الغاضب على الأمر بشكل عقابي، وحرم البورصة السويسرية من الوصول إلى الأسواق المالية الأوروبية، وفرض لوائح باهظة الثمن على صناعة التكنولوجيا الطبية في سويسرا، وقيد التعاون في سوق الطاقة.

الآن، يبدو أن الضغوط التي تمارسها النخب السياسية والاقتصادية في سويسرا قد دفعت المجلس الفيدرالي إلى العودة إلى طاولة المفاوضات. ومما يثير القلق أن تفويض الاتحاد الأوروبي يشير إلى أن أي اتفاق بين الجانبين لن يكون مختلفاً كثيراً عن ذلك الذي تم اقتراحه في عام 2021.

وتسعى بروكسل والمجلس الاتحادي السويسري إلى تحديث 5 اتفاقيات ثنائية قائمة بشأن حرية التنقل والتجارة والزراعة والسفر الجوي والنقل البري. كما تهدف إلى إبرام اتفاقيات تعاون جديدة في مجالات الطاقة الكهربائية والأمن الغذائي والرعاية الصحية وبرامج البحوث العلمية والتربوية.

المشهد العام جيد جداً من الخارج، لكن الشيطان يكمن في التفاصيل، لأن الاتحاد الأوروبي يعتبر أي اتفاق مع سويسرا ينص ويفرض عليها اعتماد قوانين الاتحاد الأوروبي تلقائياً المتعلقة بمجالات التعاون الثنائي. وإذا رفضت سويسرا القيام بذلك، تدعو اللجنة إلى إنشاء محكمة تحكيم مشتركة. أي حجج حول تفسير أو تطبيق قانون الاتحاد الأوروبي ستخضع بعد ذلك للسلطة العليا لمحكمة العدل الأوروبية، وبعبارة أخرى، فإن الاتحاد الأوروبي سيجعل حكومة سويسرا عاجزة في نهاية المطاف عن اتخاذ أي قرار.

علاوة على ذلك، إذا تحدت سويسرا محكمة العدل الأوروبية، تستطيع المفوضية الأوروبية أن توصي بأريحية بفرض “تدابير تعويضية” وعقوبات من خلال محكمة تحكيم مشتركة. على سبيل المثال، إذا رفضت سويسرا اعتماد أي قانون معين للاتحاد الأوروبي، يمكن لبروكسل أن تفرض رسوماً جمركية على المنتجات الزراعية السويسرية، أو استبعاد سويسرا من برامج البحوث المتعددة والمختلفة.

فالمفاوضات بين الطرفين اليوم تمهد الطريق مرة أخرى لإخضاع سويسرا للقوانين والمحاكم الأجنبية. وفوق هذه النتيجة البائسة، يطلب من سويسرا تقديم مساهمة مالية دائمة في التماسك الاجتماعي والاقتصادي في الاتحاد الأوروبي، والمبلغ غير محدد ومن المحتمل أن يكون كبيراً.

أكثر القوانين إثارة للجدل التي يريد الاتحاد الأوروبي فرضها على سويسرا هو توجيه حقوق المواطنة والإقامة، حيث يفرض قانون تسوية المنازعات، بحق مواطني الاتحاد الأوروبي الإقامة في سويسرا والحصول على مزايا الضمان الاجتماعي بشكل دائم، بعد عام واحد فقط من العمل هناك. ويعترض الكثير في سويسرا على هذا الأمر، خشية أن يجتذب طالبو الرعاية الاجتماعية من دول الاتحاد الأوروبي الأكثر فقراً.

ولهذا السبب هناك عدم شعبية سويسرية لأي اتفاق محتمل مع الاتحاد الأوروبي لدرجة أن اللوبي السويسري المؤيد للاتحاد الأوروبي يجهد لتعديل وتلطيف الأجواء قبل الاستفتاء العام.

عادة ما تتطلب القرارات ذات الأهمية الدستورية الكبيرة في سويسرا “الاستفتاء الإلزامي”. ولتمرير القرار يحتاج أن يحظى بدعم أغلبية الشعب ككل، وأغلبية الكانتونات الـ 26. لكن أولئك الذين يضغطون من أجل اتفاق جديد بين الاتحاد الأوروبي وسويسرا يدعون إلى نوع مختلف من الاستفتاء على أي اتفاق، يسمى “استفتاء اختياري”. هذا النوع من الاستفتاء يتطلب فقط أغلبية بين الأصوات الشعبية، وليس الكانتونات. وقد تسبب هذا في غضب العديد من الخبراء القانونيين والدستوريين.

إن إخضاع صفقة بهذا النطاق الواسع للتصويت الشعبي فقط سيكون أمراً غير مسبوق في سويسرا وثمة معارضة واسعة للصفقة التي تتبلور، ويجادل “حزب الشعب السويسري” اليميني أكبر حزب سياسي في سويسرا، بأن الاتحاد الأوروبي يسعى إلى حرمان المواطنين السويسريين من حقوقهم الدستورية الأساسية. بينما رأت أوساط سياسية إعلامية أن الصفقة بعيدة عن كونها اتفاقاً ثنائياً بين شركاء متساوين، فمن المرجح أن يؤسس أي عقد لسلطة الاتحاد الأوروبي على سويسرا.

اليسار السويسري منقسم حول توثيق الروابط مع الاتحاد الأوروبي، مع ميل نسبي لبعض قياداته إلى دعم تكامل أوثق مع بروكسل، في حين أن النقابات العمالية عموماً تقاوم أي صفقة، بسبب قلقهم من أن أي اتفاق مع بروكسل سيؤدي إلى خفض الأجور ويهدد حقوق العمال. ومع ذلك، فإن موقف النقابات يشير إلى أنه إذا قدمت بروكسل ضمانات معينة بشأن حقوق العمال، فيمكنها دعم الاتفاقية الجديدة.

إذا حصلت بروكسل على ما تريد، فإن سويسرا التي كانت ذات يوم مستقلة معرضة لخطر حقيقي من أن تصبح دولة تابعة للاتحاد الأوروبي. لذلك يجب مقاومة هذا الاتفاق وصد مخاطره.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى