ترجمات

“فورين بوليسي”: على واشنطن بذل جهد حقيقي لمنع التصعيد في الشرق الأوسط

المؤشر 10-08-2024   مجلة “فورين بوليسي” الأميركية تنشر مقالاً بقلم كومفورت إيرو، وهو الرئيس والمدير التنفيذي لمجموعة الأزمات الدولية، يتحدّث فيه عن ضرورة بذل الولايات المتحدة جهداً حقيقياً على “إسرائيل” من خلال وقف إمدادات الأسلحة لها، بهدف وقف التصعيد المحتمل في المنطقة في إثر اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران والقائد العسكري في حزب الله فؤاد شكر في بيروت.

يواجه الشرق الأوسط منعطفاً خطراً منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وبدء الحرب الإسرائيلية الوحشية على غزّة، وقد أصبحت المنطقة على حافة الهاوية. وكلما طال أمد الحرب في غزة، كلما زاد احتمال إشعال حرب إقليمية.

في أعقاب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، في طهران، تلوح في الأفق دورة كارثية من التصعيد مع إيران وحلفائها، بما في ذلك حزب الله في لبنان، والحوثيون في اليمن، وحركات المقاومة في العراق وسوريا، التي تستعد للانتقام.

وفي حين أنّ التوقّعات وخيمة، يشير التاريخ الحديث إلى إمكانية احتواء دورة تصعيد خطيرة بين الخصوم، و19 يوماً من شهر نيسان/أبريل، خير دليل.

وبعد أن أدّت غارة إسرائيلية على القنصلية الإيرانية في دمشق إلى اغتيال العديد من كبار القادة في حرس الثورة الإيراني، شنّت طهران ضربة مباشرة غير مسبوقة وواسعة النطاق ضد “إسرائيل”. لكن في حينها، فإنّ حقيقة التصدّي للهجوم الإيراني من قبل الدفاعات الإسرائيلية وإلى جانب مساعدة من حلفاء “إسرائيل” لاعتراض الهجوم للحدّ من الأضرار، وردّ “إسرائيل” بضربة محدودة في إيران، قد لا يتكرّر، والتاريخ لن يعيد نفسه.

ومما يثير القلق، هذه المرة، أنّ الخطاب العلني للمسؤولين الإيرانيين وما يقال إنهم يقولونه للدبلوماسيين يشير إلى أنّ هناك انتقاماً أكبر وربما أكثر ضرراً يجري التخطيط له رداً على اغتيال هنية، بما في ذلك الهجمات المنسّقة من الحلفاء الإيرانيين.

وفي سعيها للحدّ من انتقام إيران لاغتيال هنية وردّ فعل حزب الله على اغتيال القائد العسكري فؤاد شكر في بيروت في اليوم السابق، كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها يدفعون باتجاه استراتيجية ذات ثلاثة محاور لإدارة الأزمة:

– السعي إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة

– إرسال قدرات دفاعية إضافية إلى “إسرائيل”

– العمل من خلال القنوات الخلفية لحثّ إيران على الحدّ من هجومها

لكن يواصل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رفض البند الأول: وقف إطلاق النار في غزّة، الأمر الذي سيكون الدافع لتخفيف التوترات الأوسع في المنطقة. أما بالنسبة للمحور الثالث، فيبدو أنّ إيران عازمة على المضي قدماً في عمل هجومي واسع النطاق.

إذا فشلت الجهود الأميركية لوقف دورة التصعيد المحتملة، فإنّ السيناريو الأسوأ يمكن أن يشمل هجوماً بقيادة إيرانية يتسبّب في خسائر كبيرة في الأرواح والأضرار في “إسرائيل”، الأمر الذي قد يدفع الأخيرة بعد ذلك إلى تنفيذ تهديداتها بشن هجوم شامل على لبنان.

وقد يؤدي ذلك إلى توسّع المعركة لتشمل اليمن، واستئناف الهجمات على القوات الأميركية في العراق وسوريا. وذلك قد يؤدي في النهاية إلى حرب إقليمية واسعة النطاق ذات آثار مدمّرة محتملة على العالم تشمل التجارة وإمدادات الطاقة، مع ارتفاع معدلات الضحايا المدنيين.

ولا يزال من الممكن تجنّب هذا السيناريو. وحتى لو كانت الجهود الأميركية لاحتواء الأعمال العدائية تواجه صعوبات في الوقت الحالي، فإنّ هذه الجهود تدعمها حقيقة مفادها أنّه لا واشنطن ولا طهران تريدان معركة طويلة الأمد، ولا يبدو أنّ حزب الله يريد حرباً واسعة النطاق مع “إسرائيل”.

لكن لكي يتم وقف التصعيد، يحتاج الأمر إلى دافع. وفي قلب التوترات في المنطقة تقع غزة، ومن الواضح أنّ المنطقة ستستمر في التأرجح على حافة صراع كبير في غياب وقف إطلاق النار في القطاع. وقد أوضحت حكومة الولايات المتحدة أنّها تريد ذلك، لكنها لم تلعب بعد أقوى أوراقها للحصول على هذا الهدف.

لقد حان الوقت للقيام بذلك. ويتعيّن على واشنطن أن تلقي بثقلها الكامل لوقف إطلاق النار، والتوصّل إلى اتفاق بشأن الأسرى وممارسة ضغط حقيقي على “إسرائيل”.

وللقيام بذلك، يجب على واشنطن أن توضح أنّها ستحجب تزويد “إسرائيل” بالذخيرة والأسلحة لأغراض غير دفاعية إذا ظلت عرقلة نتنياهو تشكّل عائقاً أمام التوصّل إلى اتفاق.

وإذا تمّ إحراز تقدّم نحو وقف إطلاق النار في غزة، يمكن لواشنطن أن تشجّع بهدوء جهداً موازياً لتهدئة الهجمات التي يشنّها محور المقاومة في جميع أنحاء المنطقة منذ 7 أكتوبر، والتي يمكن أن تشمل اتفاقاً مع حزب الله. وقد أعلن شركاء إيران بالفعل أنّهم سوف يتنحّون عند التوصّل إلى هدنة في غزة.

ولعل العقبة الأكبر أمام التحرّك في هذا الاتجاه هي السياسة الداخلية للولايات المتحدة. إنّ الضغط على “إسرائيل” بهذه القوة من شأنه أن يستلزم تكاليف سياسية لإدارة بايدن بمن في ذلك نائبة الرئيس كامالا هاريس، المرشحة الرئاسية المفترضة للحزب الديمقراطي، خصوصاً قبل أيام قليلة من انعقاد المؤتمر الوطني الديمقراطي وفي الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/نوفمبر.

ولكن الحرب الإقليمية المتصاعدة قد تكون أكثر تكلفة بالنسبة إلى رئيس ترشّح لمنصب الرئاسة، ووعد بإنهاء الحروب التي لا نهاية لها، ونحن نستطيع الحكم على إرثه في السياسة الخارجية من خلال كيفية تعامله في لحظة الخطر هذه على الشرق الأوسط والعالم

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى