ألم الميلاد في المهد
المؤشر 30-12-2024
بقلم : رامي مهداوي
في الأسبوع الماضي، زُرت المدينة التي أحبها بيت لحم بعد غياب دام عامًا، وسط أجواء خالية من عيد الميلاد. كانت المدينة التي لطالما شهدت أهازيج الفرح وروحانية الاحتفالات، تعيش حالة من الحزن والهدوء الثقيل. بيت لحم، المدينة التي ارتبط اسمها بولادة السيد المسيح عليه السلام، باتت اليوم تحت وطأة مشاعر مختلطة من الأسى والتأمل، تعكس واقع الفلسطينيين في ظل ظروف الاحتلال المستمرة.
على مرّ التاريخ، كانت بيت لحم رمزًا للسلام والتآخي، مدينة تجذب ملايين الزوار من مختلف أنحاء العالم ليشهدوا جمال كنيسة المهد وساحة الميلاد. لكن هذه الصورة بدأت تتلاشى تدريجيًا. فمع استمرار سياسات الاحتلال التي تقطع أوصال الضفة الغربية وتحد من حرية الحركة، باتت بيت لحم تُختزل في معاناتها اليومية، من الحواجز العسكرية إلى التوسع الاستيطاني الذي يلتهم الأراضي المحيطة بها.
في زيارتي الأخيرة، تجولت في شوارع المدينة، وعاينت ساحة المهد التي كانت يومًا نابضة بالحياة. اليوم، الساحة شبه فارغة، فنادقها مغلقة، ومتاجرها تعاني من الركود. تحدثني هذه المشاهد عن حزن عام يلف المكان، ليس فقط بسبب التحديات الاقتصادية، بل أيضًا نتيجة الغياب المستمر للبهجة التي كانت تميز هذه المناسبة.
لكن وسط هذا الظلام، لا تزال هناك أصوات تعلو بالأمل. داخل كنيسة المهد، التي تحتضن مكان ولادة المسيح، تواصل الترانيم والصلوات صدحها، حاملة رسالة السلام والمحبة التي جاء بها المسيح للعالم. ورغم تراجع الزخم السياحي، إلا أن الكنيسة لا تزال تستقبل القليل من الزوار الذين يأتون ليشهدوا عظمة التاريخ وروحانية المكان.
لطالما اعتمدت بيت لحم على السياحة الدينية في إنعاش اقتصادها. لكن العام الحالي شهد تراجعًا كبيرًا في أعداد الزوار، نتيجة سياسة التطهير العرقي المستمر في غزة والضفة الغربية. الفنادق والمطاعم التي كانت تعج بالزوار في هذا الوقت من العام أُغلقت أبوابها، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية لسكان المدينة.