قائمة الدول العشر الأوائل في إنتاج وتصدير الكاكاو.. وحصة العرب من السوق
المؤشر 31-08-2025 قبل نحو 5 آلاف عام، تعرّف السكان الأصليون للأميركتين – المعروفون بالهنود الحمر – على الكاكاو، حيث كان يُزرع في منطقة الأمازون العليا بالإكوادور، قبل أن يشق طريقه شمالاً نحو حضارات المايا والتولتيك والأزتك. لم يكن الكاكاو آنذاك مجرد نبات غذائي، بل كان مشروباً احتفالياً ووسيلة للتبادل التجاري تحمل قيمة اجتماعية واقتصادية كبيرة.
ومع قدوم الغزاة الأوروبيين، حمل كريستوفر كولومبوس الكاكاو إلى إسبانيا عام 1502. هناك، تعرّف الإسبان من خلال الأزتك على مشروب “شوكواتل” الممزوج بالتوابل والفانيليا، والذي شكّل أولى خطوات دخول الكاكاو إلى أوروبا. وبحلول القرن التاسع عشر، أحدثت الثورة الصناعية نقلة نوعية في إنتاجه، إذ سمح استخدام الآلات البخارية بتحويل حبوب الكاكاو إلى مسحوق يُنتج بكميات ضخمة، ليصبح سلعة عالمية يُستهلك منها اليوم أكثر من 4.5 ملايين طن سنوياً.
سوق عالمي ضخم في نمو متواصل
يمثل الكاكاو أحد الأعمدة الرئيسة في صناعات الأغذية والمشروبات والحلويات، وبدأ حديثاً يجد طريقه إلى قطاعي الأدوية ومستحضرات التجميل. وبحسب تقديرات “أونكتاد”، يوفّر هذا المحصول دخلاً وفرص عمل ضخمة للدول المنتجة والمستهلكة على حد سواء.
تُظهر التوقعات المستقبلية نمواً مطرداً في السوق العالمي، حيث يُتوقع أن ترتفع قيمته من 16.6 مليار دولار عام 2025 إلى نحو 26.2 مليار دولار بحلول 2035، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 4.7%، وفق منصة “فيوتشر ماركت إنسايت”.
تقلبات في الإنتاج والأسعار
شهد موسم 2024/2023 تراجعاً لافتاً في المعروض العالمي من الكاكاو بنسبة 12.9%، ليبلغ 4.368 ملايين طن فقط، وفق تقرير المنظمة الدولية للكاكاو (ICCO). لكن الموسم اللاحق (2025/2024) سجّل تعافياً ملحوظاً مع ارتفاع الإنتاج إلى نحو 4.840 ملايين طن، مدعوماً بزيادة استثمارات المزارعين رغم التحديات المناخية.
أما الأسعار، فقد عكست هذه التقلبات. ففي يوليو/تموز 2025، سجّلت بورصة لندن أدنى سعر عند 6443 دولاراً للطن، فيما هبط السعر في بورصة نيويورك إلى 7315 دولاراً للطن – وهو أدنى مستوى في سبعة أشهر – نتيجة توقعات بتحسن المحاصيل وضعف الطلب المستقبلي.
أكبر الدول المنتجة والمصدرة والمستوردة
تُعد ساحل العاج وغانا القلب النابض لإنتاج الكاكاو، إذ تُسهمان معاً بنحو نصف الإنتاج العالمي. وإلى جانبهما، تضم قائمة أكبر المنتجين: إندونيسيا، الإكوادور، البرازيل، الكاميرون، نيجيريا، البيرو، الدومينيكان، وكولومبيا.
وعلى صعيد التصدير، تتصدر ساحل العاج القائمة بعائدات تجاوزت 3.68 مليارات دولار عام 2023، تليها الإكوادور وغانا ونيجيريا، بينما تحتل هولندا وماليزيا وألمانيا والولايات المتحدة المراتب الأولى في الاستيراد، ما يعكس تمركز الصناعات التحويلية في الدول الصناعية الكبرى.
العرب خارج “حزام الكاكاو”
لا تنتج الدول العربية الكاكاو بسبب الظروف المناخية الصارمة التي تتطلب حرارة ورطوبة مرتفعتين وأمطاراً غزيرة على مدار العام، إضافة إلى ضرورة توفير الظل والحماية من الرياح. ولهذا تكتفي الدول العربية بالاستيراد، وتتصدّر تونس والإمارات والجزائر قائمة أكبر المستوردين عام 2023.
أربع حقائق مدهشة عن الكاكاو
الكاكاو والشوكولاتة ليسا شيئاً واحداً: فالحبوب تمر بمراحل معقدة من التخمير والتجفيف والمعالجة قبل أن تتحول إلى شوكولاتة.
أفريقيا تنتج النصيب الأكبر من الكاكاو العالمي، خاصة ساحل العاج وغانا، بينما تتركز صناعة الشوكولاتة في أوروبا وأميركا.
شجرة الكاكاو تحتاج 5 سنوات لتبدأ الإنتاج، ما يجعلها استثماراً طويل الأمد محفوفاً بالتحديات الزراعية.
الكثير من المزارعين لم يتذوقوا الشوكولاتة يوماً، إذ يبيعون محاصيلهم بأسعار منخفضة في سلاسل توريد لا تمنحهم سوى نسبة ضئيلة من الأرباح، فيما تستحوذ الشركات الكبرى على معظم العائدات.
خلاصة: قصة الكاكاو رحلة تمتد من طقوس المايا والأزتك إلى الأسواق العالمية التي تتجاوز قيمتها عشرات المليارات من الدولارات. ورغم شعبيته الهائلة، يبقى هذا القطاع نموذجاً صارخاً لعدم المساواة الاقتصادية بين المنتجين والمصنعين، ما يطرح تساؤلات حول مستقبل هذه الصناعة وأهمية تحقيق توازن عادل بين أطرافها.



