رأي للمؤشر

القبض على الوحش من ذيله

المؤشر 05-11-2024 

بقلم : نافذ الرفاعي

جلست على رصيف الشارع مخنوقا من راهن الحال، والاخبار المتواترة .

فجأة! رأيت طفلا يداعب قطاً شرساً، يمسكه من ذيله، يحاول القط الالتفاف ليعُضَّ الطفل، ولكن كلما حاول ضغط على ذيله فيصرخ متألما، ويراوغه الطفل مبتعداً عن انياب ومخالب القط الشرس، ويضحك كلما شعر بالفوز، استمر الطفل في تحدي القط الشرس حتى استسلم القط وتوقف عن محاولة استخدام مخالبه وانيابه بعدما فشل في النيل من الطفل، الذي حشد مهارته في التغلب على الشرس حتى استسلم وعلى موائه المكان.

استعدت عنوان كتاب قرأته ” القبض على النمر من ذيله” حول تطوير عمل المنظمات الاهلية، تناسب العنوان مع أفكار مجنونة اجتاحتني، واستوطنتني فكرة القبض على الوحش من ذيله.

ولكن في يومي هذا والتداعيات سحبتني حول احلامي بوقف المقتلة وتفادي أسلحة الدمار في المجابهة مع الغرب الإستعماري وامريكا وصنيعتها إسرائيل.

استعدت كتاب القبض على النمر من ذيله وغضضت النظر عن موضوعه، وتمعّنتُ مفاهيم القبض على الإمبريالية من أضعف حلقاتها ومن مناطق ضعفها ، وبعد دراسة حثيثة لإمكانية المواجهة الدامية جدا والخسائر الفظيعة أمام ٱلة حرب الإبادة التي يتسلح بها الغرب الإمبريالي وصنيعته، وهذا ما يتجلى من خلال العدوان الحالي على غزة ولبنان.

إضافة لذلك التحكّم السيبراني والتكنولوجي في ما تملكه جيوش العالم من طائرات ومعدّات اتصال، تنكشف ولا تعتبر ضمن أية أسرار عسكرية، وقدرة أمريكا على وقف تشغيل طائرات ال إف 16 خلال طيرانها لو تجرأت على استهداف حلفائها، وكذلك درس تفجير أجهزة الاتصال “البيجرز” وأجهزة اللاسلكي في لبنان، بمثابة إعلان لأي كان بأنه تحت سيطرة وتحكم أمريكي، وتجنب التفكير في المجابهة العسكرية لأنها هزيمة أو انتحار عسكري.

وبالتالي بعد هذا العرض المختصر لقوة العدو الأمريكي والغربي والإسرائيلي، يفتح مسارا آخر وهو التفكير العكسي، أي القبض على هذا الوحش من ذيله ومن نقاط ضعفه.

وهذا ليس مجرد اضغاث، بل حقيقة تخوضها مجموعة من الناشطين العالميين والمؤسسات المتنوعة في دول كثيرة تحت بند المطالبة بوقف الإبادة والعدوان والمحاكمة.

نحاول استعراض هذه الإجراءات والتي تخوضها مجموعات المقاطعة:-

وهي أولا: اليهود المعادون للصهيونية والذين يزدادون يوماً بعد يوم، واليهود المعادون لحرب الإبادة والمظاهرات الضخمة التي جابت نيويورك، ومشاركتهم في عشرات بل مئات المظاهرات.

ثانيا: مشاركة ما لا يقل عن ( 200 ) مئتي مدينة عالمية في المظاهرات ضد حرب الإبادة، بما تشمل من مثقفين واتحادات وناشطين.

ثالثا: انفجار حراك طلابي ضخم على مستوى الجامعات وخاصة الأمريكية والغربية، وحركة اعتصامات وفرض قيود على التعاون العلمي والعسكري والبحثي.

رابعا: المقاطعة لمنتجات شركات تدعم حرب الابادة على مستوى العالم، وهناك على الصعيد العربي والاسلامي والافريقي وامريكا اللاتينية واسيا تأثير قوي.

خامسا: الجانب القانوني ومطاردة مجرمي الحرب في المحاكم الدولية.

سادسا: نشاط مجموعات المقاطعة ( B D S) في رصد منتجات المستوطنات والبضائع التي تصنع في الكيان والبضائع المناصرة، وكذلك رصد حركة التجارة والسفن والطائرات والشاحنات، والتعاون في حصاره وفضحه وإحراجه من اطار السرية الى العلن مما يحرج متداوليه، وتعرضهم لنقمة اجتماعية وتداعيات مختلفة.

سابعا: بدأت المنتجات البديلة احتلال مكان البضائع المدرجة على قائمة المقاطعة وخاصة المشروبات الساخنة والغازية، ومطاعم الوجبات السريعة وصولا لدرجات مقاطعة دول المنشأ عالية من التأثير.

رغم محاولات الاحتواء لثورة الطلبة من خلال الاعتقال والفصل والتهديد بفقدان فرص العمل، وهم محور المجابهة العالمية في الجامعات ضد التعاقدية والعلاقات مع الكيان، صوتهم الهادر لم يتأثر رغم القوانين والإجراءات القمعية.

ولن يفيد ذلك لأن طبيعة الطلبة كما وصفهم ماركوز في كتابه “الإنسان ذو البعد الواحد” يملكون اندفاعا ثوريا غير قابل للتهديد بسبب عدم استقرارهم طبقيا، وهم فئة لا يمكن ترهيبها، وأضحت واضحة التداعيات للحركة الطلابية وأثرها في المجتمع الأمريكي والغربي.

أن حركة( 200 ) مئتي مدينة عالمية تتصاعد فيها المظاهرات هي تطور تراكم الوعي ضد العدوان والإبادة وحصاره وبالتالي القبض على ذيل المشروع الإمبريالي ومؤسسات التصنيع العسكري ودهاقنة الحروب والخراب.

“وأسوق بعض الأمثلة:

لقد نشرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الاسرائيلية نقلاً عن رئيس جامعة بئر السبع: رصدنا أكثر من (300 ) ثلاث مئة حالة مقاطعة للنظام الأكاديمي الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر قادمة من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وكندا.

كمأ أن هناك غضباً في أوساط المستوطنين؛ بسبب مشروبات في برلين، أُطلق عليها اسمي “غزة” و”فلسطين”.

وهناك حملات في المحاكم الدولية والغربية ضد العسكريين ومجرمي الحرب، ضد الصحفيين المتورطين بالنسف والقتل، وضد السجانين الذين ينتهكون القانون الإنساني بالتنكيل بالمعتقلين.

قيام محامين ورجال قانون برفع دعاوى ، وحتى حركة حاخامات ضد الاحتلال، ورصد الجرائم من مؤسسات بتسيلم ومؤسسات حقوق الانسان وجمع أدلة من أفعال المستوطنين والجنود والتصريحات العنصرية لوزراء وجنرالات تُحرّض على الإبادة، تعرض أصحابها مستقبلا للمساءلة الدولية.

وأخيرا: إن القبض على الوحش من ذيله يتصاعد دون جهة ما توجهه، وهذا سر مضاعفة قوته، لانه يخلق حالة تراكم تؤتي أُوكلها في المستقبل القريب، حينما ينتصر الإنسان بمفاهيم الحرية والعدل.

وتسقط نظرية الإبادة من خلال هذه الحركة الأخطر وهي القبض على الوحش من ذيله وعدم مواجهة أنيابه المدججة باخطر انواع القنابل .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى