تدخل الصهيونية بمناهج الدول العربية والإسلامية
المؤشر 26-09-2024
بقلم : هبة بيضون
كيف لشركة صهيونية أن تقوم بالتدخل بالمناهج التي تدرّس في بعض الدول العربية والإسلامية، خاصة تلك المتعلقة باللغة العربية وبالدين الإسلامي!! لقد سمعت قبل ما يقارب العقد من الزمان، بأنّ بعض الدول العربية ستغير مناهجهها وتقوم بحذف كثير من المعلومات المتعلقة بالدين الإسلامي، تحت شعار “التطوير والتحديث” ليصبح منهج الدين الإسلامي أكثر تطوراً ويتماشى مع التطور الحاصل في العالم من جميع النواحي، واعتقدت حينها أنّ هذا ضرب من الخيال ومن المستحيل أن يحدث، على الرغم من أنني سمعته من شخص ممن يعملون على مثل هكذا مشاريع تتعلق بإحداث تغييرات جذرية بالفكر والمعتقد والصورة، ولكني اعتقدت آنذاك بأنّ هذا الأمر لن يمر وبأنه يبالغ بعض الشيء.
إنّ انتشار معلومات الآن عن شركة اسمها “Imapct” باللغة الإنجليزية، بمعنى “تأثير” باللغة العربية، بالإضافة إلى أنّ لها موقعاً إلكترونياً يمكن الرجوع عليه، ويمكن التأكد من محتواه، جعل هذا الأمر أقرب إلى الواقع والتطبيق، وإذا كان هذا هو الحال، فماذا سنفعل نحن كعرب وكمسلمين بهذا الخصوص؟ وكيف لنا أن نحمي ديننا من التحريف والتشويه، وأولادنا من حجب الدين عنهم واستبداله بمعتقدات بعيدة عن ثقافتنا وتراثنا وعاداتنا وتقاليدنا وديننا، وبالتالي الانحراف والسقوط بالهاوية؟؟
هذا ناقوس خطر يتطلب تضافر جهود المؤسسات التعليمية والدينية في كافة الدول العربية والإسلامية للتصدّي لهذا المشروع الاستراتيجي الخطير، الذي يستهدف الأجيال القادمة من جهة، ويستهدف الهوية العربية والإسلامية، حيث يسعى إلى تشويهها وتذويبها لتتلاشى، ويحل محلها ما يتناسب مع المخططات الصهيونية التوسعية الاستعمارية لغزو العالم، ولتحقيق الأهداف الموضوعة من خلخلة وتفكيك المجتمعات العربية والإسلامية، وزرع أفكار دخيلة بين الأجيال القادمة، لتنهار المنظومة الأخلاقية والدينية، ويحل محلّها منظومات مبتكرة مزيفة مصطنعة لتحقيق أهداف تدميرية على المجتمع، وبالتالي تحقيق الأهداف الاستعمارية بكافة أشكالها من استعمار ثقافي وفكري وغيره.
والغريب بأنّ هذه المشاريع تمول بمبالغ ضخمة، ويقوم عليها تنفيذها أدوات عربية من نخب علمية وتربوية، إمّا أنها تجاهلت الخطر المطلوب في سبيل المنفعة المالية، أو أنها جاهلة أو تم تجهيلها، بخداعها بأنّ هذا أمر حضاري ومطلوب ولصالح البشرية، وبغض النظر إن كانت تلك “النخب” اقتنعت أم تم إقناعها أم تظاهرت بأنها اقتنعت، أو اقتنعت على مضض.
لا بد من وجود جهات رقابية من قبل الدول على مثل هذه التحديثات، التي من المفترض أنها غير قابلة للتطبيق من غير موافقة الدولة، والمصيبة الكبرى أن يحدث هذا بموافقة الدولة وتحت إشرافها، وهنا ينتقل الدور بالتصدّي لهذه المؤامرة من الدولة إلى المجتمع، بأفراده ومؤسساته المختلفة، خاصة الأهالي الذين سيتضرر أولادهم من هذه التحديثات، ويصبح واجبهم الاعتراض وتشكيل حراك رافض لذلك.
كما أعتقد أنه لا بد من تأسيس هيئة عربية لفضح المناهج الصهيونية، خاصة الدينية منها، والتي تحض على قتل العرب وإبادتهم، كخطوة أولى.
ليس مستغرباً أن نعرف بأنّ القائمين على هذا المشروع هم من اليهود، وبالذات اليهود الأميركان، والسؤال هنا، هل يمكن أن تقوم شركة عربية مسلمة بالتدخل بالمناهج المدرسية في الدول الغربية وإسرائيل، أو إبداء انتقادها أو رأيها أو اقتراحاتها فيما يتعلق بها، بحجة أنها ضارة بالمجتمع؟؟ ماذا سيكون الرد، خاصة الولايات المتحدة وإسرائيل، في حال انتقد أحدهم أو جهة معينة أو دولة مناهجهم التعليمية وطالب بتغييرها تحت مسمى “التحديث”؟ لماذا علينا أن نقبل، ولماذا لا نرفض ونمنع حدوث مثل هذه الكارثة التي ستظهر آثارها القاتلة بصورة تدريجية، ليأتي يوماً نندم على سكوتنا واستسلامنا، وندرك الضرر الذي ساهمنا بإحداثه لمجتمعاتنا وللأجيال القادمة، في حال لم نتخذ الإجراءات اللازمة للتصدّي لهذه المشاريع الخبيثة.