“3000 صاروخ يومياً وهجوم البر خطير”.. كيف تقرأ “إسرائيل” الحرب مع حزب الله؟
المؤشر 26-09-2024 تحدثت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية عما يمكن أن يتعرض له كيان الاحتلال الإسرائيلي في حال الاستمرار في العدوان على لبنان وتوسّع الحرب مع حزب الله،ذي “ازدادت قوته على مدى السنوات الـ18 الماضية”، منذ حرب تموز عام 2006.
وأشارت الصحيفة إلى احتمال أن يقوم حزب الله بإطلاق “ما يصل إلى 3000 صاروخ وقذيفة يومياً في اتجاه إسرائيل، في هجمات كثيفة مصممة لإرباك الدفاعات الجوية الإسرائيلية، والتركيز على أهداف دقيقة ومحددة، من القواعد العسكرية إلى المدن”، وهو احتمال حذّرت منه دراسة حديثة أجرتها جامعة “رايخمان” الإسرائيلية.
أما استمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان فيعتمد إلى حد كبير على الحسابات السياسية التي يتبناها رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، بحسب الصحيفة.
وإضافةً إلى هذا العامل، يتوقف الأمر أيضاً على تعريف نتنياهو لـ”النصر الكامل” في لبنان، وفقاً لـ”فايننشال تايمز”، ففي قطاع غزة، “لا توجد أي علامة على الانتصار لإسرائيل، حيث ترفض حماس الاستسلام ولا يزال في حوزتها 100 أسير إسرائيلي”، منذ نحو عام سعى خلاله نتنياهو لتدمير الحركة وقدراتها العسكرية.
في السياق نفسه، أوضحت الصحيفة أنّ أهداف العدوان الإسرائيلي على لبنان “تقتصر على جعل الشمال آمناً بما يكفي لعودة عشرات آلاف الإسرائيليين”، مشيرةً إلى أنّ تحقيق هذا الهدف يستدعي أن يقوم “الجيش الإسرائيلي بتقليص ترسانة حزب الله، المقدّرة بنحو 200 ألف صاروخ وصواريخ باليستية قصيرة المدى، ودفع مقاتليه إلى شمالي نهر الليطاني”.
فيما يتعلق بشنّ الاحتلال عدواناً برياً على لبنان، أكدت الصحيفة أنّ “أي هجوم عبر البر سيكون أكثر تعقيداً وخطورةً بالنسبة لإسرائيل، من الهجوم الجوي
وفي هذا الإطار، لفتت إلى أنّ الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 “يُنظر إليه على أنّه يمثّل ما مثّلته فيتنام” للولايات المتحدة”. فضلاً عن ذلك، فإنّ “الجيش الإسرائيلي منهك اليوم، بعد عام من القتال في قطاع غزة”، كما أوردت “فايننشال تايمز”.
ورأى شلومو موفاز، وهو مسؤول كبير سابق في استخبارات “الجيش” الإسرائيلي، أنّ الهجوم البري على لبنان يمثّل “المرحلة الأخيرة”، محذراً من أنّه “لن يحقق مكاسب كبيرةً لإسرائيل”، بحسب ما نقلته عنه الصحيفة.
ولفت موفاز إلى أنّ “إسرائيل لديها حالياً 3 فرق فقط تعمل في الشمال، وهو العدد نفسه الذي نشرته في أثناء حربها الفاشلة على لبنان عام 2006، وأقل من الفرق الأربع التي قاتلت في قطاع غزة”، معرباً عن اعتقاده بأنّ “الهجوم البري ليس مطروحاً على الطاولة خلال الأيام أو حتى الأسابيع المقبلة”.
“دروس من حرب تموز”
لكن “إسرائيل”، في حال شنّها عدواناً برياً، “ستعاني كثيراً”، بحسب ما أقرّ به إيهود أولمرت، الذي تولى رئاسة الحكومة خلال حرب تموز عام 2006.
وأكد أولمرت أنّ “معاناة إسرائيل لن تشبه شيئاً مما عانته من قبل في كل حروبها ضدّ الدول العربية منذ عام 1948″، محذراً من أنّ “الصراع الشامل مع حزب الله، الذي قد يتوسّع إلى صراع شامل مع إيران، سوف يكون مؤلماً ودموياً للغاية”، وفقاً لما نقلته عنه “فايننشال تايمز”.
الصحيفة أشارت إلى أنّ غياب النصر الحاسم في عام 2006 “كان يطارد” أولمرت، الذي قال إنّ “الدرس الأكثر أهميةً الذي تعلمناه من تلك الحرب هو أن نعلّم أنفسنا أن نكون أكثر تواضعاً، وهو أمر يكاد يكون مستحيلاً”.
وبالعودة إلى تموز 2006، ذكرت الصحيفة أنّ الأهداف التابعة لحزب الله، والتي حددها سلاح الجو الإسرائيلي مسبقاً، “نفدت خلال الأسبوع الأول من الحرب”، إذ استخدم الطيارون الإسرائيليون أفضل الطائرات الحربية في العالم على مدى 34 يوماً، إلا أنّهم لم يضربوا إلا مواقع حزب الله التي كشفها القتال، وليس مواقعه الاستراتيجية”.
وبحسب ما تابعت “فايننشال تايمز”، فإنّ تلك الحرب انتهت إلى “طريق مسدود بين إسرائيل، صاحبة الجيش الذي يحظى بالموارد الأفضل في المنطقة، وحزب الله، الذي يتلقى الدعم من إيران وازدادت قوته على مدى 18 عاماً”.
أما الآن، بعد هذه الأعوام الـ18، وبينما يدفع العدوان الجوي الإسرائيلي الواسع على لبنان إلى “حافة حرب أخرى، تكون شاملة النطاق”، فإنّ “الدروس العسكرية التي تعلّمها الجانبان، أو لم يتعلّماها، قد تعيد تشكيل المنطقة”، كما تابعت الصحيفة.
في هذا السياق، أشارت إلى أنّ حزب الله “استفاد من دروس حرب 2006، فقد استورد تكنولوجيا الصواريخ والطائرات المسيّرة الإيرانية، ودرّب كوادره، وحفر شبكةً من الأنفاق التي يُعتقد أنّها أكبر من أنفاق حماس في غزة”.
وفي دلالة على الصعوبة التي سيواجهها الاحتلال في مواجهة حزب الله، ذكّرت الصحيفة بأنّه “ثبت أنّ مترو حماس من الصعب تدميره، وهو محصّن ضدّ المراقبة الإلكترونية الإسرائيلية، ويمثّل ملجأً فعالاً للمقاتلين وأسلحتهم، على الرغم من حفرها بالحجر الرملي الناعم”.
وعلاوةً على ما سبق، قام حزب الله خلال العام الماضي الذي تخللته المواجهات المتواصلة مع الاحتلال بـ”رسم خرائط للأهداف الإسرائيلية المحتملة، ودراسة كيفية رد إسرائيل على هجمات الطائرات المسيّرة، بما في ذلك العديد من الطائرات التي تمكّنت من تجاوز الدفاعات الجوية”، كما تابعت “فايننشال تايمز”.
“ضبط النفس النسبي لدى نصر الله مثير للقلق”
إلى جانب المعطيات العسكرية التي تثير المخاوف في كيان الاحتلال، أبدى مسؤول سياسي إسرائيلي كبير “قلقاً بالغاً من ضبط النفس النسبي والسيطرة” اللذين يبديهما الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، في إدارة معركته، بحسب ما نقله مراسل الشؤون السياسية في “القناة 12” الإسرائيلية، يئير شركي.
ولدى تعليقه على استهداف حزب الله مقرّ قيادة “الموساد” في ضواحي “تل أبيب”، صباح الأربعاء، بصاروخ باليستي من نوع “قادر 1″، قال المراسل إنّ الهجمات الإسرائيلية ضد لبنان “لا تعني أنّ نصر الله غير قادر على توجيه ضربات، بل إنّه يفعل من خلال التفكير، ونحن حتى الآن لا نعرف ما الذي يفكر فيه”.
بدوره، نبّه معلق الشؤون العربية في القناة نفسها، أوهاد حامو، إلى أنّ “المعركة لا تزال في البداية”، مؤكداً أنّ لدى السيد نصر الله “قدرات مهمة جداً”، ومعرباً عن أمله “في ألا يرينا إياها”.
وقال إنّ حزب الله “يمكنه إن يفعل أكثر من ذلك (استهداف تل أبيب بصاروخ)، وأن يطلق الكثير من الصواريخ لمسافات أبعد بكثير”، معتبراً أنّ إطلاق حزب الله صاروخاً بالستياً في اتجاه “تل أبيب” ينطوي على رسالة من السيد نصر الله، مفادها أنّه “مستعد للمخاطرة وإدخال تل أبيب الى المعادلة، في ضوء أنّكم أنتم في إسرائيل أدخلتم الضاحية الجنوبية.. هذا غير مناسب لكم”.
أما لدى حديثه عن تعمّد تنفيذ الاستهداف بصاروخ واحد، فقال حامو إنّ هذا يعود لكون العملية تهدف إلى “إيصال رسالة أولاً، وتحطيم الحاجز النفسي ثانياً”.
وتابع” “أنا أعتقد أنّ ما يحصل هنا هو محاولة لدفعنا إلى نوع من حرب استنزاف مكثّفة.. لا يريدون (في حزب الله) حرباً شاملة، ولذلك يلمّح نصر الله إلى ما يمكنه فعله