“Counterpunch”: ادّعاءات بايدن عن سياسته تجاه غزّة سخيفة
المؤشر 24-08-2024 موقع “Counterpunch” ينشر مقالاً للصحافي الأميركي نورمان سولمون، ينتقد فيه خطاب الرئيس الأميركي جو بايدن في مؤتمر الحزب الديمقراطي، وتحرّك إدارته الظاهري لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة.
يقول الكاتب الإنكليزي جورج أورويل إنّ “الذين يُسيطرون على الحاضر يُسيطرون على الماضي، ومن خلاله يُسيطرون على المستقبل كذلك”. بهذا الأسلوب، تحدّث الرئيس الأميركي جو بايدن في مؤتمر الحزب الديمقراطي منذ أيّام، محاولاً السيطرة على سردية أحداث الحاضر وتأليف أحداث الماضي كي يُسيطر على سردية المستقبل.
تناسبت كلمة بايدن مع التحرّك السياسي الظاهري لإدارته، وهي تزعم أنّها “تسعى” بلا كلل لوقف العدوان الإسرائيلي على غزّة، في الوقت الذي تغدق على دولة الاحتلال الإسرائيلي بالأسلحة والقنابل التي مكّنتها من ارتكاب مذابح مستمرّة بحق المدنيين الفلسطينيين في غزّة.
وقال بايدن للوفود المشاركة في المؤتمر: “سنواصل العمل لإعادة الأسرى إلى ديارهم، وإنهاء الحرب في غزّة، وإحلال السلام والأمن في الشرق الأوسط. وكما تعلمون، فقد حضرنا اتفاق سلام. وقبل بضعة أيّام، طرحت اقتراحاً يُقرّبنا من تحقيق هذا الهدف أكثر مما حقّقناه منذ 7 تشرين الأوّل/أكتوبر من العام الفائت”.
كانت هذه الكلمة عمليّة اغتيال للحقيقة ومكراً سياسياً لرئيس وافق قبل 6 أيام فقط على إرسال أسلحة إضافية بقيمة 20 مليار دولار إلى الدولة الصهيونية، ومع ذلك، حاز بايدن تصفيقاً صاخباً من مندوبي حزبه في قاعة المؤتمر، ما شجّعه على الاستفاضة بدوره كـ”صانع” سلام، قائلاً: “نحن نعمل على مدار الساعة، يا وزير خارجيتي، لمنع اندلاع حرب أوسع نطاقاً، وإعادة الرهائن جميعهم، وزيادة المساعدات الإنسانية الصحّية والغذائية إلى غزّة الآن، وإنهاء معاناة المدنيّين الفلسطينين، وأخيراً، وأخيراً، وأخيراً، التوصّل إلى وقف لإطلاق النار وإنهاء هذه الحرب”.
استمتع بايدن بالثناء والإطراء على مزاعمه السلمية، على الرغم من سجلّه المشبوه بالشراكة في ارتكاب مذابح منهجية بحقّ عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين. كان أورويل ليفهم موقف بايدن وغيره من المسؤولين الأميركيين الذين يطلقون ادّعاءات عن مساعيهم لإحلال السلام، في حين يساعدون ويشجّعون “إسرائيل” على ارتكاب الإبادة الجماعية في غزّة، في عملية تطبيع الخداع بشأن الماضي كي يشكّل نمطاً لارتكاب مثله في المستقبل.
وهكذا، من خلال العمل بالنموذج الذي وصفه أورويل، يمارس بايدن سيطرته على الحاضر، ويسعى جاهداً للسيطرة على السرديّات حول الماضي، ويسعى إلى جعل كلّ هذا يبدو طبيعياً، ينبئ بالمستقبل. ولقد كان حرص المندوبين على التصفيق لرواية بايدن السخيفة والكاذبة حول سياسات إدارته تجاه مأساة غزّة جزءاً من مداهنة أوسع، إذ احتفى المؤتمر قبل ساعات من الافتتاح بالرئيس الذي سيغادر البيت الأبيض قريباً.
الكاتب والمعلّق الصحافي بيتر بينارت توقّع أن يحظى بايدن بالثناء من حزبه قبل انعقاد المؤتمر المذكور، وقال: “لا أعتقد أنّه يُمكن تحليل أو توثيق مرحلة رئاسة جو بايدن بمعزل عما حدث في غزّة. وإذا كان المرء يتمتّع بعقلية ليبرالية، فلا بدّ من أن ترفض الإبادة الجماعية كأسوأ شيء يمكن أن تفعله دولة، وأسوأ شيء يمكن أن تفعله دولتك إذا كان بلدك من يسلّح ويدعم هذه الجريمة الكبرى”.
ويتابع بينارت: “الصورة واضحة؛ ما تقوم به إسرائيل هو إبادة جماعية بلا لبس، بشهادة معظم الباحثين الأكاديميين والباحثين في القانون الدولي لحقوق الإنسان، الذين لم ينكر أحدهم قيام إسرائيل بجريمة الإبادة الجماعية. وكان الأحرى بالديمقراطيين أن يقولوا شيئاً آخر عن جو بايدن وعما فعله كرئيس وشخص في غزة كأمر محوري في إرثه. وإذا لم يفعلوا، فمعنى ذلك أنّ حياة الفلسطينيين لا تهم، أو على الأقل لا تهم في هذا اليوم بالذات الذي يحتفى به بالرئيس، وهذا غير إنساني، فلا يمكن رفع شعارات الليبرالية في وقت نقول إنّ حياة مجموعة من الناس لا تهم”.
لقد كان العرض البهيج الذي قُدم في مدح بايدن تأكيداً على الغباء الأخلاقي البشع الذي ساد منصة مؤتمر الحزب الديمقراطي، إذ غادر جو بايدن المنصة ممسكاً يد حفيده الصغير اللطيف، وهو طفل ثمين لا تزيد قيمته على أي طفل من بين آلاف الأطفال الذين ساعد الرئيس “إسرائيل” على قتلهم.