كتاب المؤشر

أوروبا كما امريكا الى اليمين !

المؤشر 03-07-2024   

بقلم : د.حازم قشوع

قبل عشره سنوات كان الحديث عن وصول ماري لوبان إلى سدة الحكم يعتبر من المحرمات كما داعش عند الحكومات العربية كان أيضا كذلك، وكان التحدث عن وصول شخصية مثل دونالد ترامب يثير السخرية حتى في محطة فوكس نيوز الأمريكية تماما كمسألة وصول بن غفير و سمورترش الى بيت الحكم فى تل أبيب كان يعتبر مرفوض شكلا وغير قابل للنظر موضوعا من بيت القرار الاسرائيلي.

هذا لأن كل ما ذكرت يحمل تشكيلات غارقة فى العرقية والإثنية التي لا تقبل الآخر وترفض مبدأ المواطنة الذي من المفترض أن تقوم عليه المجتمعات المتقدمة في احترام مسألة العيش المشترك والتعايش السلمي وسيادة القانون الدولي بين المجتمعات، التي جعلته اسرائيل وامريكا مؤخرا “ممسحة زفر” لسياساتها فى حرب غزة عندما تنمرت اسرائيل على البيت الاممي وراح الكونجرس الامريكي بصورة مستهجنة يبحث مسالة مطاردة أعضاء محكمة العدل الدولية والجنائية المتممة لها لأنحيازها للقانون الدولي وسيادته لوقف حرب الجنون التى تشنها آلة الحرب الإسرائيلية المؤيدة امريكيا ضد الشعب الفلسطيني شبه الأعزل فى حرب التطهير العرقي في معركة غزة.

ولعل هذه الصور تقود الاستنتاجات مباشره لتأكد عبرها أن المنظومة الدولية تشهد حالة تفكك فى بيت القرار كما تشهد مجتمعاتها ارضيه ل “حروب أهلية” فى ظل تنامى مظاهر العنصرية التي أخذت تسود مجتمعاتها، كما المرجعيات القانونية أخذت ما تكون مرنة ويتم توظيفها على المقياس السياسي المراد تكوينه ولا تطبق بشكل حازم بما يجعلها تسود على الجميع حتى تشكل بالمحصلة مرجعية يمكن الاتكاء عليها بفض النزاعات وهذا ما جعل من بيت القرار الأممي في اتونها آيل للسقوط !.

وبالنظر للصورة الكلية في شمال العالم نجده يعيش حالة تقوقع وحوصلة، وهى الحالة التى تنذر بانتهاء الاتحاد الاوروبي وبالتالى حلف الناتو، بل وتهدد تداعياتها وحدة الولايات المتحدة كما وحدة المجتمعات الأوروبية ذاتها بصورتها الوطنية فى ظل تصاعد تيار اليمين و اشتداد الضغوط الاقتصادية عليها بعدما تم تجفيف شريان منابع الدول التي كانت مستعمرة لديها في جنوب العالم التى كانت تقوم بأمدادها بالموارد الطبيعية والبشرية.

بعدما أخذت دول جنوب العالم تبحث عن حمايات جديدة أقل كلفة وسلع جديدة ارخص وأسلحة متطورة باشتراطات أقل وهذا ما وفرته الصين فى المقام الأول كما وروسيا وكما الدول ذات الوزن الإقليمي مثل تركيا وايران بالشرق الأوسط وفي آسيا الوسطى الباكستان والهند وفي أمريكا اللاتينية البرازيل كما في أفريقيا جنوب أفريقيا التي أخذت ما تشكل عنوان الثقل الوازن مع الجزائر حسب التحليلات الإستراتيجية.

وهو ما يدل أن العالم يعيش حالة حرب ولا يقف عند أطرافها كما يتصور البعض وأن مسالة خمد نيران أوكرانيا كما حرب الشرق الأوسط بحاجة لقرار لا تمتلكه الأدوات الغارقة فى البحث عن مساحه من أجل تثبيت صوره لقضية وأن كانت تعتبر مسألة مهمة بتثبيت الوجود على اعتبار من يفرض وجوده سيكون له حضور في الجغرافية القادمة.

صحيح أن الحرب بشكلها المركزي تدور رحاها فى الحيز المدارى او ما يعرف بالاوربيتي ومن على ايقاع الصناعة المعرفيه حيث الرقائق الالكترونية التي من يستحوذ عليها يفرض شروطه فى قيادة العام من جديد، لكن ما هو صحيح أيضا الجغرافيا السياسية أصبحت قيد اعادة التموضع واعادة الترسيم كما ديموغرافيا المجتمعات تشهد متغير يقوم على القومية الاثنية بعدما سقطت من مجتمعاتها مسألة العيش المشترك والسلم الأهلي واخذت الغالبية تنحاز لفكرة الاستعمار من جديد وهذا ما جعل من شمال العالم يتجه اتجاه اليمن.

وبدلا أن يشهد النظام العربي حالة وحدوية دعى اليها الاردن في العديد من المناسبات تستجيب لمعطيات الدفاع عن الذات في حماية مكانة النظام العربي وحدوده، أخذت مجتمعاته تعيش حاله شبيه بالتي يعيشها العالم في شماله عندما أخذت المجتمعات الخليجية تشهد حالة انكفاء على الذات كما مصر فى سياق متصل على حد وصف متابعين كما يعيش الشمال الأفريقي حالة تخندق على الذات ابتعدت فيها عن مقتنيات المرحلة وطبيعة تكوين المشهد السياسي فيها كما يصف ذلك متابعين، وهذا ما يهدد الأمن القومي العربي ويضعف حضوره ويجعل من مجتمعاته غير آمنة وكما يجعل جغرافيته السياسية مهددة في ظل وجود قوى شعبية مؤدلجة وتيارات مسلحة فى مجتمعاتها باتت تهدد مجتمعاتها ودول الجوار معا الأمر الذي بات يستدعى من النظام العربي بسط نفوذه بتعزيز دور أنظمة حفاظا على الأمن والاستقرار الأهلى والعربي حتى لا تقوم هذه التيارات بالاستحكام والتحكم بالسلطة وبسط نفوذها بما يضع الدول ويهدد مصيرها عبر تشكيلها لأدوات تغيير الجغرافيا السياسية السائدة في ظل اتجاه الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي ومنهجيته تجاه اليمين !.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى