ترجمات

قصة هزيمة الحملة الصليبية السابعة

المؤشر 03-02-2024  أحدثت هزيمة الصليبيين على يد قوات سلطان مصر الصالح نجم الدين أيوب في موقعة غزة عام 1244 صدمةً هائلة في أوروبا الكاثوليكية، لاسيَّما أنها ثبَّتت استعادة السيطرة الإسلامية على بيت المقدس، الهدف الرئيس للحملات الصليبية، فأعلن لويس التاسع ملك فرنسا عزمه القيام بحملة جديدة.

باركت الكنيسة حملته، وفي العام 1249 وصلت قوات لويس التاسع إلى قبرص، بهدف الانقضاض على مصر عن طريق ميناء دمياط؛ الأمر الذي واجهه الملك الصالح بتعزيز حامية دمياط لتحارب الفرنسيين أشهرًا وأسند قيادتها إلى الأمير فخر الدين.

عسكر الملك بقواته في المنصورة إلى الجنوب من دمياط لقطع الطريق أمام الصليبيين لغزو القاهرة إذا نجحوا في احتلال دمياط، وبعد عدة مناوشات وقع ما خاف منه السلطان بسبب خطأ في المناورات أدى إلى انسحاب القوات ليحصل الفرنسيون على دمياط دون مقاومة تذكر وأرسل لويس التاسع مهددًا باجتياح مصر.

«أما بعد فَإِنَّهُ وصل كتابك، وَأَنت تُهددُ فِيهِ بِكَثْرَة جيوشك وَعدد أبطالك. فَنحْن أَرْبَابُ السيوف، مَا قُتِل منا قِرنٌ إِلَّا جددناه، وَلَا بغى علينا بَاغ إِلَّا دمرناه» هكذا رد الملك الصالح على رسالة لويس التاسع، وبعد محاسبة المخطئين بدأ الملك والشعب المصري الملحمة.

 

على مدار أسابيع دارت حرب شوارع وابتكر المصريون طرقًا في الخداع ارتداء قشر البطيخ كخوذة، والسباحة قرب معسكرات الصليبيين فإذا نزل أحدهم إلى الماء للحصول على الثمرة أُمسك به وعاد به أسيرًا إلى البر الآخر، لكن الأمور تغيرت بمرض الملك الصالح.

توفي الملك بسبب مرضه، فتكتمت زوجته شجر الدر على الخبر حتى لا تضطرب نفوسُ المقاتلين في تلك الأوقات العصيبة، وأرسلت إلى ابنه توران شاه ليتسلم زمام السلطنة، وفي ذلك الوقت أصدرت المراسم باسمه، وتولت إدارة البلاد والمعارك إلى جانب الأمير فخر الدين.

أراد الصليبيون حسم المعركة بعد علمهم بمرض الملك، فتقدموا حتى لم يفصِل بينهم وبين معسكر المسلمين سوى فرع من النيل يسمى بحر أشموم، واستمرت المعارك بالمنجنيق أسابيع حتى حدثت الخيانة، ودلَّ بعض العملاء من المعسكر الإسلامي الصليبيينَ على مخاضٍ في بحر أشموم يمكن أن يعبروه بخيولهم.

باغت الصليبيون قوات المسلمين عن طريق هذا المخاض؛ فتمكنوا من قتل الأمير فخر الدين، ووصلوا حتى قصر السلطان؛ لتبدأ معركة المنصورة بعد انضمام المماليك، ويتمكنوا من قتل المئات من الصليبيين، بينهم شقيق لويس التاسع. ثم يعود توران شاه وتتغير دفة المعركة تمامًا

أعلن توران شاه وفاة والده، وقام الأسطول المصري بهجوم جريء؛ إذ فُككت بعض السفن، وحملت على الجمال، ونُصبت في النيل بين دمياط والمنصورة؛ ليقطع الإمداد أمام القوات الصليبية؛ لتزيد جرأة المقاتلين والمتطوعين، ويبدأ لويس التاسع في طلب التفاوض بعد غروره.

طلب لويس التاسع تسليم دمياط مقابل القدس فرُفض طلبه، ومع مطلع العام الهجري الجديد حاول لويس التاسع الانسحاب؛ لتتبعه قوات المماليك، وتدور معركة فارسكور بقيادة توران شاه نفسه؛ فيقتل 10 آلاف من الصليبيين، وتقع باقي القوات ولويس التاسع في الأسر، ويودع في دار ابن لقمان

«أتيت مصرًا تبتغي مٌُلكهَا … تحسب أَن الزمر يا طبل ريحْ

وكل أصحابك أودعتهم … بحسن تدبيرك بطن الصريح

سبعون ألفًا لا يرى منهم … إلّا قتيل أو أسير جريح

وقل لهم إن أزمعوا عودةً … لأخذ ثأر أو لفعل قَبِيح

دَار ابْن لُقْمَان على حَالهَا … والقيد بَاقٍ والطواشي صبيح»

 

انتشرت هذه الأبيات في مصر والمنطقة لتسخر من لويس وقواته، وبعد مقتل توران شاه على يد المماليك لخلاف سياسي أتمت شجر الدر المفاوضات لخروجه، ليطلق سراحه هو و12 ألف من الجند بعد تسليم دمياط دون قيد أو شرط، وبعد دفع 400 ألف دينار، ويحصل على لقب «سانت لويس» من الكنيسة تقديرًا لجهوده.

 

بعد أكثر من 20 عام عاد لويس التاسع على رأس حملة مشابهة لحملة دمياط، ولكن بهدف احتلال تونس، لكنه مرض، ومات، وفشلت الحملة ليقول عنه أحد الشعراء:

«يا فرنسيس هَذِه أُخْت مصر … فتأهب لما إِلَيْهِ تصيرْ

لَك فِيهَا دَار ابْن لُقْمَان قبرًا … وطواشيك مُنكرٌ وَنَكِيرْ

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى