توقعات الذهب 2026.. صعود جديد أم تصحيح عنيف؟

توقعات الذهب 2026.. صعود جديد أم تصحيح عنيف؟

المؤشر 06-12-2025   بعد عامٍ استثنائيٍ سجّل فيه الذهب أكثر من 50 قمة تاريخية وقفز بنحو 60% خلال 2025، يدخل المعدن الأصفر عام 2026 في حالة من الغموض الجيوسياسي والاقتصادي، ما يجعل مساره المقبل معلّقاً بين استمرار الاندفاع أو بداية تراجع مؤلم.

يرسم تقرير مجلس الذهب العالمي أربع صور محتملة لمستقبل الذهب، تتراوح بين الارتفاع القوي أو الانخفاض الحاد، بحسب مسار الاقتصاد الأميركي، وسياسة الاحتياطي الفيدرالي، وحالة الدولار، وتطور التوترات حول العالم.

ماذا حدث في 2025؟

شهد الذهب واحداً من أقوى الأعوام منذ عام 1971 نتيجة لمجموعة من العوامل المتزامنة، إذ أدت التوترات الجيوسياسية غير المسبوقة إلى تعزيز الطلب على الملاذات الآمنة.

بينما أسهم ضعف الدولار الأميركي في زيادة جاذبية المعدن الأصفر للمستثمرين، كما أدى تسارع الطلب الاستثماري على الذهب عالمياً إلى رفع الأسعار بشكل مستمر.

تصدر الذهب العوائد ب60.63% في 2025، متفوقاً على جميع الأصول الأخرى، بينما سجلت الأسهم الأميركية والعالمية أداءً أقل بكثير.

كان للنمو الاقتصادي والمخاطر الجيوسياسية والزخم السعري مساهمة متزايدة من 2023 إلى 2025، ما يوضح تعدد العوامل التي دفعت الذهب للصعود.

بالإضافة إلى مشتريات قوية من البنوك المركزية التي تجاوزت المتوسط المعتاد، ما أعطى الذهب زخماً إضافياً خلال العام.

وأظهر نموذج غرام «GRAM»، وهو نموذج قياس مساهمة العوامل في عائد الذهب، أن المخاطر الجيوسياسية أضافت نحو 12 نقطة مئوية للعائد السنوي للذهب.

في حين أسهم ضعف الدولار وتراجع الفائدة بما يقارب 10 نقاط، كما أضاف الزخم السعري والمضاربات نحو 9 نقاط، بينما أسهم النمو الاقتصادي بنحو 10 نقاط، ما يؤكد أن ارتفاع الذهب لم يكن مدفوعاً بعامل واحد فقط، بل بمزيج متوازن من أربعة محركات رئيسية.

تظهر البيانات الشهرية تقلبات العوائد بوضوح، مثل يناير/كانون الثاني ومارس/آذار وسبتمبر/أيلول مع ذروة العوائد الشهرية.

توقعات 2026.. أربعة سيناريوهات تُحدد اتجاه الذهب

بالنسبة للسيناريو الأساسي، تشير توقعات الأسواق الحالية إلى نمو عالمي مستقر عند 2.7% إلى 2.8%، مع خفض إضافي للفيدرالي بنحو 75 نقطة أساس، وانخفاض تدريجي في التضخم.

يأتي ذلك بينما يرتفع الدولار بشكل طفيف، مما يجعل الذهب مستقراً دون اتجاه واضح، على الرغم من أن التاريخ يوضح أن الأسواق نادراً ما تلتزم بالتوقعات.

أما السيناريو الثاني المعروف بـ«الانزلاق المعتدل»، فإنه يحدث إذا تباطأ الاقتصاد الأميركي، وانخفضت شهية المخاطر، وظهرت خيبات أمل في قطاع الذكاء الاصطناعي، مع تدخل الفيدرالي بخفض أكبر للفائدة، عندها سيستفيد الذهب من ضعف الدولار.

وكما سيؤدي إلى انخفاض العائدات، وتدفقات استثمارية دفاعية، يعزز الاتجاه دخول لاعبين جدد مثل شركات التأمين الصينية وصناديق التقاعد الهندية، ما قد يدعم ارتفاع الذهب بين 5% و15% في 2026.

وفي السيناريو الثالث، أو ما يُعرف ب«حلقة الهبوط»، فإن الذهب سيشهد قفزة تتراوح بين 15% و30% في حال حدث تباطؤ عالمي متزامن، وتفاقمت التوترات الجيوسياسية أو التجارية، وضعف الدولار بشدة، مع خفض الفيدرالي للفائدة بقوة.

ويؤدي ذلك إلى تدفقات ضخمة إلى صناديق الذهب متداولة في البورصة، وزخم سعري كبير، وارتفاع الطلب على الملاذات الآمنة، ليواصل الذهب موجته الصاعدة وربما يسجل قمماً جديدة.

أما السيناريو الرابع؛ «عودة التضخم وهبوط قصير ثم صعود طويل لأسعار الذهب»، فيحدث إذا نجحت سياسات إدارة ترامب في تحفيز النمو، وارتفع التضخم مجدداً، واضطر الفيدرالي لتثبيت أو رفع الفائدة، مع قوة الدولار، عندها ستتحول المستثمرات نحو المخاطرة، ما قد يؤدي إلى عمليات بيع واسعة في صناديق الذهب، على الرغم من أن هذا الهبوط قد يجذب مشتريات انتهازية من المستهلكين والمستثمرين على المدى الطويل.

في هذا السيناريو، (السيناريو الرابع)، الذهب قد يهبط مؤقتاً على المدى القصير بسبب تحول المستثمرين إذ يبتعدون عن الأصول الآمنة مثل الذهب والسندات الحكومية، ويتجهون لاستثمارات أكثر خطورة وارتفاع الدولار، لكنه يصعد أو يستعيد قيمته على المدى الطويل باعتباره تحوطاً ضد التضخم.

عوامل مجهولة قد تغيّر الصورة

لا يزال الطلب الرسمي من البنوك المركزية من الأسواق الناشئة أقل بكثير من الدول المتقدمة، وإذا تصاعدت التوترات العالمية فقد تتسارع هذه المشتريات بشكل كبير، بينما إذا تراجعت المشتريات إلى مستويات ما قبل الجائحة فإن الذهب قد يواجه رياحاً معاكسة.

أما الذهب كضمان للقروض، فهو عامل آخر قد يؤثر على المعروض، ففي الهند وحدها تم رهن أكثر من 200 طن من الذهب لدى البنوك هذا العام، مع وجود كميات مشابهة في القطاع غير الرسمي.

وإذا حدث تباطؤ اقتصادي هناك، فقد تضطر الجهات المقرضة لبيع الذهب المرهون، ما يزيد المعروض ويرفع الضغط على الأسعار.

رغم أن الأسواق تتوقع عاماً مستقراً للذهب، فإن هشاشة الاقتصاد الأميركي، وكثافة المخاطر الجيوسياسية، وعدم وضوح سياسة الفيدرالي، واتساع استخدام الذهب كأداة تمويل، كلها عوامل تجعل سيناريو الصعود أكثر ترجيحاً من الهبوط.

لكن عام 2026 لن يكون عادياً، والذهب يتحرك على خيط رفيع بين موجة صعود جديدة وتصحيح محتمل.