أميركا تحذّر العالم من قروض الصين لكنها أكبر المستفيدين.. كيف ذلك؟
المؤشر 18-11-2025 كشف تقرير حديث عن مفارقة مثيرة تتعلق بالقروض التي تقدمها البنوك الصينية الحكومية، إذ طالبت الولايات المتحدة دول العالم بعدم الاعتماد على هذه القروض التي تدعم صعود الصين كقوة عظمى، لكنها في الوقت ذاته تعتبر أكبر مستفيد من هذه القروض على الإطلاق.
وأوضح التقرير الذي أصدره مختبر أبحاث «إيد داتا» AidData في كلية ويليام وماري بولاية فرجينيا أن البنوك الصينية ضخّت نحو 200 مليار دولار في الشركات الأميركية خلال ربع قرن، لكنها غالباً ما بقيت هذه القروض خفية، بعد أن وُجهت عبر شركات وهمية في جزر كايمان وبرمودا وديلاوير لتغطية مصدر التمويل.
وأشار التقرير إلى أن كثيراً من هذه القروض هدفت إلى تمكين الشركات الصينية من شراء حصص في شركات أميركية، بما في ذلك شركات تعمل في مجالات التكنولوجيا الحيوية، أشباه الموصلات، والروبوتات، وهي قطاعات حساسة تتعلق بالأمن القومي.
كما أظهرت البيانات وجود شبكة تمويلية معقدة تشمل دولاً غنية مثل المملكة المتحدة (60 مليار دولار)، والاتحاد الأوروبي (161 مليار دولار)، وألمانيا، وأستراليا وهولندا، ما يرفع مخاطر السيطرة على تقنيات حيوية واستراتيجية.
التمويل الصيني يطول 200 دولة
بين عامي 2000 و2023، بلغ إجمالي القروض والمنح الصينية نحو 2.2 تريليون دولار عبر أكثر من 200 دولة، أي ضعف أعلى التقديرات السابقة، بينما كان التمويل سابقاً يركز على الدول النامية ضمن مبادرة الحزام والطريق، تحولت الآن أكثر من ثلاثة أرباع القروض نحو دول ذات دخل متوسط مرتفع وعالٍ.
وتركز القروض في الدول الغنية على البنية التحتية الحيوية، المعادن النادرة، والشركات التكنولوجية المتقدمة، بما في ذلك أشباه الموصلات والتقنيات الحيوية والطاقة النظيفة.
وقد تراجعت حصة القروض الموجهة للدول منخفضة الدخل من 88% في 2000 إلى 12% في 2023، بينما ارتفعت حصة القروض للدول المتوسطة والمرتفعة الدخل إلى 76%.
وأكد التقرير أن شفافية التمويل محدودة للغاية، مع طبقات من الشركات الوهمية والاتفاقيات السرية، ما يجعل من الصعب تتبع المسار الكامل للأموال.
قروض الصين والرقابة الأميركية
بينما ما زالت الولايات المتحدة ترحب بالاستثمار الأجنبي، إلّا أن الأموال الصينية أثارت قلقاً كبيراً لدى صانعي القرار، خاصة في ظل المنافسة الاقتصادية والسياسية بين أكبر اقتصادين في العالم.
وتُعد القروض التي تقدمها البنوك الصينية المملوكة للدولة خاصة بمثابة أداة استراتيجية، حيث تخضع لتوجيهات الحكومة الصينية والحزب الشيوعي، بهدف تعزيز مصالح بكين العالمية.
وشهدت السنوات الأخيرة حالات متعددة، منها تقديم قروض بقيمة 1.2 مليار دولار في 2015 لشراء شركة تأمين أميركية ذات عملاء مرتبطين بوكالات الاستخبارات، وتمت الصفقة عبر شركة وهمية في جزر كايمان.
وفي مجالات التكنولوجيا، ساعدت القروض الصينية شركاتها على شراء شركات روبوتات وأشباه موصلات في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، ما أثار مشكلات قانونية وألزم الشركات الصينية بالتنازل عن بعض الأصول.
ومع تشديد الرقابة الأميركية في السنوات الأخيرة، لا تزال الصين تجد طرقاً للتحايل عبر إنشاء بنوك وفروع دولية تقدم القروض عبر كيانات خارجية، ما يعكس تطور استراتيجيات التمويل الصيني في مواجهة الرقابة.



