بكين تدعو إلى “الانتهاء” من الحروب التجارية تمهيداً للقاء ترامب وشي في كوريا الجنوبية
المؤشر 28-10-2025 أكد وزير الخارجية الصيني وانغ يي قيام “عالم متعدد الأطراف”، داعيا إلى “الانتهاء” من الحروب التجارية، قبل أيام قليلة من لقاء مرتقب بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والصيني شي جينبينغ.
ويلتقي الرئيسان الخميس في كوريا الجنوبية لمحاولة التوصل إلى اتفاق يضع حدا للحرب التجارية بين البلدين.
ودعا وانغ خلال منتدى في بكين الإثنين إلى “الانتهاء من تسييس المسائل الاقتصادية والتجارية وشرذمة الأسواق العالمية بصورة مفتعلة واستخدام الحروب التجارية ومعارك الرسوم الجمركية”، في إشارة واضحة إلى النهج الحمائي الذي يتبعه ترامب على وقع رسوم مشددة يفرضها على دول العالم
وتابع الوزير أن “الانسحاب بشكل متكرر من الاتفاقيات والعودة عن التزامات، وفي الوقت نفسه الاندفاع في إقامة تكتلات وجماعات، كل ذلك عرض النهج التعددي لتحديات غير مسبوقة”.
وأكد “لا يمكن عكس مجرى التاريخ” مؤكدا أن “عالما متعدد الأطراف ينشأ”.
وصدرت هذه التصريحات في وقت يزور ترامب اليابان، المحطة الثانية في جولة آسيوية سيكون أبرز حدث فيها لقاءه مع شي جينبينغ.
وأبدى ترامب ثقته في التوصل إلى “اتفاق جيد” مع الصين خلال المحادثات المقررة على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (أبيك) في كوريا الجنوبية.
وأعلن وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت الأحد أن الرئيسين سيصادقان على تسوية تتعلق بالمعادن النادرة وبواردات الصين من الصويا الأميركي، وهو موضوع حساس آخر بين البلدين.
ومن الجانب الصيني، أكد ممثل الصين للتجارة الدولية نائب وزير التجارة لي شينغانغ أن “الصين والولايات المتحدة توصلتا إلى توافق أولي”.
وتخيم هدنة حاليا بين القوتين الاقتصاديتين الأوليين في العالم على صعيد الرسوم الجمركية، تنتهي في العاشر من تشرين الثاني/نوفمبر.
ووفقاً لتصريحات “وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت”، فإن هذا الاتفاق الأولي، الذي تم التوصل إليه على هامش قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) في كوالالمبور، يهدف إلى “تعليق الرسوم الجمركية الأميركية بنسبة 100% على السلع الصينية”، مقابل تأجيل الصين تطبيق نظام تراخيص تصدير المعادن الاستراتيجية لمدة عام لإعادة تقييم سياساتها في هذا المجال.
تفاؤل أميركي وحذر صيني
قال بيسنت إن المحادثات «أزالت تهديداً وشيكاً بفرض رسوم جمركية إضافية اعتباراً من الأول من نوفمبر/تشرين الثاني»، مشيراً إلى أن الإطار الجديد يشكل خطوة مهمة نحو اتفاق شامل سيبحثه الزعيمان يوم الخميس على هامش “قمة منظمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (أبيك)” في “جيونغ جو” بكوريا الجنوبية.
وأضاف أن الصين أبدت استعداداً لمراجعة سياساتها بشأن المعادن النادرة التي تعد أساسية لصناعات التكنولوجيا المتقدمة.
في المقابل، اتسم الموقف الصيني “بالحذر والتحفظ”، إذ أكد كبير المفاوضين التجاريين “لي تشنغ قانغ” أن الجانبين توصلا إلى “توافق مبدئي”، مشيراً إلى أن الاتفاق سيخضع لمراجعات داخلية قبل المصادقة النهائية عليه. وقال لي: «كان موقف الولايات المتحدة حازماً، فيما تمسكت الصين بالدفاع عن مصالحها وحقوقها السيادية».
هدنة تجارية وتمديد مرتقب
وكشف بيسنت أن واشنطن تتوقع “تمديد الهدنة الجمركية الحالية لما بعد 10 نوفمبر/تشرين الثاني”، إلى جانب “استئناف الصين مشترياتها من فول الصويا الأميركي” التي توقفت في سبتمبر/أيلول لصالح واردات من البرازيل والأرجنتين. وأعرب عن ثقته بأن «مزارعي فول الصويا الأميركيين سيشعرون بارتياح كبير خلال المواسم المقبلة بمجرد الإعلان عن الاتفاق».
من جانبه، أوضح “الممثل التجاري الأميركي جيميسون جرير” في تصريحات لقناة «فوكس نيوز» أن المحادثات أسفرت عن “تعليق بعض الإجراءات العقابية المتبادلة”، مشيراً إلى أن البلدين وجدا «مساراً عملياً للمضي قدماً يسمح للولايات المتحدة بالحصول على مزيد من المعادن الاستراتيجية من الصين وتقليص العجز التجاري».
قضايا شائكة على الطاولة
وأكد بيسنت أن المفاوضات شملت “ملفات أخرى حساسة”، مثل أزمة مادة “الفنتانيل” المخدرة، ورسوم دخول الموانئ الأميركية، ونقل ملكية “تطبيق تيك توك” إلى جهة أميركية، مبيناً أن هذه القضايا «قد تُحسم بالتوازي مع الاتفاق التجاري الرئيسي».
وقال بيسنت في مقابلة مع قناة «إن.بي.سي» إن التوصل إلى تفاصيل صفقة تيك توك «سيمهد الطريق أمام الرئيسين ترامب وشي لإتمام الاتفاق في كوريا الجنوبية».
توسع في القضايا الإقليمية
ويتوقع أن يبحث ترامب خلال لقائه المرتقب مع شي “قضية تايوان” ومصير “رجل الإعلام هونغ كونغ جيمي لاي”، مؤسس صحيفة “آبل ديلي”، الذي يُعد رمزاً لمعارضة بكين في المدينة. كما لمح الرئيس الأميركي إلى إمكانية “عقد لقاءات مستقبلية في الصين والولايات المتحدة”، سواء في واشنطن أو في منتجع “مارالاغو” بفلوريدا.
تأثيرات عالمية
تأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه العلاقات بين واشنطن وبكين “توترات متصاعدة”، رغم الهدنة التجارية الهشة التي بدأت منذ مايو/أيار الماضي وتم تمديدها في أغسطس/آب.
وقد أدى “توسع الصين في ضوابط تصدير المعادن الاستراتيجية” إلى نقص عالمي في هذه المواد الحيوية المستخدمة في “صناعات السيارات الكهربائية، وأشباه الموصلات، والطائرات، والصواريخ”. ووفقاً لتقارير وكالة «رويترز»، تدرس إدارة ترامب فرض قيود جديدة على صادرات التكنولوجيا إلى الصين، تشمل منتجات تحتوي على “برمجيات أميركية”، من أجهزة الحواسيب إلى محركات الطائرات.
ورغم الأجواء الإيجابية، يرى مراقبون أن “الاتفاق لا يزال هشاً” ويعتمد على مدى استعداد الطرفين لتقديم تنازلات حقيقية. فبينما تسعى واشنطن لتقليص العجز التجاري والحفاظ على تفوقها التكنولوجي، تحاول بكين حماية مصالحها الصناعية وتأمين إمداداتها من المواد الحيوية.
ومع اقتراب موعد اللقاء المرتقب بين ترامب وشي، تترقب الأسواق العالمية بحذر ما إذا كان هذا “الإطار المبدئي سيتحول إلى اتفاق فعلي” يُنهي واحدة من أطول النزاعات التجارية في العقد الأخير، أو سيبقى مجرد هدنة جديدة بانتظار اختبار الصمود.



