4 خطوات لاستعادة شغفك المهني في منتصف العمر
المؤشر 26-10-2025 إذا كنت قد أمضيت سنوات طويلة في مسيرتك المهنية وبدأت تشعر بعدم الارتياح، أو حتى النفور، من عملك الحالي، دون أن ترى طريقاً واقعياً لإحداث تغيير كبير، فاعلم أنك لست وحدك. كثير من المهنيين الذين بنوا مسيرات ناجحة، وربما قضوا سنوات في تربية أسرهم أو الانشغال بالتزامات أخرى، يشعرون بأنهم «ينبغي» أن يكونوا قد بلغوا مرحلة الاستقرار في منتصف العمر، لكنهم يعترفون سراً بأنهم يشعرون بالجمود أو الإحباط أو حتى اليأس.
إنهم يتطلعون إلى عمل يحمل معنى أكبر ومتعة ومردوداً أفضل، لكنهم يخشون أن الوقت فات، أو أن التغيير محفوف بالمخاطر والتعقيدات، لا سيّما في الخمسينات من العمر. ولدى بعضهم، تحوّل هذا الشعور إلى أزمة مهنية كاملة.
تتعدد الأسباب التي تدفع الأشخاص إلى إعادة التفكير في مسارهم المهني في منتصف العمر، منها:
أن مهاراتهم الطبيعية لا تتناسب مع متطلبات وظائفهم الحالية
أن النتائج التي يسعون إليها باتت بلا معنى، أو حتى محبطة
أن بيئة العمل سامة وصعبة التحمل
أنهم لم يحققوا التقدّم الذي كانوا يأملونه أو يستحقونه
أنهم يشعرون دوماً بأنهم مُهمّشون أو غير مُقدَّرين
أن قيمهم وأهدافهم وأولوياتهم الشخصية تغيّرت
أن السوق أو الصناعة التي يعملون فيها تبدلت جذرياً منذ بدايتهم
أن أحلامهم المهنية لم تتحقق كما تمنّوا
تقول الكاتبة والمدرّبة المهنية كاثي كابرينو، التي تعمل مع محترفين في منتصف مسيرتهم لـ"فوربس": إن هذه المشاعر شائعة، فالحياة والعمل يتطوران، وما كان يبعث الحماس في مرحلة ما قد لا يكون كذلك لاحقاً.
وإذا كنت تمرّ فعلاً بأزمة مهنية، فمن المهم أن تمنح نفسك الوقت لتحليل الموقف بعمق وفهم العوامل التي أدّت إليه، وأن تسعى إلى الحصول على دعم خارجي يساعدك على تحديد ما تريده فعلاً، ووضع خطة فعّالة للتغيير.
أما إذا كنت لا تعيش أزمة حقيقية، لكنك غير راضٍ عن عملك الحالي ولا تستطيع أو لا ترغب في اتخاذ خطوة كبيرة الآن، فهناك إجراءات عملية يمكنك اتخاذها لتحسين وضعك دون تغيير جذري.
إذ ليس عليك أن تقفز قفزة ضخمة لتبدأ باستعادة الحافز والنمو، فالتغييرات الصغيرة المقصودة والواضحة يمكن أن تُحدث فرقاً كبيراً مع الوقت.
في ما يلي أربع خطوات أساسية تساعدك على التقدّم نحو حياة مهنية أكثر إشباعاً حتى من دون تحوّل جذري:
1. أعد تعريف معنى «التحوّل الكبير»
كثيرون يظنون أن التغيير الحقيقي يتطلب الاستقالة أو العودة إلى الدراسة أو بدء مهنة جديدة كلياً، وهذا ما يجمّدهم. في الواقع، التحول الكبير لا يعني بالضرورة قفزة جذرية، بل قد يكون خطوة مدروسة داخل العمل نفسه، مثل تعديل المهام لتشمل ما يثير حماسك، أو الانتقال إلى قسم آخر، أو إعادة تنظيم طريقة عملك بما يتماشى مع نقاط قوتك وقيمك.
ابدأ بطرح أسئلة بسيطة على نفسك:
ما الجزء الذي يُرهقني في عملي؟ وما الذي يمنحني قدراً من المتعة؟
كيف يمكنني أن أزيد 10% مما أحب وأقلل 10% مما يستنزفني؟
ما الذي أستطيع فعله اليوم لأجعل عملي أكثر انسجاماً مع ما أقدّره؟
توضح كابرينو أن تغييرات صغيرة كهذه، إذا استمرّت، تصنع زخماً حقيقياً بمرور الوقت.
2. واجه المخاوف التي تشلك
غالباً ما تكون المشكلة ليست في غياب الفرص، بل في الخوف: الخوف من فقدان الأمان المالي، أو من الحكم عليك بأنك «كبير في السن»، أو من ضياع الفرصة. هذه المخاوف طبيعية، لكنها لا يجب أن تُقيدك.
ابدأ بتفكيك هذه المخاوف وسؤال نفسك: هل هذا واقع فعلاً أم مجرّد قلق؟
الكثير من المهنيين الخمسينيين نجحوا في إعادة توجيه مسيرتهم المهنية، ليس بهدم ما بنوه، بل بالبناء عليه. من خلال التواصل مع آخرين، واستكشاف مجالات جديدة، وإجراء مقابلات تمهيدية، استطاع بعضهم الانتقال إلى أدوار جديدة أكثر إشباعاً دون التضحية بخبرتهم المتراكمة.
3. أعد التواصل مع ما ترغب فيه حقاً
عندما تكره عملك، تستهلك طاقتك في التركيز على ما لا تريده. لكن التغيير يبدأ بالتركيز على ما ترغب في تحقيقه: ما الأثر الذي أريد أن أتركه؟ من أريد أن أكون في السنوات المقبلة؟ كيف أريد أن أشعر في عملي؟
من خلال الإجابة عن هذه الأسئلة والانخراط في البحث والمحادثات مع أشخاص تثق بهم، يمكنك أن تستعيد رؤيتك لحياتك المهنية وتفتح أمامك أبواباً جديدة.
4. التزم بجلب مزيد من الفرح إلى حياتك داخل العمل وخارجه
حتى لو لم تستطع تغيير وظيفتك الآن، يمكنك تحسين جودة حياتك. انخرط في أنشطة تُغذي طاقتك مثل التطوع، أو الإرشاد المهني، أو ممارسة هوايات قديمة.
عندما تعزز شعورك بالفرح خارج العمل، ينعكس ذلك تلقائياً على أدائك ونظرتك للحياة.
تختم كابرينو بالقول إن الشعور بالجمود لا يعني أن الفرصة قد ضاعت. خبرتك ونضجك لهما قيمة كبيرة، وكل خطوة صغيرة تتخذها نحو عمل متّسق مع قيمك تعيد إليك ثقتك وتفتح آفاقاً جديدة. فالشجاعة لا تعني غياب الخوف، بل التقدّم رغم وجوده، بخطوات ثابتة ومدروسة نحو ما هو قادم.



