هل يستفيد الفلسطينيون من تجاربهم ومن التصريحات الإسرائيلية في عدائهم؟

هل يستفيد الفلسطينيون من تجاربهم ومن التصريحات الإسرائيلية في عدائهم؟

المؤشر 04-09-2025 

الكاتب: احمد زكي العريدي

تأتي تحذيرات وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش من أن “السلطة الفلسطينية إذا رفعت رأسها سنبيدها”، في اطار التهديد والوعيد الذي اعتاد عليه قاده الكيان بتوجيه الى الطرف الا ضعف في معادله الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وهو تهديد جديد يضاف إلى سلسلة طويلة من التصريحات العدائية الإسرائيلية ضد القيادة والشعب الفلسطيني والعربي والإقليمي

وتأتي تصريحات سموتريتش امتدادًا لخطاب التهديد والوعيد الذي اعتاد عليه قادة الاحتلال منذ ما قبل عام 1948، والذي تَمثّل في الاغتيالات والتفجيرات ضد قادة ومؤسسات فلسطينية، وصولًا إلى استهداف رؤساء وقيادات منظمة التحرير وحركة حماس والجبهة الشعبية، ومن أبرزهم: أبو جهاد، غسان كنفاني، ماجد أبو شرار، الشهيد أبو علي مصطفى، إضافة إلى الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي وآخرين.

وكانت إسرائيل قد كثّفت خلال السنوات الأخيرة من سياساتها ضد السلطة الفلسطينية عبر مصادرة أموال المقاصة وخنقها ماليًا، في وقت يتصاعد فيه العدوان على الضفة الغربية من خلال اقتحامات يومية، وانتشار الحواجز العسكرية، وإطلاق يد المستوطنين للاعتداء على المدنيين الفلسطينيين ومصادرة الأراضي.

ويرى مراقبون أن تل أبيب، التي أخلّت بكافة الاتفاقيات الموقعة مع الفلسطينيين، تسعى اليوم إلى تصفية أي كيان سياسي فلسطيني، حتى ولو كان حكمًا ذاتيًا محدودًا، عبر محاصرة السلطة ماليًا وسياسيًا، ومنع أي توجه فلسطيني نحو المجتمع الدولي

ويمكن تلخيص الوضع الراهن عبر نقاط :

أولاً: الثابت في السياسة الإسرائيلية

منذ ما قبل عام 1948 وإلى اليوم، تتكرر ذات الأدوات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين:

الاغتيالات: طالت قادة بارزين من منظمة التحرير وحماس والجبهة الشعبية (أبو جهاد، غسان كنفاني، ماجد أبو شرار، الرنتيسي، أحمد ياسين، المقادمة وغيرهم).

التفجيرات والإرهاب المنظم: كما حدث في تفجير فندق الملك داود أو اغتيال وسيط الأمم المتحدة برنادوت.

التهديدات العلنية: تصريحات سموتريتش، بن غفير، نتنياهو، وليبرمان امتداد لخطاب التهديد والوعيد الذي لم يتوقف.

ثانياً: الجديد في الخطاب الإسرائيلي

رغم ثبات الأدوات، هناك مستويان من التصعيد:

1. تهديد السلطة الفلسطينية نفسها: رغم التزامها بالاتفاقيات، تُستهدف بالتحريض المالي والسياسي، عبر مصادرة أموال المقاصة ومحاولة خنقها اقتصاديًا.

2. تغوّل المستوطنين: أُطلقت أيديهم في الضفة الغربية لممارسة القتل والحرق ومصادرة الأرض كسياسة ممنهجة، وهو ما يعكس إرادة إسرائيلية بتحويل الاحتلال إلى ضم كامل.

ثالثاً: مأزق القيادة الفلسطينية

السلطة الفلسطينية محاصَرة بين خيارين:

الاستمرار في التمسك بـ”ورقة التوت” المتمثلة في أوسلو والاتفاقيات التي ألغتها إسرائيل عمليًا.

أو البحث عن خيارات مقاومة سياسية/شعبية/دبلوماسية جديدة، وهو ما لم تُقدم عليه حتى الآن.

التهديدات الإسرائيلية تكشف أن تل أبيب لا ترى حتى في “الحكم الذاتي المحدود” مصلحة، بل تسعى لإنهاء أي شكل من أشكال الكيان الفلسطيني.

رابعاً: الدروس للفلسطينيين

عدم الركون إلى الاتفاقيات: إسرائيل لم تلتزم بها، والتجارب السابقة أثبتت ذلك.

الاستفادة من التصريحات الإسرائيلية: فهي بمثابة اعترافات تكشف حقيقة الاحتلال أمام العالم.

توحيد الصف الداخلي: الانقسام يتيح لإسرائيل تنفيذ مخططاتها بسهولة.

تفعيل المقاومة الشعبية والدبلوماسية: التوجه إلى المحاكم الدولية، وتكثيف الحملة الإعلامية العالمية لفضح الاحتلال.

خامساً: البعد الدولي

واشنطن تُمسك بمفتاح بقاء السلطة عبر الضغط المالي والسياسي.

الأنظمة العربية مترددة في دعم السلطة بشكل مباشر خشية الموقف الأميركي.

الخطاب الإسرائيلي المتطرف يتقاطع مع توجهات اليمين العالمي، خاصة في عهد ترامب، ما يزيد من خطورة المرحلة.

خلاصة تحليلية:

الفلسطينيون أمام فرصة لالتقاط دروس تاريخية متكررة: إسرائيل لم تتغير ولن تتغير في عدائها، بل تصعّد يومًا بعد يوم. التصريحات العلنية لقادتها هي وثائق اتهام يمكن للفلسطينيين تحويلها إلى أوراق قوة في المحافل الدولية، شريطة أن يُترجم ذلك بوحدة داخلية واستراتيجية تحررية واضحة، بدلًا من الارتهان لاتفاقيات تجاوزها الزمن.