جولة بلينكن الخامسة بالمنطقة.. مطالب محددة وضغوط نحو حكومة فلسطينية جديدة
المؤشر 05-02-2024
الكاتب :محمد دراغمة
يبدأ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، جولة جديدة إلى منطقة الشرق الأوسط، الأحد، هي الخامسة له منذ بدء الحرب على غزة في السابع من أكتوبر الماضي، حاملاً مطالب محددة إلى الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني.
وتشمل جولة بلينكن، خلال الفترة ما بين 4 إلى 8 فبراير، دول السعودية ومصر وقطر وإسرائيل والضفة الغربية، بحسب وزارة الخارجية الأميركية.
وتكتسب جولة بلينكن الجديدة أهمية خاصة، نظراً لأنها تأتي وسط مساع لإجراء صفقة تبادل أسرى بين إسرائيل و”حماس” تتزامن مع فترة طويلة نسبياً من وقف إطلاق النار، فضلاً عن توالي الإعلانات الصادرة عن الإدارة الأميركية، بشأن نيتها بذل جهود لحل سياسي يقوم على تأسيس دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل.
واستبقت الخارجية الأميركية جولة بلينكن، بالإعلان عن طلبه من طاقم الوزارة دراسة خيارات الاعتراف بدولة فلسطين
أهداف الجولة
وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان، الجمعة، إن بلينكن سيواصل خلال هذه الجولة جهوده للعمل على “إطلاق سراح الأسرى”، و”هدنة إنسانية تسمح بوصول المساعدات بشكل مستدام للمدنيين في غزة”.
ولفتت الخارجية الأميركية أيضاً إلى أن بلينكن سيبحث خلال هذه الجولة “منع انتشار الصراع” في المنطقة، و”التأكيد مجدداً على أن الولايات المتحدة ستتخذ الخطوات المناسبة للدفاع عن أفرادها، والحق في حرية الملاحة في البحر الأحمر”.
وقالت الخارجية الأميركية إن بلينكن “سيواصل المناقشات مع الشركاء حول كيفية إنشاء منطقة سلمية أكثر تكاملاً”، بما يضمن “أمناً دائماً للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء”.
من جهته، أفادت مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف، في لقاء مع وسائل الإعلام عبر الإنترنت، قبيل بدء الجولة: “سنغادر هذا المساء (فريق بلينكن)، في جولة مكوكية تهدف إلى البحث عن حل قابل للاستمرار لهذا الصراع”.
وأضافت أن “أولويات الجولة، هي توسيع الإغاثة الإنسانية لقطاع غزة، وتقليص تعرض المدنيين في القطاع للخطر، والإفراج عن المخطوفين الإسرائيليين، والعمل على بناء طريق إلى الدولة الفلسطينية”.
ومضت: “سنعمل على ضمان عدم تكرار فظائع السابع من أكتوبر، وعدم توسع الصراع في المنطقة، ومواصلة العمل مع الشركاء من أجل بناء طريق إلى الدولة الفلسطينية”، بحسب وصفها
مطالب محددة
وبحسب مصادر أميركية فإن، بلينكن، يحمل معه في هذه الجولة، مطالب أكثر تحديداً من الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، وتتمثل المطالب الموجهة لإسرائيل بالشروع في التفاوض مع حركة “حماس” على صفقة لتبادل الأسرى ضمن صفقة الإطار المقترحة من جانب الولايات المتحدة وفرنسا ومصر وقطر، وإنهاء الاجتياح البري لقطاع غزة، والسماح بدخول كميات كافية من مواد الإغاثة الإنسانية، لجميع مناطق القطاع، والاستعداد لعملية سياسية إقليمية تقوم على حل الدولتين، فلسطين إلى جانب إسرائيل.
وقالت المصادر إن بلينكن، يحمل أيضاً مطالب من القيادة الفلسطينية تتمثل في القيام بإصلاحات جدية، وتشكيل حكومة جديدة أكثر مهنية وتمثيلاً، وقادرة على إدارة قطاع غزة بعد الحرب، والاستعداد لعملية سياسية جديدة تتضمن طريقاً نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وكان بلينكن، طلب من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، خلال اجتماعهما الأخير في رام الله الشهر الماضي، القيام بإصلاحات جدية خاصة في النظامين المالي والقانوني، محذراً من أن الدول المانحة لن تقدم أموالاً لإعادة إعمار قطاع غزة، ما لم يجر إصلاح النظام المالي الحالي الذي يعاني الكثير من الثغرات
حكومة فلسطينية جديدة
وقال مسؤولون فلسطينيون لـ”الشرق”، إن بلينكن طلب من عباس تشكيل حكومة جديدة من المستقلين والمجتمع المدني والتكنوقراط، تحظى بقبول شعبي وقدرات مهنية عالية على أداء العمل.
واقترح بلينكن على عباس الشروع في هذه التغيرات في الحال، وعدم الانتظار لحين انتهاء الحرب، مشيراً إلى ضرورة التحلي بجهوزية عالية للتعامل مع قضايا ما بعد الحرب الثقيلة على الناس.
وقال المسؤولون إن عباس رد على بلينكن بالقول إنه لا يستطيع تشكيل حكومة جديدة بدون أموال، مشيراً إلى قيام الحكومة الإسرائيلية باحتجاز أموال المقاصة الفلسطينية ما ترك حكومته غير قادرة على القيام بأبسط مهامها مثل: دفع رواتب الموظفين، وتوفير النفقات التشغيلية للوزارات، والمؤسسات الحكومية.
مرشح جديد
وأبلغ الرئيس محمود عباس جهات عديدة، مؤخراً، بنيته ترشيح رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني محمد مصطفى، لتشكيل الحكومة الجديدة بعد انتهاء الحرب
بدوره، أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور محمد اشتية، في الاجتماع الأخير لحكومته هذا الأسبوع، عن الشروع في إصلاحات في مختلف المجالات.
وقالت مصادر دبلوماسية غربية، إن اختيار الرئيس عباس، لمحمد مصطفى، وهو من الدائرة المقربة له، يشكل مؤشراً على عدم نيته إحداث تغيير جدي في تركيبة الحكومة وبرامجها.
ووجهت انتقادات للإصلاحات الحكومية المقترحة من رئيس الحكومة الدكتور محمد اشتية، لعدم اشتمالها على رؤية وخطة واضحتين، ولعدم إجراء أية حوارات مع ممثلي الجمهور من مؤسسات ونقابات مهنية قبل الإعلان عن هذه الإصلاحات التي اتسمت بالعمومية.
شكوك عميقة
وتتسم العلاقة بين السلطة الفلسطينية والإدارة الأميركية بالشكوك العميقة، وقال أحد المسؤولين الفلسطينيين لـ”الشرق”، إن الرئيس محمود عباس “لم ير جديداً في مساعي الإدارة الأميركية”، مضيفاً: “لقد خاطب الرئيس عباس، الوزير بلينكن في أحد اللقاءات قائلاً: السيد وزير الخارجية، إذا كنتم أنتم الأميركيون الذين تزودون إسرائيل بكل ما تحتاجه من سلاح ومال ودعم سياسي، غير قادرين على إلزامها بالإفراج عن أموالنا المحتجزة، فكيف يمكنكم إلزامها بوقف الحرب والسماح لنا بالعودة إلى قطاع غزة لإعادة إعماره وإدارته؟”.
وقال المسؤول الفلسطيني: “الرئيس عباس يدرك أن الإدارة الأميركية تسعى لتقليص صلاحياته ومنحها لحكومة مستقلة عنه، وهو لا يقبل ذلك”.
وتابع: “الرئيس عباس يعمل وفق معادلة تقول: نستجيب لمطالبهم بقدر ما يستجيبون لمطالبنا، فإذا ما عملوا على الإفراج عن أموالنا، وأطلقوا عملية سلام جدية تقود إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة، فإننا مستعدين للاستجابة لمطالبهم
موقف حماس
حركة “حماس” التي تشكل القطب الثاني، إلى جانب حركة “فتح”، في السياسة الفلسطينية، ترفض تشكيل عباس حكومة لإدارة الضفة الغربية وقطاع غزة، وتهدد بمقاطعة مثل هذه الحكومة، وهو ما يعني عدم قدرتها على العمل بحرية في القطاع.
وقال مسؤول رفيع في الحركة لـ”الشرق”: “حركة حماس تتمتع بأغلبية في الشارع الفلسطيني، وفق ما تظهره استطلاعات الرأي العام، وصوتها يجب أن يكون مسموعاً في أي خطوة فلسطينية قادمة”.
وأضاف: “الحكومة المقبلة التي ستدير قطاع غزة، إلى جانب الضفة، يجب أن تحظى بثقة الجمهور الفلسطيني، وفي غياب الانتخابات، فإن للقوى المؤثرة، وعلى رأسها حماس كلمة في تشكيلة هذه الحكومة وبرامجها ومرجعياتها، وبدون ذلك فإننا لن نسمح لها بالعمل في غزة حتى لو بقي منا رجل واحد”.
سلام فياض وناصر القدوة في الصورة
وظهر في الأيام الأخيرة أسماء عدد من المرشحين لتولي تشكيل حكومة من المستقلين والخبراء وممثلي المجتمع المدني الذين يحظون بقبول لدى قطبي السياسة الفلسطينية، ومن هؤلاء رئيس الوزراء الأسبق الدكتور سلام فياض، ووزير الخارجية السابق الدكتور ناصر القدوة
وتبدي “حماس” قبولاً مبدئياً للدكتور فياض، والدكتور القدوة، لكن الرئيس عباس لا يبدي أية حماسة لأي منهما، مفضلاً أحد المقربين منه.
ويحظى الدكتور سلام فياض بثقة المؤسسات المالية الدولية خاصة البنك الدولي الذي عمل معه على تطوير النظام المالي للسلطة الفلسطينية عندما كان رئيساً للوزراء، على نحو نال ثقة الدول المانحة.
فيما يلقى الدكتور ناصر القدوة قبولاً شعبياً، نظراً لتاريخه الطويل في حركة “فتح” ولعدم ارتباط اسمه بقضايا الفساد الشائعة نسبياً في أوساط المسؤولين في السلطة الفلسطينية.
ويحظى الرجلان بقبول واسع في الدول العربية خاصة: مصر والأردن ودول الخليج العربي.