رأي للمؤشر

من اللَّعِب إلى الجد … رحلة الطفل نحو الاستقلالية والمسؤولية

المؤشر 15-08-2024  

بقلم : مروه معتز زمر

إن لم تشعروا بالقلق حول دخول طفلكم الصَّف الأول الأساسي، فربما ستشعرون بذلك عندما تدركون إنه الآن، على أعتاب مرحلة جديدة تماماً، حيث سيواجه تحديات جديدة وتجارب مختلفة، مرحلة دخول المدرسة هي بمثابة نقطة تحول كبيرة في حياة الطفل، حيث ينتقل من عالم اللّعب والمرح إلى عالم التعلُّم المُنظَّم والمسؤولية، فهل تعلم أن هذه المرحلة تشكل 80% من تطور مهاراته الاجتماعية والعاطفية؟

مرحلة دخول المدرسة هي بمثابة ولادة جديدة للطفل، حيث ينتقل من عالم الاستكشاف العشوائي إلى عالم الاستكشاف المنظَّم والهادف، يمكن أن أشبه لكم ذلك بأنَّ طفلكم الصَّغير في مرحلة الرَوضة، كانَ راكباً سَعيداً على متن سفينة يتأمل الكائنات البحرية ويستمتع بزرقة البحر الممتد، أما الآن، فهو سيمسك الدفة ويحاول التَّـجديف استعداداً لمواجهة تحديات البِحار المفتوحة، في هذه الرحلة الجديدة، لكنه سيكتسب من خلالها فنون المِلاحَة والحِكْمة، ليتعلم كيفية الإبحار بأمان والوصول إلى مرافئ المعرِفة بسلام..

أحببت أن أقدم لكم بعض النصائح التي ستساعدكم على أن تقوموا بدور القبطان الحَكيم الذي يرشد ويوجه سفينة طفلكم الصغيرة نحو برّ الأمان.

في البداية أؤكد لكم إنه من الطبيعي أن تشعروا كأهل بمشاعر متضاربة من خوف وفرح وقلق وتوتر، لأن طفلكم بدأ يكبر وينتظم على مقاعد الدراسة، ولكن عليكم أن تحاولوا كأهل أن تضبطوها لأنها تنتقل تلقائياً للطفل، فكلما كنت أكثر توازنا في التعامل مع مشاعرك انتقل هذا الأثر للطفل وبذلك تكون قد دعمته على التكيف مع بيئته الجديدة..

وبمجرد أن تكونوا قد تعاملتم بشكل منطقي مع مشاعركم التي سينتقل أثرها لطفلكم نستطيع الآن الحديث عن 5 خطوات إرشادية داعمة لتهيئة الطفل لدخول الصف الأول الأساسي:

الخطوة الأولى:

الحوار المفتوح والصريح مع الطفل، باستخدام لغة بسيطة و واضحة يفهمها الطفل مع الاستماع للطفل عن مخاوفه وتوقعاته من المدرسة وتشجيع الطفل للتعبير عن مشاعره بحُريَّة، سواء كانت سلبية او ايجابية.

الخطوة الثانية:

التحضير النَّفسي الإيجابي، ويتم ذلك من خلال سرد القصص التي تتحدث عن المدرسة وأهميتها والنِّظام، كما من الضروري جداً زيارة المدرسة قبل بدء الدراسة حيث تساعد هذه الزيارة الطفل على الشعور بالراحة والألفة تجاه بيئته الجديدة، وتساعده على بناء توقعات إيجابية عن المدرسة، ويحبَّذ أن يلتقي الطفل مع معلماته، لتقليل القلق والخوف من المجهول الذي يشعر به الطفل قبل بدء الدراسة، وإذا أمكن، جربوا ركوب الباص معاً قبل بدء الدراسة، حتى يتعرف الطفل على السائق ومسار الرحلة.

الخطوة الثالثة:

البدء بتحضيره لتحمُّـل المسؤولية، فعندما يشعر الطفل بأنه مشارك في اتخاذ القرارات المتعلقة به، فإن ذلك يعزز ثقته بنفسه وبقدراته، كما أن السَّماح للطفل باختيار مستلزماته المدرسية هو أكثر من مجرد اختيار، إنها حيلة ذكية ونفسية تعزز لديه الشعور بالمسؤولية والاستقلالية، فعندما يختار الطفل شنطته وأقلامه، يشعر وكأنها ملكيَّة خاصة به، مما يجعله أكثر اهتماماً بها وحفاظاً عليها، ويجعله متحمساً أكثر لبدء المدرسة.

الخطوة الرابعة:

تنمية المهارات الأساسية، مثل ارتداء الملابس، استخدام الحمام، تناول الطعام بمفرده، وتشجيع الطفل على التعبير عن احتياجاته ومشاعره بطريقة واضحة، وزيادة مسؤولياته بشكل تدريجي مع التأكد من قدرته على تحملها (يفتح أزرار بنطاله، يشد رباط حذاءه، يبري قلمه)، كل هذه المهارات ستساعده في تخطّي الكثير من المواقف المحرِجة التي قد تتسَبّـب في فقدان ثقته بنفسه.

الخطوة الخامسة:

تصميم روتين يومي منتظم، فالروتين اليومي المنتظم هو أساس متين لنجاح الطفل في المدرسة وفي حياته بشكل عام، ويشمل الروتين جميع ساعات اليوم، ابتداءاً من وقت الاستيقاظ صباحاً، مروراً بوقت تناول الوجبات، انتقالاً لوقت متابعة الواجبات اليومية، و تنظيم وقت اللَّعب والشاشات الإلكترونية، انتهاءاً بتنظيم وقت النَّوم الذي يساعد على زيادة قدرة الطفل على التركيز والانتباه في المدرسة، كما يساعد على تقليل المشاكل السلوكية الناتجة عن التعب أو الملل.

اصنعوا لأطفالكم سواعِـد قويَّة تساعدهُــم للتجديف نحوَ أحلامهم بقوّة

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى