رأي للمؤشر

كل الحلول تفشل لانها على حساب الضحية

المؤشر 03-02-2024  

الكاتب: د. أحمد رفيق عوض

كل القرارات الدولية وكل المبادرات والافكار والاطروحات التي تعلقت بالصراع الفلسطيني الاسرائيلي ، من اجل وضع نهاية له او خروجا منه، فشلت بشكل او بآخر ، اما أنها غير واقعية او لم يتم الاتفاق عليها او تم تجاوزها او اهمالها او عدم التعاطي معها او تطبيقها بما يخدم مصلحة المحتل القوي او من يدعمه. ان فشل جميع المقترحات او المبادرات التي تم طرحها حتى الان منذ اكثر من 75 سنة انما يعود ضمن امور اخرى الى ان تلك الحلول كانت على حساب الضحية دائماً، فالمطلوب من هذه الضحية ان تعدل سلوكها او ان تغير وعيها او ان تقبل انقاص جغرافيتها ، كان المطلوب دائما ان تقوم الضحية بتهدئة الطرف الاقوى ونزع مخاوفه وطمأنته ومنحه احساساً بالامن والرضا والقناعة، كان على الضحية دائماً ان تثبت حسن نواياها مسبقاً ، وان تدفع استحقاقات الهدوء والاستقرار من قوت يومها ولحمها الحي ومائها ودمائها وهوائها وترابها وعدد اشجارها ، في كل المقترحات والمبادرات، كان على الضحية ان تنظف وعيها ووجدانها من المشاعر السلبية والاتجاهات والغضب والحزن وحتى الفرح.

كل المبادرات والافكار والطروحات منذ 75 سنة او اكثر افترضت ان الضحية هي التي يتوجب عليها ان تدفع ثمن كل شيء، وان تشتري بدمها واحلامها وامالها مجرد البقاء.

فشلت كل الحلول والمقترحات لانها افترضت ان الضحية لا تحلم ولا تأمل ولا تشبه الاقوياء او الاغنياء، وافترضت ان الضحية بلا تاريخ ولا جذور ولا مرجعيات، كأن هذه الضحية جاءت من العدم وتذهب الى العدم مرة اخرى.

كل الحلول وحتى هذه اللحظة افترضت ان الضحية مهزومة من الداخل والخارج وعليها ان تدفع ثمن هذه الهزيمة ، وان عليها ان تقبل بالمعروض عليها مهما كان ناقصاً او هزيلاً او غير مقنع.

كل المبادرات والحلول افترضت ان الضحية يمكن اعادة تركيبها او تفكيكها او هندستها او رسم حياتها الحاضرة او المستقبلية، وان الضحية لا تستطيع ان تقرر وحدها. فلا بد من فرض من ينوب عنها او يمثلها ، وعلى عكس جميع شعوب الارض، فلا تستطيع الضحية ان تختار ممثليها ولا مناهج مدارسها ولا اسماء شوارعها ولا كلمات اغانيها ولا عدد الطوابق في عماراتها، وعلى عكس جميع الشعوب، فإن الضحية في حالتنا لا تستطيع ان تحمي ما تبنى ولا ان تذود عن احواض النعناع او اشجار الكينا او اقفال الخزائن، في حالتنا فان ابواب الضحية مفتوحة وظهرها مكشوف ولحوم ابنائها متاح وسهل.

الحلول تفشل لأنها تفترض ان الضحية ليست بحاجة الى الامن بقدر حاجتها الى الخبز ، وانها ليست بحاجة الى السيادة بقدر حاجتها الى التكيف ، وانها ليست بحاجة الى جغرافيا بقدر حاجتها الى “تصريح مرور”. وانها ليست بحاجة الى تطوير ذات وطنية بقدر حاجتها الى وثيقة تعريف بيومترية تظهر عدد مخالفاته وسني سجنه.

الحلول تفشل وستفشل اذا ظلت تفترض ان الضحية يمكن ان يتم خداعها والالتفاف على مطالبها الى الابد.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى