رأي للمؤشر

الضفة الغربية في الفكر الصهيوني

المؤشر 14-09-2024

بقلم : فتحي أحمد

تشهد الضفة الغربية تصاعدا في العنف الإسرائيلي ضد الفلسطينيين منذ أكثر من عام، واخذ شكلا أكثر إرهابا في الفاتح من أكتوبر. وتزاد وتيرة الاعتداءات التي يقوم بها المستوطنون في الضفة الغربية وخصوصا في شمالها، ليس من اجل فرض السيطرة وبناء المستوطنات عليها لأغراض دنيوية بحتة، فهنالك بعد ديني توراتي، وهو الدافع الرئيس لوحشية المستوطنين وارهابهم. الاعتداءات المتكررة على المزارعين في نابلس وسلفيت وقلقيلية، حاملين معهم الأسلحة النارية، والأسلحة البيضاء، وأنابيب غاز الفلفل والزجاجات الحارقة، بالإضافة إلى أكياس تحتوي على حجارة، وبشكل مفاجئ يباغتوا المواطنين بالاعتداء عليهم وعلى ممتلكاتهم.

يجب أن ينظر إلى السلوك الصهيوني منذ النشأة الأولى ضمن إطار التوسل والمسكنة وهذا دأبهم، لهذا ارتأى هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية منذ انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، ولكن قبل ذلك المؤتمر حاول مرارا وتكرارا اقناع السلطان العثماني عبد الحميد الثاني ودفعه لقبول فكرة توطين اليهود في فلسطين، مقابل تسديد ديون الدولة العثمانية التي كانت وقتها تعاني من ازمة مالية خانقة، جاء رد السلطان عبد الحميد بمثابة صاعقة، عندما قال ليحتفظ اليهود بملايينهم، هذه الأرض لشعبي حصل عليه بإراقة الدماء، وبعدها بدأت الحركة الصهيونية بالمؤامرات من اجل القضاء على الدولة العثمانية وكان لليهود ما أرادوا.

تبدو ملامح الصهيونية الدينية واليمين القومي في إسرائيل في زيادة خططهم التوسعية في الضفة الغربية، وهذا التوسع نابع من العقيدة اليهودية، فإن التاريخ العبري بمجمله كان في الضفة الغربية على حد قولهم وما جاء في التوراة المحرفة، فقد قامت دولة “إسرائيل” القديمة، وكذلك دولتا يهودا و “إسرائيل” بعد انقسامهما في الضفة الغربية، حيث ووفق ذلك التاريخ تنسب اليهودية لنفسها إرث الأنبياء داود وسليمان عليهما السلام، فإن مملكة “إسرائيل” قامت في شمال الضفة الغربية، وكانت عاصمتها آنذاك نابلس ” شكيم الاسم العبري.

اللافت هنا إسرائيل تتقدم هذه الأيام بشكل سريع لضم أجزاء من الضفة الغربية، وطبعا لم تكن تحترم هذه القرارات في نهاية المطاف، خلال المدة الماضية نقلت صلاحيات قانونية كبيرة في الضفة إلى موظّفي الخدمة المدنية المؤيدين للمستوطنين والعاملين لدى سموتريتش. وتعد ما تسمى الإدارة المدنية الإسرائيلية التي تتخذ من مستوطنة بيت إيل المقامة على أراضي محافظة رام الله والبيرة مقراً لها، مسؤولةً بشكل رئيسي عن التخطيط والبناء في المنطقة “ج” المصنفة حسب اوسلو من الضفة، والتي تشكّل 60% من مساحتها الإجمالية، وتخضع للسيطرة الإدارية والأمنية الإسرائيلية الكاملة.

نموذج اخر من أنواع الاستيطان الاستيطان الرعوي الذي يعتبر نموذجا متصاعدا، ومتمايزا عن التوسع الاستيطاني ويمكن مقارنته بباقي المستوطنات على ارض الضفة الغربية. يستولي “رعاة” المستوطنين على أكثر من 300 ألف دونم، أي حوالي 10% من مساحة الضفة الغربية، وهي تفوق في مساحتها مجمل ما تم السيطرة عليه من المستوطنات الإسرائيلية كافة منذ العام 1967! منظمة “حراس يهودا والسامرة” تتبنى وحدها حوالي 30 مزرعة ماشية وأبقار وزراعة، والعديد من هذه المستوطنات الرعوية يسيطر عليها ويديرها من 4-8 أفراد فقط.

إذاً نحن إزاء سباق في زيادة حجم البناء في الضفة الغربية الهدف منع إقامة دولة فلسطينية على حدود 67 والقدس الشرقية عاصمة لها، هذا الجانب السياسي، اما الجانب العقائدي وحسب التوراة، كما اسلفت تعتبر الضفة الغربية جزء اصيل من الدولة اليهودية التوراتية، فيها أقيمت مملكة إسرائيل، وانفصلت بعدها لتصبح المملكة الواحدة مملكتين، وفيها القدس التي تزعم الصهيونية بكل اطيافها بأن الهيكل موجود داخل الأقصى، قال ديفيد بن غوريون أول رئيس وزراء للكيان الصهيوني، والذي كان يردد دائمًا منذ بداية تسلمه الحكم أنه “لا معنى لإسرائيل” بدون القدس، ولا معنى للقدس بدون الهيكل”. فرغم كل ما يطرح من مبادرات تضغط باتجاه حل الدولتين والضفة الغربية هي الدولة الفلسطينية وقطاع غزة تصطدم بصخرة التطرف الديني الصهيوني الذي يعتبر الضفة الغربية موطن ابائهم واجدادهم، وان العرب الفلسطينيين هم من احتلوا هذه الأرض، وينبغي تحرير الأرض من عذابتها.

واستكمالاً، يقول أحد احبار اليهود إذا كنا نزعم بأننا اهل التوراة، علينا ان نطبق ما جاءت به التوراة، وعلى كل جندي ووزير، ان يمنع نقل ارض اسرائيل للأغراب، لان هذا عمل غير قانوني وينافي ما جاءت به التوراة.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى