خطيئة حماس التفاوضية
المؤشر 29-05-2024
بقلم :عامر أبو شباب
آخر مسودة اتفاق معدلة من قبل مصر وقطر وقبلت بها حركة حماس، تحدثت عن مراحل للاتفاق تبدأ بوقف إطلاق النار المؤقت الذي يتحول بعد وقت معلوم إلى وقف دائم لإطلاق النار مع تبادل متزامن ومحدد التفاصيل والأسماء للأسرى في ظل ضمانات لإعادة الاعمار ورفع الحصار وفتح المعابر.
مما سبق نرى أن قيادة حركة حماس لا تزال تعيش في عام 2008 بأفق جغرافي على حدود 1% من فلسطين فقط، حدود قطاع غزة محل حكم الحركة، وكأن الحركة قامت بهجوم أكتوبر من أجل الأسرى والحصار فقط، وهذا يخالف بيان إعلان الهجوم الكبير.
كل ماورد في الاتفاق رغم التضحيات الكبيرة والصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني ينتهي عند معبر بيت حانون – ايرز، وهذا جوهر خطيئة الحركة التي أقرت عام 2017 وثيقتها السياسية المنسجمة مع وثيقة الأسرى عام 2011، والتي تتقاطع مع البرنامج المرحلي لمنظمة التحرير الفلسطينية المعلن في اعلان الدولة بالجزائر 1989، والموقف العربي المعبر عنه في المبادرة العربية 2002 في قمة بيروت، وقرارات الشرعية الدولية المتراكمة، وإيمان المجتمع الدولي بأهمية إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967 تشمل قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية.
ماذا بقي موقف المفاوض الحمساوي بعد نهر الدماء في حدود “مملكة غزة”، ولم يرفع سقف مطالبه إلى “الحق النسبي”، وإبقاء الصراع مفتوح على حق العودة المكفول والمحمي بالإرادة الفلسطينية وحق الأجيال والشرعية الدولية.
لماذا لم تدرك حركة حماس خطورة مطلب الدولة الفلسطينية، على كيان الاحتلال كحق تاريخي وسياسي وقانوني يتعاظم إقرار العالم به يوما بعد يوم، وتدرك مدى خوف الاحتلال والحركة الصهيونية في عقلها الاستراتيجي من قيام الدولة الفلسطينية على جزء من أرض فلسطين وإصرار بنيامين نتنياهو وغالبية القيادة والشعب الإسرائيلي على رفض فكرة دولة حتى لو كان على رأسها السيد منصور عباس الذي شارك سابقا في حكومة ائتلافية إسرائيلية، ويمترس نتنياهو في رفض هذا الخطر الاستراتيجي على المشروع الصهيوني الاستعماري الإحلالي على أرض فلسطين، ولو أدى ذلك إلى دفع الاحتلال ثمن استمرار الانقسام الفلسطيني الداخلي باعتباره أكبر عائق أمام مسار فلسطيني موحد نحو حق تقرير المصير.
لماذا لم تستمع حركة حماس للنصائح المصرية والقطرية والتركية، وتستفيد من المظلة العربية بقيادة المملكة العربية السعودية وقرارات القمتين العربية والإسلامية في الرياض، والمساندة العالمية خاصة في أوروبا وأمريكا الجنوبية التي تُرجمت اعترافات متتالية بالدولة الفلسطينية كتعبير عن دعم الحق الفلسطيني.
إن هذا القصور في رؤية المفاوض الحمساوي يحرمه من الغطاء الفلسطيني الواسع ولا يساهم في ردم الهوة مع حركة فتح التي لن تجد نفسها إلا مجبرة على الالتحاق بهذا الزخم الذي أحدثته حرب الإبادة على قطاع غزة وما سيليه من مسار سياسي يجب أن يكون موحد فلسطينيا، وإلا فإن الجميع على المستوى السياسي سيكون بحكم “الخائن” لدماء الشهداء في غزة وجنين ونابلس وآمال وآلام الفلسطينيين في مخيمات الشتات ومدن المواجهة في الضفة الغربية وقرى الصبر قي القدس المحتلة.
أخشى أن يكون الوقت قد تجاوز قدرة الحركة على التأثير في مسار “اليوم التالي” من موقع تفاوضي أفضل بعد احتلال معبر رفح الذي سيخضع في النهاية لترتيبات أمريكية ينفذها الاتحاد الأوروبي ضمن مسلمات السيادة المصرية، لأن احتلال المعبر مقدمة للترتيبات القادمة.