غلوبال تايمز زخم جديد في العلاقات الأوروبية- الصينية بعد جولة شي

المؤشر 12-05-2024   صحيفة “غلوبال تايمز” الصينية تنشر تستعرض فيه زيارة الرئيس الصيني الأوروبية التي شملت فرنسا وصربيا وهنغاريا، وقد جرى فيها الاتفاق بين الطرفين كل على حدة، على الارتقاء بالعلاقات الثنائية وزيادة التعاون المتبادل. ويرى محللون أنّ هذه الاتفاقات تضخ زخماً جديداً في العلاقات الصينية- الأوروبية.

غادر الرئيس شي جين بينغ بودابست يوم الجمعة، مختتماً زيارته الأوروبية المثمرة التي شملت ثلاث دول، والتي يعتقد المحللون الصينيون والأوروبيون أنها تضخ زخماً في العلاقات الصينية- الأوروبية وكذلك التعددية القطبية المستقبلية والاستقرار العالمي.

وفي حفل وداع أقامه رئيس الوزراء الهنغاري فيكتور أوربان وقرينته يوم الجمعة، قال شي إنّ الصين تدفع الآن عملية التجديد العظيم للأمة الصينية على جميع الجبهات، وأنّ التنمية والانفتاح عاليي الجودة في الصين سيوفران المزيد من الفرص المتاحة لهنغاريا.

وقررت الصين وهنغاريا يوم الخميس الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى شراكة استراتيجية شاملة. ومن أجل إثراء العلاقة الجديدة، يلتزم الجانبان بتعزيز التضافر بين مبادرة “الحزام والطريق”، وسياسة “الانفتاح الشرقي” في هنغاريا، حسب ما جاء في بيان مشترك صدر بعد اجتماع شي مع رئيس الوزراء الهنغاري فيكتور أوربان.

ووفقاً للبيان، سيواصل الجانبان تعميق التعاون في مجال التمويل والتجارة، وتشجيع المؤسسات المالية في كلا الجانبين على تقديم الدعم التمويلي والخدمات المالية للتعاون التجاري والاستثماري، ومواصلة الاستفادة من إمكانات التعاون وتعزيز التبادلات والتعاون في مجال تخطيط الأراضي والمساحات، وتوسيع التبادلات والتعاون الثقافي والشعبي، وتعزيز التنسيق والاتصالات بشأن السياسات السياحية.

وقال زولتان كيسزيلي، مدير التحليل السياسي في مؤسسة “سازادفيغ” للأبحاث السياسية ومقرها بودابست، لصحيفة “غلوبال تايمز”، إنّه “في عالم يخيم عليه تهديد الحمائية والانفصال الاقتصادي المتخفي في صورة إزالة المخاطر، يحتاج التعاون الاقتصادي والتجاري إلى جو من الثقة والاحترام المتبادلين. والشراكة الاستراتيجية المرتفعة الآن بين الصين وهنغاريا لا يمكنها أن تولد مثل هذا المناخ القوي فحسب، بل أيضاً أرضية صلبة لبيئة استثمارية آمنة على المدى الطويل”.

وكانت هنغاريا المحطة الأخيرة في زيارة شي لأوروبا، والتي شملت أيضاً فرنسا وصربيا. وهذه هي المرة الأولى منذ خمس سنوات التي يزور فيها شي أوروبا، وكان لكل محطة خلال الرحلة  معالمها الخاصة ولحظاتها التي لا تنسى.

وفي صربيا، استقبل آلاف الصرب الرئيس شي في بلغراد. ووقّع الرئيس شي والرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش بياناً مشتركاً بشأن بناء مجتمع مشترك بين الصين وصربيا في العصر الجديد، ما يجعل صربيا أول دولة أوروبية تبني مثل هذا المجتمع مع الصين. وفي البيان المشترك، قرر البلدان تعميق ورفع مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وصربيا.

وفي يومه الأول في فرنسا، قال الرئيس شي خلال اجتماع ثلاثي في باريس مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إنّ التعاون بين الصين والاتحاد الأوروبي “مكمل ومتبادل المنفعة” في جوهره.

وأضاف شي أنّ العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي تتمتع بقوة دافعة وآفاق مشرقة للتنمية، وأنّ هذه العلاقة لا تستهدف أي طرف ثالث، ولا ينبغي لها أن تعتمد على أي طرف ثالث أو يمليه عليها.

كما أجرى شي وماكرون محادثات في قصر الإليزيه. وقال الرئيس شي إنّه يتعين على الجانبين البقاء ملتزمين بالروح التي أرشدت إقامة علاقاتهما الدبلوماسية، وهي الاستقلال والتفاهم المتبادل والرؤية طويلة المدى والمنفعة المتبادلة، وإثراؤها بسمات جديدة للعصر الجديد. كما توصّل شي وماكرون إلى اتفاقيات لتعزيز التعاون بين الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم.

وفي اليوم التالي، وسط تساقط الثلوج في الجبال الخلابة في منطقة جبال البرانس في جنوب غرب فرنسا، استقبل ماكرون وزوجته شي وزوجته بحرارة في مطعم جبلي في اجتماع مغلق. ويعتقد الخبراء أنّ هذه اللمسة الشخصية تمثّل ذروة جديدة في التبادلات رفيعة المستوى التي يمكن أن تعزز الثقة والتفاهم المتبادلين.

بناء الثقة

على الرغم من تعريف الاتحاد الأوروبي للصين على أنّها “شريك للتعاون، ومنافس اقتصادي، ومنافس نظامي” والأصوات التي تدعو إلى الحد من المخاطر، وهي نسخة أكثر اعتدالاً من خطاب “الفصل” الذي تتبناه الولايات المتحدة، فإنّ رحلة الرئيس شي إلى أوروبا سبقتها سلسلة من الزيارات التي قام بها القادة الأوروبيون إلى الصين هذا العام منهم المستشار الألماني أولاف شولتس ورئيسا وزراء بلجيكا وهولندا. وكان شارك الرئيس الصربي فوتشيتش ورئيس الوزراء الهنغاري في منتدى الحزام والطريق الثالث للتعاون الدولي عندما أجريا محادثات ثنائية مع الرئيس شي.

صرح زيفادين يوفانوفيتش، رئيس منتدى بلغراد لعالم متساوٍ، والذي شغل منصب وزير خارجية جمهورية يوغوسلافيا الفيدرالية بين عامي 1998 و2000، لصحيفة “غلوبال تايمز” أنّ زيارة الرئيس شي جين بينغ لأوروبا تمثل استمراراً للحوار على أعلى مستوى. والتعبير عن الاهتمام المتبادل بتعزيز الشراكة والتعاون الاستراتيجي بين أوروبا والصين.

وأضاف يوفانوفيتش أنّ “الزيارات إلى فرنسا وصربيا وهنغاريا، وكذلك الاجتماع الثلاثي بين شي وماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، أدّت إلى إبرام العديد من الاتفاقيات الجديدة للتعاون المستقبلي وإزالة الحواجز غير الضرورية”.

وأشار بعض الخبراء الصينيين إلى أنّه مع توجيه المنافسة المتزايدة بين القوى الكبرى والتنافس الجيوسياسي ضربة قوية للنظام العالمي القائم، فإنّ أهمية العلاقات بين الصين وأوروبا آخذة في الارتفاع، وكذلك تعقيداتها. إذ تعالت أصوات في وسائل الإعلام الغربية تقول إنّ تعزيز الصين علاقاتها مع أوروبا يهدف إلى تقويض العلاقة عبر الأطلسي بين أوروبا والولايات المتحدة، بل وحتى تقويض الاتحاد الأوروبي.

وقال شين هوا، مدير وأستاذ مركز دراسات الاتحاد الأوروبي بجامعة شنغهاي للدراسات الدولية، لصحيفة “غلوبال تايمز” إنّ هذه العقلية تقلل من شأن مصالح أوروبا.

وأضاف شين أنّ “الصين وأوروبا بحاجة إلى بعضهما البعض. فأوروبا تحتاج إلى الصين لموازنة الولايات المتحدة، نظراً للتناقضات والاختلافات بين أوروبا والولايات المتحدة. ولن تغلق أوروبا بابها أمام تطوير العلاقات مع الصين”.

وقال سيباستيان بيريموني، الخبير في معهد شيلر في فرنسا، لصحيفة “غلوبال تايمز” إنه “لا يوجد تضارب أساسي في المصالح بين الصين وأوروبا. بالنسبة إلى أوروبا، فإن الخطر الحقيقي سيكون الاستغناء عن الصين”.

وأضاف بيريموني أنّه “من الواضح لأي شخص عاقل أنّ الحل الوحيد لمشكلات اليوم يكمن في عالم متعدد الأقطاب يقوم على مفهوم التنمية المتبادلة، مع إبرام اتفاقيات جديدة لبنية أمنية واستراتيجيات نمو مربحة لجميع دول العالم”.

ويرى خه تشيغاو، زميل باحث في معهد الدراسات الأوروبية من الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، أنّه إذا عملت الصين وأوروبا معاً، فلن تظهر مواجهة المعسكرات وسياسات التكتل وحرب باردة جديدة.

وقال خه إنّه “من منظور التنمية الاقتصادية العالمية، إذا عملت الصين وأوروبا معاً من أجل التنمية، فلن تحدث الحمائية والفصل وتقليص المخاطر، وهذا يرتبط بمستقبل العولمة الشاملة