ترجمات

بوليتيكو: لماذا يكره دونالد ترامب أوكرانيا؟

المؤشر 20-04-2024   تكتب فيرونيكا ميلكوزيروفا في موقع “بوليتيكو” مقالاً يتناول العلاقة بين الرئيس الأميركي السابق، والمرشح الحالي، دونالد ترامب، والسلطات في كييف، وتمر على محطات ساهمت في صوغ علاقة متوترة بين ترامب وزيلينسكي، وتختم بأن كييف بدأت التحضر لعودة ترامب إلى الرئاسة وما يمكن أن ينتج ذلك من تراجع في الدعم الأميركي لأوكرانيا.

دونالد ترامب لا يغفر أو ينسى بسهولة بينما يمنع الجمهوريون في الكونغرس الأميركي المساعدات العسكرية، التي يعتبرها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حاجة ماسة لتجنب الهزيمة في حربها مع القوات الروسية. ومن الواضح أن سوء نية الرئيس الأميركي السابق تجاه أوكرانيا له جذور عميقة. في نهاية عام 2019، هاتف ترامب زيلنسكي واعتمد عليه لإثارة قضية هانتر جو بايدن المشوبة بالفساد المالي، في إطار السعي إلى الإطاحة بمنافسه في انتخابات العام 2020.

لا تزل أوكرانيا تفترس عقل دونالد ترامب. هذا الشهر حرك الكونغرس الأميركي قانون مراقبة الاستخبارات الأجنبية، التشريع الذي ينظم مراقبة المشتبه بهم في الخارج وتأثيرهم وصلاتهم بالداخل الأميركي. وقد لجأ ترامب إلى وسائل التواصل الاجتماعي للاعتراض، ودعا إلى قتل القانون على المنصة التي يمتلكها (تروث سوشال)، “استخدم هذا التشريع ضدي والعديد من الآخرين بشكل غير قانوني”، في إشارة إلى التنصت على مدير حملته الانتخابية السابق بول مانافورت الذي اتهم وحكم بقضايا مالية والعمل مع روسيا للتأثير في الانتخابات في العام 2016.

 

تراقب كييف الحملات الانتخابات في واشنطن بحثاً عن أي مؤشرات على ما يمكن أن تعنيه لجهودهم الحربية ضد روسيا. وبصفته المرشح الجمهوري المفترض، يثير ترامب بالفعل الخوف في أوكرانيا بتفاخره بأنه يمكن أن ينهي الحرب في غضون 24 ساعة، ويأمل أن تنتهي قبل أن يضطر إلى اتخاذ قرار بشأن إعطاء أوكرانيا لموسكو.

لا شك، أن إشارة ترامب الضمنية إلى مدير حملته السابق بول مانافورت، تؤكد أن الرئيس الأميركي السابق لا يزال يحمل ضغينة ضد أوكرانيا كونها متورطة بشكل وثيق في محاولة نزع الشرعية عن رئاسته السابقة، من اتهامات التدخل الروسي في حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2016، إلى التحقيق الذي أجراه مدع خاص لعزله في عام 2016.

“ترامب يكره أوكرانيا”، يقول ليف بارناس، وهو رجل أعمال أوكراني أميركي عمل ذات مرة كوسيط في أوكرانيا لمحامي ترامب، رودي جولياني، الذي انقلب لاحقاً ضد الرئيس السابق، لاعتقاده مع آخرين أن “كل مشاكل ترامب كانت بسبب أوكرانيا”.

بول مانافورت و”دفتر الأستاذ الأسود”

تورط ترامب مع أوكرانيا بعد عامين على “احتجاجات” الميدان الأوروبي في كييف في العام 2014، لكن قبل أن يصبح بول مانافورت مديراً لحملة ترامب، عمل في أوكرانيا مع الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش، القريب من روسيا والذي أطيح به في انقلاب في العام 2014، واتهامه من قبل معارضيه بتوجيه أوكرانيا بعيداً عن الاتحاد الأوروبي ونحو موسكو.

خلال الاحتجاج الانقلابي في كييف، أضرمت النيران في مقر حزب يانوكوفيتش، وهناك وجد ناشط أوكراني ومشرع سابق ما أصبح يعرف باسم “دفتر الأستاذ الأسود”، الذي احتوى على قائمة مكتوبة بخط اليد بمدفوعات سرية من الحزب لمسؤولين أوكرانيين وشخصيات تلفزيونية ومشرعين وصحفيين. ووفقاً للمكتب الوطني لمكافحة الفساد في أوكرانيا، ظهر اسم عائلة مانافورت 22 مرة على الأقل على أنه تلقى نحو 12.7 مليون دولار. وقال المكتب إن إدراج اسمه في دفتر الأستاذ لا يعني بالضرورة أنه حصل على المبالغ المذكورة، وهو ما نفى مانافورت تلقيه.

أعلن عن ظهور اسم مانافورت في دفتر الأستاذ لأول مرة من قبل صحيفة “نيويورك تايمز” في العام 2016، وقبل أشهر فقط من المواجهة الانتخابية بين ترامب وهيلاري كلينتون على الرئاسة. وكانت واحدة من أولى الإشارات التي تربط ترامب بأوكرانيا وربما بروسيا، وكان من شأنها أن تعصف بإدارته طوال فترة وجوده في البيت الأبيض.

صور حلفاء ترامب “دفتر الأستاذ الأسود”، على أنه غير حقيقي ومؤامرة من قبل “الحزب الديمقراطي” لتقويض أركان رئاسته. وقد كان من المستحيل إثبات صحة توقيع اسم مانافورت في دفتر الأستاذ المذكور، حسب ما قال المدعي العام السابق يوري لوتسينكو الذي دعم لبعض الوقت جهود ترامب لفتح تحقيق فساد مع هانتر بايدن في قضايا فساد مالي متصلة بأوكرانيا أيضاً.

وأضاف لوتسينكو متسائلاً، من سيضع توقيعه علناً تحت مدفوعات نقدية سرية، ويحتفظ بدفتر الأستاذ الذي لا تزال أوكرانيا تتعامل معه كوثيقة سرية؟

في عام 2019، وصف جولياني الوثيقة بأنها “كتاب أسود” تبين أنه مؤلف ولم يستخدم أبداً لأنه كان بياناً مزوراً وتجريماً غير صحيح.

مع ذلك وجهت إلى بول مانافورت، 12 تهمة تتعلق بغسل الأموال والتهرب الضريبي وانتهاكات أخرى في عام 2017، ولم تكن التهم مرتبطة بـ “دفتر الأستاذ الأسود”، الذي لم يستخدم كدليل ضده.

مطاردة ترامب لخادم الديمقراطيين

يقول ليف بارناس إن كراهية ترامب لأوكرانيا متجذرة أيضاً في اعتقاده بأن أوكرانيا، وليس روسيا، هي التي تدخلت في الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2016 وحين أطلق ما سمي بـ “روسيا غيت”، في إشارة إلى مزاعم عن قرصنة موسكو الانتخابات الأميركية، وأدت في النهاية إلى تعيين المحقق الخاص روبرت مولر، في ظل ادعاءات مناقضة تشي بأن القراصنة الأوكرانيين وليس الروس هم الذين يتدخلون في الانتخابات الأميركية.

على هذه الخلفية شاب فوز ترامب الانتخابي اتهامات أكدتها لاحقاً وكالات الاستخبارات الأميركية ومكتب التحقيق الفيدرالي، عن أن روسيا اخترقت صندوق رسائل البريد الإلكتروني للجنة الوطنية لـ “الحزب الديمقراطي”، الذراع الاستراتيجية والتمويلية للحزب، لتشويه سمعة هيلاري كلينتون، منافسة ترامب.

روّج ترامب باستمرار لنظرية المؤامرة القائلة، بأن أوكرانيا هي التي نفذت القرصنة، من أجل تأطير اتهامات لروسيا، وأن كييف كانت ولا تزال تخفي الكثير من بيانات الخوادم.

في وقت لاحق من ذلك العام، دافع ترامب عن قراره بتجميد المساعدات العسكرية لأوكرانيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى شكوكه في أن شركة أوكرانية كانت تمتلك بيانات الخوادم وتخفيها، وقال في مقابلة تلفزيونية: “ما زلت أريد أن أرى هذا الخادم”، يقصد البيانات التي تدين هانتر جو بايدن بالفساد، “لم يحصل مكتب التحقيقات الفيدرالي على هذه الوثائق أبداً، مع أن هذا جزء كبير من الأمر برمته”.

في عام 2022، زعم القائد الحربي الروسي يفغيني بريغوجين أن روسيا تدخلت في العملية الانتخابية الأميركية: “لقد تدخلنا ونتدخل وسنواصل التدخل بعناية ودقة وبطريقتنا الخاصة كما نعرف كيف نفعل”.

زيلينسكي والمكالمة الهاتفية المثالية

قال ترامب لزيلينسكي، “أود منك أن تقدم لنا معروفاً لأن بلدنا يمر بوقت دقيق وأوكرانيا تعرف الكثير عنه”. يبدو أن ترامب احتفظ باعتقاد أن مكالمته مع زلينسكي “مثالية”، لكنها أدت دوراً مركزياً في واحدة من أكثر الحلقات إحراجاً في حياته السياسية ومحاولة عزله الأول، بسبب جهوده للضغط على الرئيس الأوكراني لفتح تحقيق مع جو بايدن وابنه، لكنه في النهاية طوّق عهده الرئاسي بسبب هذا الاتصال الهاتفي

وخلال المكالمة الهاتفية، حثّ ترامب زيلينسكي على فتح تحقيق، قائلاً إنه سيضعه على اتصال مع جولياني والمدعي العام وليام بار، وقال الرئيس الأميركي لنظيره الأوكراني: “أنا متأكد من أنك ستكتشف ذلك”.

كان المحفز هو مقطع فيديو يهدد فيه نائب الرئيس آنذاك، جو بايدن، الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو في عام 2016، بحجب الأموال عن أوكرانيا إذا لم تطرد كييف المدعي العام الذي يبحث في المزاعم حول قضايا فساد متعلقة بابنه هانتر، وفي ذلك الوقت كانت روسيا قد استعادت بالفعل شبه جزيرة القرم وأجزاء من شرق أوكرانيا.

اعتبر جولياني الفيديو صيداً ثميناً في المعركة الناشبة بين الجمهوريين والديمقراطيين، ويؤكد أنه يمكن إثبات أن جو بايدن قد دفع أموالاً طائلة لإقالة المدعي العام الأوكراني فيكتور شوكين، لأنه كان يحقق مع هانتر، الذي تولى وظيفة في شركة غاز أوكرانية كانت موضوع تحقيق فساد. ويضيف ليف بارناس: “حين شاهد ترامب فيديو بايدن، وضع أوكرانيا في ذهنه وفهمت على الفور أن أوكرانيا قد انتهت”.

بينما سعى بايدن إلى إقالة شوكين، كان ذلك جزءاً من جهد منسق مع وزارة الخارجية الأميركية والاتحاد الأوروبي، بسبب مخاوف من عرقلة المدعي العام تحقيقات حول الفساد في البلاد، ولم يكن شوكين حينها يحقق مع هانتر بايدن في الوقت الذي دعا فيه بايدن إلى الإطاحة به، كما زعم ترامب وجولياني.

ويقول ليف بارناس، إن هدف ترامب كان إقناع أوكرانيا بالتعاون معه وبالتالي تأمين دعمه، وعبر عن ذلك بالقول: “من أجل هذا كنا بحاجة إلى أحد الرئيسين بوروشينكو أو زيلينسكي للإعلان عن التحقيق مع بايدن”. واعتقد ترامب أنهم إذا فعلوا ما يريد، فإنه سيكون مديناً لأوكرانيا.

خلال المكالمة الهاتفية بين ترامب وزيلنسكي، وعد الأخير بالتحقق مما يمكن القيام به، لكن أوكرانيا لم تفتح تحقيقاً في النهاية. ويضيف بارناس: “حتى الآن يكره ترامب زيلينسكي بشغف، زيلينسكي يعرف ذلك تماماً”. مع ذلك، لم تتوفر أدلة دامغة على أن بايدن أو ابنه انتهكا القوانين.

في عام 2022، حكم على ليف بارناس بالسجن لمدة 20 شهراً بتهمة الاحتيال وجرائم تمويل الحملات في قضايا لا علاقة لها بعمله لصالح جولياني.

أوكرانيا تستعد لرئاسة ترامب

مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية، تبذل الحكومة الأوكرانية قصارى جهدها للبقاء بعيداً عن السياسة الأميركية. وكان زيلينسكي قد طلب من ترامب القدوم إلى أوكرانيا ليرى آثار الحرب بأم عينيه. ومع تعثر مشروع قانون المساعدات العسكرية بقيمة 60 مليار دولار في الكونغرس، كان مكتب زيلنسكي يتودد إلى الجمهوريين، في محاولة لإقناعهم بأن مساعدة أوكرانيا تصب في المصلحة الوطنية الأميركية.

“لا أعتقد أن أي شخص يمثل حزب رونالد ريغان سيتخلى عن أوكرانيا”، قال رئيس مكتب زيلينسكي، أندريه يرماك، في وقت سابق من هذا الشهر. ولكن في الوقت نفسه، يعمل الأوكرانيون على تحقيق الاكتفاء الذاتي قدر الإمكان، وتكثيف إنتاج الأسلحة المحلية ومحاولة تنويع مصادر مساعداتهم العسكرية.

في حين أن زيلينسكي كان قلقاً علناً بشأن إمكانية رئاسة ترامب، سعى يرماك إلى استخدام لهجة أكثر تفاؤلاً: “أعتقد أولا وقبل كل شيء، أن الأشخاص الذين كانوا في فريق ترامب في ذلك الوقت لم يعودوا هناك، والآن لديه فريق جديد. علاوة على ذلك، هناك دعم من الحزبين لأوكرانيا، ونحن نتحدث باستمرار مع ممثلي كلا الحزبين”.

من جانبه، قال ليف بارناس إنه متشائم، يعرف زيلينسكي ويرماك أنهما لا يقاتلان روسيا من أجل حياتهما فحسب، بل يقاتلان الجمهوريين أيضاً، وإذا خسر ترامب، فستحصل أوكرانيا على كل الأموال والأسلحة وإذا فاز ستكون الأمور سيئة للغاية في كييف.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى