الإقتصاد

التحديات الاقتصادية والاجتماعية للاقتصاد الفلسطيني تحت وطأة العدوان الإسرائيلي على غزة والضفة الغربية في الربع الثاني من عام 2024

المؤشر 05-11-2024   يستعرض تقرير “أداء الاقتصاد الفلسطيني” تحليلًا معمقًا لأهم المؤشرات الاقتصادية في الضفة الغربية وقطاع غزة خلال الربع الثاني من عام 2024، موضحًا الأثر العميق للعدوان الإسرائيلي المستمر على غزة والضفة. أثر هذا العدوان بشدة على مختلف القطاعات، وتراجع الناتج المحلي الإجمالي، وارتفعت البطالة والفقر بشكل كبير، إلى جانب زيادة الدين العام وتراجع الإيرادات الحكومية، ما زاد الضغوط المالية على السلطة الفلسطينية.

التغيرات الديموغرافية وأثر العدوان الإسرائيلي:
أدى العدوان الإسرائيلي الذي بدأ في 7 أكتوبر 2023 إلى مقتل أكثر من 50 ألف فلسطيني، بينهم 42 ألفًا سجلتهم وزارة الصحة الفلسطينية، فيما أصيب أكثر من 100 ألف آخرين. قُدر أن نحو 10% من سكان غزة إما قتلوا أو جُرحوا أو فُقدوا أو اعتُقلوا. تعرضت البنية التحتية للدمار الواسع، حيث تضرر حوالي 57.5% من المباني في القطاع، ووصل الضرر في شمال غزة إلى 70% من المباني، في حين تضررت أو دمرت نحو 36% من مباني مدينة رفح.

الناتج المحلي الإجمالي والانكماش الاقتصادي:
سجل الاقتصاد الفلسطيني انكماشًا بنسبة 32% في الربع الثاني من 2024 مقارنة بالربع المناظر، حيث انكمش الناتج المحلي في قطاع غزة بنسبة 86%، فيما شهدت الضفة الغربية تراجعًا بنسبة 22% بسبب القيود المفروضة. بلغت قيمة الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني 2,690 مليون دولار، بواقع 2,599 مليون دولار للضفة الغربية، و91 مليون دولار فقط لغزة، لتشكل الأخيرة 3.4% من إجمالي الناتج، مما يعكس فجوة اقتصادية هائلة.

سوق العمل ومعدلات البطالة:
ارتفعت البطالة إلى مستويات قياسية، حيث وصلت في غزة إلى 80% بسبب تدمير المنشآت الاقتصادية وتوقف الإنتاج، مما أثر على آلاف الأسر. أما في الضفة، فقد بلغت البطالة حوالي 31% بين القوى العاملة، ووصلت إلى 39% بين الشباب المتعلمين، حيث أثر التضييق الإسرائيلي على حرية التنقل وسوق العمل بشكل سلبي. كما شهدت الضفة انخفاضًا في عدد العمال الفلسطينيين العاملين في إسرائيل، من 16 ألفًا إلى 13 ألفًا، وتراجع عدد العمال في المستوطنات من 17 ألفًا إلى 14 ألفًا.

المالية العامة والدين العام:
بلغ الدين العام الفلسطيني نحو 3.9 مليار شيكل (1.1 مليار دولار) بنهاية الربع الثاني من 2024، مشكلًا 29% من الناتج المحلي. واجهت الحكومة الفلسطينية عجزًا ماليًا بسبب تراجع الإيرادات الناجم عن الاقتطاعات الإسرائيلية من أموال المقاصة، حيث بلغ حجم الاقتطاعات حوالي 500 مليون شيكل شهريًا خلال فترة العدوان، مما أدى إلى أزمة مالية خانقة وارتفاع متراكم للديون. توقعت التقديرات أن يصل العجز السنوي إلى 1.86 مليار دولار.

التضخم وارتفاع الأسعار:
سجل التضخم في قطاع غزة 217.8% في الربع الثاني من 2024، فيما بلغ 2.4% في الضفة، مما أدى إلى ارتفاع معدل التضخم في فلسطين إلى 46.6%. وقد تأثرت أسعار المواد الغذائية بشكل خاص حيث ارتفعت بنسبة 140%، وتجاوز سعر الطحين والسكر والأرز مستويات الأسعار العالمية بشكل كبير، مع وصول بعض المواد إلى أضعاف الأسعار العالمية، حيث بلغ متوسط سعر الطحين 1.4 ضعف سعره العالمي، والسكر 5.7 أضعاف، والأرز 3 أضعاف سعره العالمي.

الأضرار في القطاع الزراعي والبنية التحتية:
شهد القطاع الزراعي تدميرًا واسع النطاق حيث تأثرت 96% من الأصول الزراعية في غزة، بما في ذلك الأراضي الزراعية والآبار، مما أدى إلى أزمة غذائية حادة دفعت نحو مليوني شخص إلى حافة المجاعة. أشارت بيانات الأقمار الصناعية إلى أن 68% من الأراضي الزراعية في القطاع شهدت انخفاضًا في صحة المحاصيل، خاصة في مناطق خان يونس ومدينة غزة وشمال القطاع.

الأزمة الإنسانية في غزة – التعليم والصحة:
انخفضت معدلات الالتحاق بالمدارس بشكل حاد، حيث حرم 625 ألف طفل من التعليم منذ بداية العدوان. تم تدمير 95% من المرافق التعليمية، وفقد أكثر من 400 معلم ومعلمة و10 آلاف طالب وطالبة حياتهم. على الصعيد الصحي، أدى القصف إلى تدمير أكثر من 600 منشأة صحية، ما أوقف 76% من مراكز الرعاية الأولية، ولم يبق من أصل 36 مستشفى عامل في القطاع سوى 10 تعمل جزئيًا.

التحديات المالية في القطاع المالي الفلسطيني:
واجهت الحكومة الفلسطينية صعوبة كبيرة في توفير السيولة، خاصة مع استنزاف إسرائيل لأموال المقاصة وفرض قيود على عمليات التحويل المالي. بلغت قيمة النفقات العامة حوالي 4.5 مليار شيكل، فيما ارتفعت نسبة المتأخرات إلى 1.56 مليار شيكل. كما تعرض النظام المصرفي في غزة إلى الشلل بسبب تدمير المصارف وفروعها وتعرضها للنهب، مما أدى إلى أزمة سيولة خانقة.

التداعيات الاقتصادية العامة والأضرار المالية:
قدرت الخسائر المالية الأولية المباشرة للعدوان بأكثر من 33 مليار دولار، وتكلفة إعادة الإعمار بـ 80 مليار دولار. استمرت التحديات في تغذية الأزمات الاجتماعية والاقتصادية مع ارتفاع نسبة البطالة والفقر، حيث توقفت معظم الأنشطة الاقتصادية، وانخفضت مساهمة غزة في الناتج الإجمالي الفلسطيني من 17% قبل العدوان إلى أقل من 5%.

التوصيات:
خلص التقرير إلى توصيات بالعمل على دعم فوري لإعادة إعمار غزة وتقديم مساعدات مالية دولية عاجلة لدعم السلطة الفلسطينية، وتأمين السيولة عبر تمويل طارئ، وتقديم تسهيلات ضريبية للمساهمة في التعافي الاقتصادي، ودعم البنية التحتية للقطاعات الزراعية والصحية والتعليمية لاحتواء الكارثة الإنسانية الناتجة عن العدوان.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى