رياضة

بين عقوبات روسيا وحرية “إسرائيل”.. أولمبياد يفتقر إلى العدل!

المؤشر 27-07-2024   تشكّل دورة الألعاب الأولمبية الحدث الأهم في مسيرة جميع الرياضيين المشاركين فيها، والذين يمضون فترات طويلة من التدريب والعمل الجاد من أجل حلم الوصول إلى المسرح الأولمبي من جهة، وأمل الصعود إلى منصات التتويج وكتابة أسمائهم وأسماء بلادهم في كتب التاريخ.

من أجل تلك الأحلام الجميلة يسهر الرياضيون، يتعبون ويتدرّبون، من أجل الآمال الكبيرة في أن يصبحوا أبطالاً في عيون أبناء وطنهم، ولِمَ لا يصبحون قدوة يسير أقرانهم على خطاها.

لكنّ كلّ تلك الجهود والأحلام قد ترحل وتتبخّر بسبب قرار يصفه كثيرون في العالم بـ “العادل” لكنه فعلياً يمثّل عين الانحياز واللامساواة بين الأطراف

ومع اقتراب انطلاق دورة الألعاب الأولمبية المقبلة في العاصمة الفرنسية باريس، تستعدّ البعثات المشاركة في الحدث الرياضي للتوافد من كلّ الأقطاب من أجل تمثيل بلادها، باستثناء بعثتين هما روسيا وبيلاروسيا اللتان غُيّبتا قصراً بسبب قوانين سنّتها جهات كان من المفترض أن تكون عادلة بين الأطراف.

ليُجبر الرياضيون القادمون من تلك البلاد على اتباع “بروتوكول” يرضي المسؤولين في اللجنة الأولمبية الدولية التي وضعت شروطاً “تعرّي” الرياضيين الروس والبيلاروس من قوميّتهم وجنسيتهم وتجعلهم محايدين حتى في الرياضة تحت حجّة معاقبة دولهم بسبب العملية العسكرية المحدودة في أوكرانيا.

انحياز دولي واضح يرجح كفّة أوكرانيا

منذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا ودعم بيلاروسيا لها، اتخذ المجتمع الرياضي الدولي موقفاً مشابهاً للقرارات السياسية التي نادت بها بلاده.

إذ عمدت معظم الدول إلى قطع علاقاتها الرياضية مع روسيا وبيلاروسيا، بما في ذلك التوقّف عن إجراء المباريات الودية والتدريبات، فضلاً عن فرض عقوبات شملت مختلف الرياضات من ضمنها كرة القدم وألعاب القوى، وحرمان الأندية من المشاركة في المحافل القارية والدولية.

وتحوّلت تلك العقوبات من إجراءات تهدف للضغط على روسيا إلى حملة عقاب جماعي يستهدف قطاع الرياضة بشكل عام والرياضيين والأندية بشكل خاص، لتصبح سياسة تدمير ممنهج يمحي روسيا وبيلاروسيا عن الخارطة الرياضية الدولية.

وعلى المقلب الآخر وعلى الرغم من كلّ الشعارات التي كانت تتغنّى بها الاتحادات الرياضية وخاصة الأوروبية المتعلقة بنبذ السياسة من الملاعب والرياضات وإبعاد العنصرية والتفرقة بين الرياضيين، ظهر دعم غير مسبوق من تلك الاتحادات نفسها لجميع البعثات الأوكرانية.

إذ بات يحقّ للمنتخبات الأوكرانية رفع شعارات سياسية في أرضية الملعب، كما يسمح للاعبي تلك البعثات الإدلاء بتصريحات تنتقد دولاً أخرى وتهاجم رؤساءها.

ولم تكتفِ الدول الأوروبية بمنح أوكرانيا كامل الحقّ في التعبير عن مواقفها السياسية في المحافل الدولية، بل عمدت وسائل الإعلام فيها إلى تصوير اللاعبين الأوكرانيين على أنهم أبطال يحملون قضية بلادهم ويطوفون بها في مختلف المحافل والبطولات

منذ انطلاق العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا اتخذت اللجنة الأولمبية قراراً بمنع الرياضيين الروس والبيلاروس من المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية باريس 2024 تحت راية بلادهم في حالة تهدف إلى إقصاء حضور تلك الدول في الحدث الرياضي.

واشترطت اللجنة الأولمبية الدولية على الرياضيين الروس والبيلاروس الذين يريدون المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية “باريس 2024” المشاركة تحت علم محايد، فضلاً عن عدم إظهار أيّ انتماء سياسي، وألّا يكون للمشارك أيّ ارتباط بالجيش.

وبالتالي فإنّ أيّ إنجاز أولمبي يحقّقه أحد من الرياضيين المشاركين لن يُسجّل لروسيا أو جارتها، بل سيحسب للراية المحايدة، وبالتالي توقّف رصيد روسيا الأولمبي من الميداليات وكأنّ رياضيّيها لم يشاركوا في الدورة.

ولم تكتفِ اللجنة الأولمبية عند هذا الحد من الإجراءات القاسية بحقّ الرياضيين الروس والبيلاروس، بل وعمدت إلى إصدار قرار يمنعهم من المشاركة في حفلي الافتتاح والختام.

واعتبرت اللجنة الأولمبية أن الرياضيين القادمين من روسيا وبيلاروسيا لن يشاركوا بسبب منافستهم تحت راية محايدة وبالتالي لا وجود لدولهم في الاحتفال.

كما عمدت فرنسا الدولة المستضيفة إلى رفض اعتمادات العديد من الصحافيين الروس والبيلاروس للمشاركة في تغطية الأولمبياد مبرّرة فعلتها بمخاوف من عمليات تجسس

عمدت الدول التي تتحكّم في قرارات اللجنة الدولية الأولمبية إلى دعم القرارات المتخذة متذرّعة بمعاقبة روسيا من أجل الضغط عليها لإنهاء عمليتها العسكرية في أوكرانيا.

ولكن اللجنة الأولمبية صاحبة “الحب والسلام” والتي تهدف إلى إنهاء الحروب ركّزت كلّ هجومها على روسيا التي تدافع عن أمنها القومي، وغضّت طرفها عن “كيان الاحتلال الإسرائيلي” الذي أمعن قتلاً بالفلسطينيين من أبناء غزة والضفة ويواصل اعتداءاته على لبنان واليمن وسوريا.

وعلى الرغم من المجازر اليومية التي ترتكبها آلة القتل الإسرائيلية فتحت اللجنة الأولمبية ذراعيها لبعثته التي تضمّ جنوداً يقاتلون في صفوف “الجيش” المجرم الذي وُثِّق له ارتكابه مئات المجازر.

لتصبح صورة العالم الرياضي أكثر وضوحاً، ويتحوّل المسرح الأولمبي إلى ساحة تُدخل إليه الدول الكبرى من تشاء لتلمّع صورته بين الدول وتقصي عنه من تشاء حتى وإن كان يدافع عن أمنه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى