ترجمات

“هآرتس نتنياهو سيُسجّل بأنه أسوأ رئيس حكومة في تاريخ “إسرائيل

المؤشر 27-07-2024   صحيفة “هآرتس” تنشر مقالاً للبروفيسور والمؤرخ الإسرائيلي بيني موريس، يتحدث فيه عن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ويصفه بأنّه أسوأ قادة “إسرائيل”.

في مقابلة على القناة 12 الإسرائيلية يوم 14 تموز/يوليو، صرّح رئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي الذي تم تصويره في الماضي على أنّه شخص ذكي، بما يلي: “نتنياهو سيدخل التاريخ كرجل نجح في تعزيز إسرائيل”، على خلفية ما مرت به “إسرائيل” في 7 أكتوبر. ومنذ ذلك الحين، تبدو كلمات هنغبي بشعة.. تملّق من دون أساس ومنطق.

أعتقد أنني أفهم قليلاً في كتابة التاريخ، وليس لدي شك في أنّ نتنياهو سيوصف في كتب التاريخ التي ستكتب في العقود المقبلة بأنّه أسوأ رئيس وزراء في “إسرائيل”. إنّه يسعى منذ أشهر لتحقيق هذا “النصر المطلق” على حماس، كوسيلة “للفوز” بموقع جيد في تاريخ “إسرائيل”، لكن حتى لو تحقق نصر “مطلق”، فأنا لا أعتقد أنّه سيغير حكم التاريخ بشكل جذري.

عزَّزَ “إسرائيل”؟!

“إسرائيل” اليوم ضعيفة، وينظر إليها أعداؤها على أنّها كذلك، على الرغم من مخزونات القنابل في أقبيتها، وعلى الرغم من فرقها المدرعة ووحداتها الخاصة. والمسؤول الرئيسي عن ذلك هو رئيس وزرائها منذ 15 عاماً.

منذ تسعة أشهر، لم تنجح “إسرائيل”، بجيش قوامه نصف مليون جندي، في القضاء على حركة قوامها نحو 30 ألف مقاتل مجهزين بشكل أساسي ببنادق هجومية وقاذفات “آر بي جي” وصواريخ مضادة للدروع في منطقة جغرافية صغيرة، وفي متاهة الأنفاق التي لم تجد “إسرائيل” حلاً فعالاً لها.

و”إسرائيل” لا تجرؤ على ضرب حزب الله بجدية، وهو الذي يمطر المستوطنات الشمالية بالصواريخ والقذائف الصاروخية والطائرات المسيّرة كل يوم، ولا تجرؤ على ضرب إيران، التي أطلقت عليها في نيسان/أبريل مئات الصواريخ والقذائف الصاروخية والطائرات المسيّرة، والتي توجّه الهجوم المتعدد الساحات عليها منذ تسعة أشهر.

إسرائيل قوية؟!

فشل نتنياهو، على الرغم من التحذيرات المستمرة من رؤساء المؤسسة الأمنية والعسكرية، في تحديد التهديد الأمني، لكنه نجح في العامين الماضيين في تفكيك “إسرائيل” بسبب التعديل القضائي، وبسبب مختلف المناورات المتعلّقة بالحرب، ومحاولات حل مسألة الأسرى.

وبمهارة كبيرة، سوّق نتنياهو نفسه لمؤيديه الجهلة على أنه جديّ وحكيم.

وبرع نتنياهو لسنوات في التردد والجبن؛ ففي بداية حرب غزة أجّل مراراً وتكراراً مرحلة الاجتياح البري، وفعل الشيء نفسه في الجولات السابقة ضد حماس. والآن يفر منذ تسعة أشهر من حسم قراره بشأن شنّ حرب ضد حزب الله. وطوال السنوات التي قضاها كرئيس للوزراء، تجنب مراراً وتكراراً اتخاذ قرار حاسم ضد المشروع النووي الإيراني. وإجمالًا، خلال السنوات التي قضاها في منصبه، كان نتنياهو متردداً في اتخاذ قرار حاسم بشأن مستقبل الضفة الغربية: فهو لم يذهب إلى الضم، ولا إلى الانفصال في إطار سلام قائم على حل الدولتين.

في المقابل، نجح نتنياهو طوال مسيرته الطويلة في التحريض والتقسيم. لقد حرض ضد الليبراليين وضد إسحاق رابين، ضد العلمانيين وضد اليسار، وحرض السفارديم ضد الأشكناز. وقد وصف رئيس الوزراء السابق من حزب الليكود، إسحاق شامير، نتنياهو بأنه “ملاك التخريب”.

واليوم، نتنياهو وأتباعه منهمكون بالتحريض ضد رؤساء المؤسسة الأمنية والعسكرية وعائلات الأسرى. وقبل عام، حرض ضد النظام القضائي، وكل ذلك في خدمة احتياجاته الشخصية، أي استمرار حكمه وهروبه من السجن.

أيضاً، نجح نتنياهو في العقود الأخيرة، من خلال رفضه أي إمكانية للسلام مع الفلسطينيين.

وبشخصيته الفاسدة وسياسته المتهتكة، زرع بذور العداء لـ”إسرائيل” بين قطاعات واسعة في الغرب، وهو عداء انفجر في وجوهنا بعد 7 أكتوبر. واليوم، يبدو أنّ الصدع بين “إسرائيل” والشعب الأميركي يتعمّق، وخصوصاً بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و45 عاماً، بمن فيهم الكثير من اليهود، بسبب تصرفات نتنياهو وشخصيته.

وفي السنوات الكثيرة التي شغل فيها منصب رئيس الوزراء، هل أصدر نتنياهو أي تصريح أو تعبير سيتم تذكره في تاريخ الشعب والأمم؟

مكانته في التاريخ وعلم التأريخ تشغل نتنياهو كثيراً، وهو يدرك أهمية الإرث الذي سيخلّفه. في السنوات الأخيرة، شوهد نتنياهو وأعوانه منخرطين في إخفاء وسحق الوثائق التي اعتبرها نتنياهو كما يبدو إشكالية بالنسبة إلى صورته. على سبيل المثال، في الأيام الأولى من الحرب، أمر “الجيش” الإسرائيلي بالتوقف عن تسجيل المناقشات في مقر القيادة. وخلال نقل السلطة منه إلى نفتالي بينيت في نهاية عام 2021، أمر بتمزيق وثائق لمكتبه.

في الأشهر الأخيرة، رفض نتنياهو أي محاولة لتشكيل لجنة تحقيق رسمية في أحداث 7 أكتوبر. الدافع الرئيسي واضح للجميع: الهروب من المسؤولية والمحاسبة عن أفعاله وإخفاقاته، ولكن الأمر يتعلق أيضاً بمسألة المرجع. ليس هناك شك في أنّ تعليمات نتنياهو بشأن التسجيلات في مقر القيادة، وربما في أماكن أخرى أيضاً، من المفترض أن تلحق الضرر بالمرجع الذي سيصل في النهاية إلى لجنة التحقيق عندما يتم تشكيلها، وسيكون التقرير الذي تصدره اللجنة أساساً لتقدير المؤرخين في المستقبل لأداء نتنياهو.

لكن في هذه الأثناء، لدى بعض الصحف وقنوات الإعلام الإلكترونية سيل من المعلومات حول ما حدث قبل 7 أكتوبر، وما حدث في ذلك اليوم والأيام التي تلته. يقال إنّ الصحافة هي المسوّدة الأولى للتاريخ، وفقط بعدها تأتي الدراسات العلمية. إذا حكمنا من خلال الكم الهائل من المعلومات التي تم نشرها بالفعل، سيتم صلب نتنياهو في كتب التاريخ باعتباره الرجل الذي أضعف “إسرائيل” وزاد من قوة أعدائها.

ووفقاً لما تم نشره، نتنياهو قاد خفض القوات البرية للجيش الإسرائيلي. والأهم من ذلك، ضلل الجيش وأجهزة الاستخبارات بشأن نيات “حماس”، فيما فرض التصور بأنّ “حماس مرتدعة”.

وفي الوقت نفسه، عمل على إضعاف السلطة الفلسطينية في محاولة لمنع أي تقدم نحو حل الدولتين؛ الحل الوحيد الذي يمكن أن يجلب السلام إلى المنطقة، والاعتراف بأنّ الحكم طويل الأمد على شعب آخر غير واقعي في القرن الواحد والعشرين.

ليس لدي شك في أنّه في التأريخ المستقبلي للحرب الحالية، سيتم إيجاد نتنياهو مذنباً أساسياً عن كل من الفشل الاستخباري والسلوك الفاشل لـ”الجيش” الإسرائيلي في 7 أكتوبر وبعده.

ليس هناك شك في أنّ نتنياهو هو الأكثر فساداً وإفساداً وافتقاراً إلى الكفاءة بين رؤساء “إسرائيل” على مر السنوات، وهكذا سيحكم عليه التاريخ.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى