كيف أعادت الحرب بأوكرانيا إحياء المصانع القديمة في روسيا؟
المؤشر 15-07-2024 في الوقت الذي تستعد فيه روسيا لحرب طويلة مع أوكرانيا فإن أوامر الدولة بتسليح الجيش ووقوده وإطعامه وكسوته تضخ مبالغ هائلة من المال إلى الاقتصاد، وفق ما ذكرت صحيفة فايننشال تايمز.
وأدى ذلك إلى طفرة، ففي وقت توقع كثيرون أن توجه العقوبات الغربية ضربة مؤلمة لروسيا ينتظر أن ينمو اقتصادها 3% هذا العام، وهو أعلى من الولايات المتحدة ومعظم الدول الأوروبية.
وقالت الصحيفة في تقرير للكاتبة بولينا إيفانوفا إن تأثير الحرب يظهر بصورة أوضح في المناطق الصناعية القديمة حيث تم إحياء المصانع السوفياتية التي باتت تعمل على مدار الساعة لتزويد الجيش الروسي بالإمدادات.
ونقلت الصحيفة عن عالمة السياسة إيكاترينا كوربانجاليفا قولها “بعض المناطق ذات الأداء الاقتصادي الضعيف بدأت في النمو فجأة، ولا سيما مناطق التصنيع التي توجد فيها الكثير من الصناعات الدفاعية والصناعات ذات الصلة
وأضافت “المناطق الأكثر تخلفا والشرائح ذات الدخل المنخفض من السكان هي الرابحة، هذا هو المكان الذي تذهب إليه الأموال”.
كما نقلت الصحيفة البريطانية عن محللين قولهم إن فهم تجربة مناطق مثل تشوفاشيا أمر بالغ الأهمية للتنبؤ بقدرة روسيا على المدى الطويل على مواصلة حرب الاستنزاف ضد أوكرانيا، اقتصاديا وسياسيا.
نقطة تحول
وتقول لورا سولانكو من معهد الاقتصادات المارة بمراحل انتقالية التابع لبنك فنلندا -والتي درست تأثير الحرب على دخل الأسر- إن هذا التوقيت كان بمثابة نقطة تحول واضحة، إذ أدركت روسيا أن الحرب لن تكون قصيرة.
وبدأت المصانع في جميع أنحاء روسيا بتحويل الإنتاج إلى الاحتياجات العسكرية، ففي تشوفاشيا كانت 7 مصانع تلبي طلبات القوات المسلحة قبل الحرب، وبحلول أكتوبر/تشرين الأول 2022 ارتفع العدد إلى 36 مصنعا، وفق الحاكم المحلي.
وأظهرت البيانات المحلية أن تشوفاشيا سجلت ثاني أعلى معدل، حيث أنتجت مصانعها زيادة بنسبة 27% عن العام السابق
تحسن سوق العمل
وتذكر الصحيفة في تقريرها أنه في جميع أنحاء روسيا سارع قطاع الدفاع إلى توظيف عاملين جدد في سوق العمل الذي يشهد قلة في المعروض من العمال
وبحلول أغسطس/آب من العام الماضي انخفض معدل البطالة في تشوفاشيا إلى 2.2%، في حين رفعت الشركات الأجور للاحتفاظ بالموظفين.
ونقلت الصحيفة عن الخبيرة الاقتصادية ناتاليا زوباريفيتش قولها إنه لتلبية الطلب يعود البعض إلى وظائفهم التي كانوا يقومون بها آخر مرة في التسعينيات عندما انهار الاتحاد السوفياتي، مضيفة أنهم “في الستينيات من عمرهم لكنهم يعودون لأن الأمر مربح حقا”.
ورجّح علماء أن يكون لتحسن سوق العمل تأثير على وجهات النظر السياسية لقطاعات كبيرة من السكان الروس، مما يعزز الدعم للحرب، في وقت كان صناع السياسة الغربيون يأملون أن يساعد تأثير العقوبات والتضخم في تأليب الرأي العام الروسي ضد الحرب.
وفي حين يعمل نحو 2.5 مليون شخص في روسيا بقطاع الدفاع فإن عددا أكبر منهم يعملون في صناعات أخرى تعززت بفعل الحرب، كالمنسوجات، بحسب الصحيفة.
كما تستفيد عائلات نحو مليون رجل تم إرسالهم إلى الخطوط الأمامية من رواتبهم المرتفعة وتعويضات القتلى والجرحى.
ومع ذلك، تدعو الخبيرة الاقتصادية زوباريفيتش إلى عدم المبالغة في تقدير تأثير الإنفاق الدفاعي في مناطق مثل تشوفاشيا، متوقعة أن يكون تأثير الحرب مؤقتا