هآرتس لقد نجح نتنياهو بالفعل في حماية الإسرائيليين.. لكن من الواقع
المؤشر 22-06-2024 صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية تنشر مقالاً للكاتب حغاي إلعاد، يتحدث فيه عن وجود الفلسطينيين أصلاً في فلسطين المحتلة، ويقول إنّ نتنياهو نجح في حماية الإسرائيليين من الواقع فقط.
“أريد أن يذكروني كحامٍ لإسرائيل وهذا يكفيني”. هذا ما قاله رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، في أحد أقواله التي أصبحت أيقونة. حصل ذلك خلال المنتدى الاقتصادي في دافوس كنوع من الدمج بين الوقاحة والتواضع المصطنع. منذ أن قال هذه الكلمات في كانون الثاني/يناير 2016، مرت 8 سنوات. ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، برز جنون العظمة الداحض لهذه الأقوال.
من بين كل تصريحات نتنياهو: لماذا نقشت في الوعي بالذات هذه الأقوال حتى قبل الحرب الحالية في غزة؟
نتنياهو فشل خلال سنوات في بناء الحماية لـ”إسرائيل” أمام الأعداء، ولكنه لم يفشل في مجال حاسم واحد، إذ قام بحماية الإسرائيليين بمهارة كبيرة من الواقع.
الوهم الذي نجح نتنياهو في بيعه لمعظم اليهود الذين يعيشون هنا كان سحر تهدئة كاذباً، لكن يجب الاعتراف بأنّ الطلب الكبير على هذه البضاعة لم يكن نتيجة مهارة تسويق البائع، فبالنسبة إلى المشتري كان، وما زال، هناك اهتمام كبير.
“البضاعة” هي مجموعة من الأكاذيب السهلة التي مكّنتنا من عدم النظر مباشرة إلى واقع غير مريح. هذا الواقع يظهر أن نصف الأشخاص الذين يعيشون بين البحر والنهر لا يزالون من الفلسطينيين حتّى بعد 100 سنة على الصهيونية، و”نكبة 1″، والآن “نكبة 2” في غزة.
أيضاً، الواقع هو أنّ أسلوب الأبرتهايد الذي قامت “إسرائيل” بتطويره للحفاظ على فجوة كبيرة وثابتة بين المساواة الديموغرافية وعدم المساواة السياسية والاقتصادية الذي ينظم كل مجالات الحياة هنا هو في أساسه طريقة عنيفة وغير ثابتة وخطيرة.
الأقوال أعلاه ليست مجرد رأي. هذا هو الواقع، وهذه هي الحقائق، خلافاً لعالم الأوهام الذي قمنا بشرائه بلهفة من حامينا، ولكن ثمن مواجهة الواقع مرتفع جداً.
السؤال الجوهري: هل نعيش هنا في دولة أو دولتين، في كونفيدرالية أو في ديمقراطية متفق عليها، في واقع نعتبر فيه الفلسطينيين من بني البشر، لهم وعي وتاريخ وهوية وطلبات سياسية منطقية يجب التعامل معها بنظرة متساوية؟ اغمضوا العيون، وانظروا إلى الوراء، متى كانت المرة الأخيرة التي نظر فيها أحدنا إلى الآخر بنظرة متساوية، وليس من أعلى نظام التفوق الذي قمنا بتطويره؟
أنا أذكر الخطاب الأخير لرئيس الحكومة إسحاق رابين في الكنيست في تشرين الأول/أكتوبر 1995، قبل شهر من اغتياله، في النقاشات حول المصادقة على اتفاق “أوسلو 2”. رابين بدأ أقواله بالكلمات المشحونة: “نحن لم نرجع إلى أرض فارغة”. اختيار هذه الكلمات بالتأكيد ليس مصادفة، فهو ينفي بشكل مباشر شعار الصهيونية: “أرض من دون شعب لشعب من دون أرض”، وهي صيغة مبكرة لكذب مهدئ من مدرسة الحامي، ولكن رابين اختار للحظة عدم الكذب وحاول أن يواجهنا بالواقع، فقد قال: “الفلسطينيون كانوا هنا”، فبالتحديد كان يوجد شعب هنا في هذه الأرض.
رابين قال في حينه أموراً أخرى هي جزء من استمرار نظام التفوق اليهودي، مثل “الكيان الفلسطيني” الذي سيكون “أقل من دولة”، والقدس عاصمة “إسرائيل” فقط، وحدود “إسرائيل” في غور الأردن وما شابه.
في الحقيقة، هذا لم يكن يختلف كثيراً عن خطة ترامب أو مقاربة نتنياهو “لإدارة” الصراع. مع ذلك، وهذا هو جوهر الأمر، توجد في هذه الأقوال كلمة المفتاح عن الأرض غير الفارغة