يلا نحكي إعادة الروح للفكر الاجتماعي في حركة فتح
الكاتب: جهاد حرب
يحيي الفتحاويون وأبناء الشعب الفلسطيني في الفاتح من يناير القادم الذكرى الثامنة والخمسين انطلاقة الثورة الفلسطينية الحديثة؛ كمحطة لمراجعة المسيرة واستنهاض القوى الداخلية واستخلاص العبر والدروس والتقويم والتصويب والتطوير وتجاوز الازمات، ولاستعادة الإشعاع الحضاري لها بالاستناد إلى المنطلقات الفكرية المجسمة في نظامها الأساسي والحاضة على إحداث التغيير الاجتماعي في المجتمع بما يحقق أهداف الثورة الفلسطينية.
الفرصة المتاحة في إحياء الذكرى الثامنة والخمسين لانطلاقة حركة فتح والثورة الفلسطينية تشكل نافذة للنظر بعمق لقواعد الأساس للفكر الاجتماعي لحركة فتح ورؤيتها لطبيعة المجتمع الفلسطيني في إطار نظرية التغيير الاجتماعي من خلال توسيع النقاش وتطوير الأدوات وترسيخ الفهم لمنطلقاتها لدى إطاراتها وكوادرها والمنتمين لها بهدف توحيد التوجهات لديهم في عملية بناء المجتمع التقدمي المطلوب ووفقا للوثائق الأساسية التي طورتها حركة فتح داخليا أو في الوثائق الرسمية لمنظمة التحرير أو الدولة الفلسطينية.
هذا الأمر يتطلب إجراء مراجعة لمستوى الفهم والخطاب القائم اليوم في القضايا الاجتماعية والتوجهات الأساسية في قطاعات المجتمع الفلسطيني وليس فقط الخدماتية، وبذات القدر النظر للتشريعات المنظمة لحياة المواطنين والسلوك القائم لدى إطاراتها بما ينسجم مع المنطلقات الفكرية لحركة فتح المختارة بعناية من قبل الآباء المؤسسين. إن ربط “بناء المجتمع التقدمي” بـ”إقامة الدولة الفلسطينية الديمقراطية ” في النظام الأساسي لحركة فتح اعتماداً على طبيعة الثورة القائمة على عملية التغيير الجذري للواقع المعاش نحو إنهاء التمييز وقمع الحريات العامة والفردية ونحو ضمان إعمال الحق الجمعي بتقرير المصير، يشكل مرتكزا لأيِّ برنامج اجتماعي ترغب حركة فتح اعتماده أو لأيِّ رؤية للمجتمع أو سلوك لقياداتها وإطاراتها باعتبارها ضابط مُحكم لا انفكاك منه ومعيار لأيِّ خطاب أمام المواطنين يحاسب عليه.
إنَّ قواعد الأساس هذه تحدد طبيعة المجتمع التقدمي الذي “يضمن حقوق الإنسان ويكفل الحريات العامة لكافة المواطنين” وتحفظ الدولة للمواطنين “حقوقهم الشرعية على أساس العدل والمساواة دون تمييز بسبب العنصر أو الدين او العقيدة”. وهي كذلك توجب تطوير وتفصيل آليات بناء المجتمع التقدمي “الحلم” بما ينسجم مع نظرية التغيير والتقدم من جهة، وطلائعية التنظيم الثوري القائد للجماهير من جهة ثانية، وتفاعلات القوى الحية في المجتمع الفلسطيني من جهة ثالثة، وتحقيق العدالة الاجتماعية وتجسيد سيادة القانون من جهة رابعة.
في ظني أنَّ الاحتفاء بالذكرى 58 لانطلاقة حركة فتح هذه الأيام توجب تعميق النقاش الداخلي، وفتح فضاءات ومساحات حوارية لإعادة الروح للقواعد الأساس في الفكر الاجتماعي لحركة فتح أيّ العقل الجمعي بالأساس؛ لبناء المجتمع التقدمي المنشود، ولتعظيم قدسية حرية الإنسان أساس الثورة والمجتمع، ولتوحيد الرؤية للقضايا الاجتماعية المختلفة لدى إطارات حركة فتح ومؤسساتها، ولاعتماد برنامجاً اجتماعياً ينسجم مع القواعد الأساس لحركة فتح.