كتاب المؤشر

استراتيجية التفكيك او جيوش الليغو

المؤشر 14-12-2024  

بقلم : معمر العويوي

تاريخ العرب في القرن الحديث مليء بالتحديات والمآسي، وواحدة من أبرز هذه التحديات هي الهيمنة الأمريكية في المنطقة، وخاصةً من خلال استراتيجياتها العسكرية التي تركزت على تفكيك القوى العسكرية للعراق وسوريا. في هذا السياق، يُشير التاريخ إلى أن الاحتلال الإسرائيلي لطالما كان يخشى من ثلاثة جيوش عربية رئيسية: الجيش العربي العراقي، الجيش السوري، وجيش المصري. كل من هذه الجيوش كان يمثل قوة رادعة لأي محاولة تهدف إلى السيطرة على المنطقة أو فرض الهيمنة عليها.

بعد سقوط نظام صدام حسين في العراق، تعرضت القوات المسلحة العراقية لتدمير ممنهج لأدواتها العسكرية واستراتيجياتها الدفاعية من قبل القوات الأمريكية. هذا التدمير لم يكن مجرد تقويض لسلطة العراق، بل كان جزءاً من استراتيجية أكبر تستهدف نقل المنطقة إلى حالة من الفوضى والضعف. اليوم، نرى أن نفس السيناريو يتكرر في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، مما يثير القلق وخوف من إمكانية انتقال القوة العسكرية العربية إلى أيدٍ نقية قد تستخدم تلك القوة لتحرير أراضي العرب من الهيمنة الأمريكية.

تفككت الجيوش والأسلحة الهجومية والدفاعية العراقية والسورية، مثلما يفكك الطفل لعبة “الليغو” بحثاً عن متعة جديدة. تفككت الجيوش التى كانت تشكل رعبا لشعوبها ،هل سقوط صدام والسقوط السريع لنظام الأسد دون استخدام سلاحهم ضد الأمريكان او إسرائيل يعني أن كليهما كانا خارج دائرة السيطرة على ترسانتهما العسكرية؟

في هذا السياق، يجب أن يكون الرئيس المصري السيسي، القائد الأعلى للقوات المسلحة المصرية، على دراية كاملة بمن يتحكم في القرارات العسكرية في بلاده. فالشعب المصري بحاجة إلى أن يدرك أن أي تصعيد محتمل قد يعرض القوات المسلحة المصرية لمخاطر كبيرة، ومعرفة قرار الحرب والهجوم والدفاع بيد من؟

خاصة في ضوء تراجع القوة العسكرية العربية بشكل عام. إن الأمن القومي العربي بحاجة ماسة إلى إنشاء تحالفات استراتيجية بين الدول العربية لبناء جيوش قادرة على مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.

يشكل التفكك الملاحظ في القوى العسكرية العربية انذارًا خطيرًا للأمن القومي. إذ يمثل التركيز على تفكيك الجيوش والأنظمة العسكرية احدى أبرز استراتيجيات الهيمنة في المنطقة، بينما يتطلب الأمر تكاتفًا عربيًا لمواجهة هذه التحديات وأخذ زمام المبادرة لحماية الهوية العربية ومنع أي قوى خارجية من استغلال حالة الفوضى التي تعيشها الدول العربية اليوم.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى