لماذا قد يؤدي استبدال الـ AI بالشباب إلى "دورة جديدة من تآكل المواهب"؟

لماذا قد يؤدي استبدال الـ AI بالشباب إلى "دورة جديدة من تآكل المواهب"؟

المؤشر 17-11-2025   مع ازدياد الشركات التي تعلن صراحة عن تسريح موظفين بدافع الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في العام 2025، تبدو الوظائف الأولى المعرضة للخطر هي المناصب المبتدئة ووظائف الفئة الأولى من السُلّم الوظيفي.

باتت برامج الخريجين والتدريب المهني مهددة بالاندثار مع اتجاه الشركات الكبرى إلى خفض عدد الموظفين سعياً لتوسيع استخدام الذكاء الاصطناعي.

في الآونة الأخيرة، سرّحت "أمازون" 14 ألف موظف من فئات الشركات، في إطار تركيزها على "أكبر رهاناتها" التي تشمل الذكاء الاصطناعي التوليدي.

ومن بين الشركات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتقوم بخفض العمالة: "أكسنتشر"، "سيلزفورس"، "لوفتهانزا"، و"دولينغو".

وتتزايد الآن المخاوف بشأن ما إذا كان الذكاء الاصطناعي قادراً على أداء مهام الموظفين المبتدئين والخريجين الجدد، مما يرفع حواجز الدخول أمامهم.

ووفقاً لمسح جديد شمل 2,019 من كبار مسؤولي الموارد البشرية وصناع القرار، أجراه "معهد تشارترد للموارد البشرية والتنمية" (CIPD)، فإن 62 % من أصحاب العمل في المملكة المتحدة يتوقعون أن الوظائف المبتدئة والإدارية والكتابية ستكون الأكثر عرضة للخسارة لصالح الذكاء الاصطناعي.

 

وتُظهر بيانات إضافية تراجعاً في عدد الوظائف المتاحة للخريجين خلال العام الماضي. ففي الولايات المتحدة، انخفضت إعلانات الوظائف للمستوى المبتدئ بحوالي 35% منذ يناير/ كانون الثاني 2023، حسب بيانات شركة الأبحاث العمالية "ريفليو لابز".

وفي المملكة المتحدة، كشف "معهد أصحاب العمل للطلاب" في مسحه السنوي أن أقل من 17 ألف وظيفة للخريجين تلقت 1.2 مليون طلب، ما يبرز شدة المنافسة وضآلة الفرص المتاحة للشباب.

ويرى الأستاذ المساعد في الذكاء الاصطناعي والعمل في "معهد الإنترنت بجامعة أكسفورد"، فابيان ستيفاني، أن تقليص التوظيف للكوادر المبتدئة يعني استنزاف استثمار الشركات في مستقبلها، بحسب ما نقلته MakeIt.

وعلى الرغم من أن الموظفين الجدد أكثر عرضة للأخطاء ويحتاجون لتدريب مباشر، أن استبدال الذكاء الاصطناعي بهم سيعود بالضرر على الشركات على المدى الطويل.

قيادة المستقبل

يقول الرئيس التنفيذي لشركة التوظيف Robert Walters في المملكة المتحدة وأميركا الشمالية، كريس إلدريدج، إن المؤسسات الصحية تبني مواهبها داخلياً، ولا يمكنها الاعتماد دائماً على التوظيف من الخارج.

ويضيف: إذا أزلت عدداً كبيراً من الوظائف المبتدئة، ستُفقر خط المواهب الداخلي. هذه المناصب هي البيئة التي تُصنع فيها قيادات المستقبل. وإذا بالغتَ في تقليص هذا المستوى، ستواجه اختناقاً في المواهب يؤدي إلى ارتفاع تكاليف التوظيف لاحقاً.

وإذا لم تمتلك الشركة ما يكفي من المواهب الشابة، فستضطر لاحقاً إلى التوظيف الخارجي بشكل مكثف، مما يخلق "حلقة تآكل المواهب" حيث ترتفع التكاليف والأجور، وتتزايد تبعية المؤسسة لسوق المواهب الخارجية

ويتابع إلدريدج: "ننصح كل مؤسسة بأن تنوّع مصادر المواهب، وإحدى هذه الطرق هي أن تصنع مواهبها بنفسها".

كما أن الاحتفاظ بالمواهب عبر التدريب وتطوير المهارات عنصر حاسم للنمو، “لكن إغلاق بوابة دخول المواهب المبتدئة يعني خسارة جانب أساسي من تطور المؤسسة.”

جسر الأجيال

ويرى ستيفاني من جامعة أكسفورد أن الشركات التي تتوقف عن تغذية صفوفها بالشباب ستفقد اتصالها مع المستهلكين والثقافة السائدة.

ويقول: "الشركة جزء من المجتمع، وإذا لم تعكس المجتمع، فمن الصعب تصور نموذج عمل أو منتج لا يحتاج إلى هذا الجسر بين الأجيال.. فالشباب يجلبون أفكاراً جديدة ومنظوراً مختلفاً".

ويحذر من أن الشركات التي لا توظف شباباً ستتحول إلى ما يشبه "دار رعاية للمسنين، مردفاً: "شركة مكوّنة من أشخاص على وشك التقاعد، بدون الحدّة ولا الحيوية اللازمة لابتكار منتجات جديدة".

ويتفق إلدريدج مع هذا الرأي، موضحاً أن هناك اعتقاداً خاطئاً بأن الأفكار الجيدة تأتي من القمة دائماً، بينما "نسبة كبيرة جداً من أفضل الأفكار تأتي من الموظفين خلال أول عامين أو ثلاثة من عملهم، لأن رؤيتهم جديدة".